الأربعاء، 30 ديسمبر 2020

مختصر شعب الإيمان للإمام البيهقي - 62 رد السلام

 


62 - الثاني والستون من شعب الإيمان

وهو باب في رد السلام

 

 قال الله عز وجل :(يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ) فأبان أنه عز جل أمر به لأنه أفضل.

 وقال:( إذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم) يعني يسلم بعضكم على بعض( تحية من عند الله مباركة طيبة) فمن سلم فإنما يتأدب بأدب الله عز وجل ، ويحيي إخوانه المسلمين بما أمره الله تعالى أن يحييهم به ثم إنه جل وعز قال في الرد :(وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) فأمر أن يقابل المحيي بأحسن من تحيته،  أو يرد تحيته عليه.

 

 وقد بينا أن السلام تحية فصح أن من سلم عليه فعليه أن يجيب المسلم بأحسن من تسليمه، أو يقول له مثله، فيكون قد رد عليه تحيته، ومعنى الرد أن يدعو له مثل ما دعا ، فيقول: وعليكم السلام، أو يزيد فيقول: ورحمة الله،  وإن كان قد قال المسلم: السلام عليكم ورحمة الله، قال في الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وهذا حد السلام ورده في الشريعة .

 

قال وإنما كان رد السلام فرضا ، وإن كان الابتداء تحية وبرا، لأن الأصل في التسليم أنه كلام أمان،  فإن من دعا لآخر بالسلامة فقد أعلمه من نفسه أنه لا يريد به شرا ، والأمان لا يتفرق حكمه بين اثنين، فإذا كان أحدهما آمنا من الآخر، فواجب أن يكون الآخر آمنا منه، فلا يجوز إذا سلم واحد على آخر أن يسكت عنه فيكون قد أخافه وأوهمه الشر، من نفسه فلذلك وجب عليه الرد .

 

8665  - عن أبي سعيد أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال:" إياكم والجلوس على الطرقات، وإن كنتم لا بد فاعلين، فاهدوا السبيل، وأعينوا المظلوم ، وردوا السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"  أخرجه البخاري في الصحيح .

 

8666  - عن أبي سعيد الخدري أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال :" إياكم والجلوس بالطرقات" قالوا: يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها،  فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  :"إذا أبيتم إلا المجلس، فأعطوا الطريق حقه"  قالوا : وما حق الطريق؟ قال:" غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" .

أخرجه مسلم عن محمد بن رافع.

 

8670 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  :" خمس تجب للمسلم على أخيه: رد السلام، وتشميت العاطس، وعيادة المريض ، واتباع الجنازة ، وإجابة الدعوات".

 رواه مسلم في الصحيح عن عبد بن حميد عن عبد الرزاق .

 

8675 -  عن عروة بن الزبير أن رجلا سلم عليه فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال عروة: ما ترك لنا فضلا إن السلام انتهى إلى وبركاته . (إسناده جيد).

 

 

فصل في الرد على أهل الكتاب

 

8677 - عن عائشة قالت: كان أناس من اليهود يأتون رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فيقولون: السأم عليك، فيقول :" وعليكم " ففطنت بهم عائشة فسبتهم ، فقال:" مه يا عائشة، إن الله عز وجل لا يحب الفحش ولا التفحش" قالت:  يا رسول الله إنهم يقولون كذا وكذا، قال:" أليس قد رددت عليهم" فأنزل الله تبارك وتعالى :(وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله) إلى آخر الآية

رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم عن يعلى بن عبيد .

 

8678 - عن عائشة قالت: استأذن رهط من المشركين على النبي  صلى الله عليه وسلم  فقالوا: السام عليك يا أبا القاسم،  قال: " وعليكم " فقالت عائشة: بل عليكم السام واللعنة ،فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" مه يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله " فقالت: أما سمعت ما قالوا إنما قالوا السام عليك قال:" قد قلت وعليكم" أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة وغيره .

 

8680 - عن جابر بن عبد الله قال: سلم ناس من اليهود على النبي  صلى الله عليه وسلم  فقالوا :السام عليك يا أبا القاسم فقال:" وعليكم وإنا نجاب عليهم ولا يجابون علينا "رواه مسلم في الصحيح .

 

8681 – عن أنس قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" إذا سلم عليكم أهل الكتاب، فقولوا :وعليكم " رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى

وأخرجه البخاري عن عثمان بن أبي شيبة عن هشيم .

 

فصل فيمن يسلم عليه وهو في الصلاة

 

8683 - عن صهيب قالك مررت على رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وهو يصلي فسلمت عليه فرد علي إشارة.

 قال ليث: حسبته قال بإصبعه .

 

8684 - عن بن عمر في رد السلام في الصلاة قال: يومئ برأسه ،أو يشر بإصبعه .

 

 

 

فصل

 قال ومعنى قول القائل: السلام عليك فهو قضى الله عليكم بالسلامة مما تكرهون، والسلام والسلامة كالمقام والمقامة، والملام والملامة، وإنما قيل عليكم ولم يقل لكم،  لأن المراد القضاء ، والقضاء للعبد بالخير قضاء من الله جل جلاله عليه،  لأنه يناله أراده أو لم يرده،  وقد يناله وهو لا يشعر به، وقد قيل: معناه اسم السلام عليكم أي اسم الله عليكم، أي كانت فيكم البركة، ولكم اليمن والسعادة، كما يكون فيما ذكر اسم الله

 

فصل في المكافأة بالصنائع

 

8685 - عن أنس بن مالك قال: إن ناسا من المهاجرين قالوا: يا رسول الله ما رأينا قوما أحسن مواساة في قليل ولا أحسن بذلا من كثير منهم، لقد كفونا المؤنة وأشركونا في المهنأ، لقد خشينا أن يذهبوا بالأجر كله ، فقال : " أما ما دعوتم لهم، وأثنيتم عليهم مكافأة أو شبه المكافأة ".

 

8687 - عن جابر بن عبد الله قال :قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" من أعطى عطاء فوجد فليجز به، ومن لم يجد فليثن، فمن أثنى فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره، والمتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور ". (إسناده حسن). ( ومن أثنى بما لم ينل كلابس ثوبي زور) جزء من حديث آخر.

 

8694 - عن بن عمر أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال:" من سألكم بالله فأعطوه ، ومن استعاذكم بالله فأعيذوه ، ومن أتى إليكم معروفا فكافئوه،  فإن لم تجدوا فادعوا له، حتى تعلموا أنكم كافأتموه ، ومن استجاركم بالله فأجيروه " (إسناده صحيح).

 

8696 – عن  أبي هريرة قال :قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" لا يشكر الله من لا يشكر الناس".

 

8703-  عن محمد بن جبير عن أبيه أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال:" لو كان مطعم حيا ثم كلمني في هؤلاء ، لأطلقتهم له" يعني أسارى بدر. صححه الألباني.

 قال سفيان: وكانت له عند النبي  صلى الله عليه وسلم  يد وكان أجزي الناس باليد .

 

 8727 -  قال أبو عبيد : وحدثني حجاج عن بن جريج في قوله عز وجل:( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ) قال :لم يكن الأسير على عهد رسول الله  صلى الله عليه وسلم  إلا من المشركين.  قال أبو عبيد:  فأرى أن الله قد أثنى على من أحسن إلى أسير المشركين فحمل أبو عبيد هذا على ابتداء الإحسان إلى كل واحد .

 

8728 - عن وهب بن منبه قال: تركك المكافأة تطفيف قال الله عز وجل:( ويل للمطففين ).

 

8731  - عن صالح بن جناح قال: إعلم أن من الناس من يجهل إذا حلمت عنه ، ويحلم إذا جهلت عليه، ويحسن إذا أسأت به، ويسيء إذا أحسنت إليه ، وينصفك إذا ظلمته، ويظلمك إذا أنصفته، فمن كان هذا خلقه فلا بد من خلق ينصفك من خلقه،  ثم قحة تنصف من قحته ، وجهالة تقدح من جهالته ، وإلا أذلك،  لأن بعض الحلم إذعان، وقد ذل من ليس له سفيه يعضده،  وضل من ليس له حليم يرشده ، وفي الجهالة ونفعها الإحسان أقول:

 

 لئن كنت محتاجا إلى الجهل إنني                   إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج 

ولي فرس للحلم بالحلم ملجم                         ولي فرس للجهل بالجهل مسرج 

فمن شاء تقويمي فإني مقوم                          ومن شاء تعويجي فإني معوج 

وما كنت أرضى الجهل خدنا ولا أخا              ولكنني أرضى به حين أحوج 

فإن قال بعض الناس فيه سماجة                    فقد صدقوا والذل بالحر أسمج 

 

 


ليست هناك تعليقات: