الأربعاء، 30 ديسمبر 2020

مختصر شعب الإيمان للإمام البيهقي - 42 الإقتصاد في النفقة

 

42

الثاني والأربعون من شعب الإيمان

وهو باب الاقتصاد في النفقة وتحريم أكل المال الباطل

 

قال الله عز وجل : (  ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا  ) وقال: (   وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا  ).

 وقال في صفة الذين سماهم عباد الرحمن : ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ).

  فاشتملت هذه الآيات كلها على الأمر بالاقتصاد والنهي عن الإسراف ، وذلك موافق للنهي عن الإسراف في الأكل والشرب لأن الله عز وجل يقول: ( كلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)  فإذا كان الإسراف في الأكل والشرب ممنوعا ، وجب أن يكون الإسراف في الإنفاق ممنوعا لأن ذلك إنما يكون بصرف المال في أكثر مما يحتاج إليه من المأكول والمشروب،  وذلك الأكثر ممنوع من أكله،  فينبغي أن يكون صرف المال في الممنوع ممنوعا ،

 

وحد السرف في الأكل أن يجاوز الشبع ويثقل البدن حتى لا يمكن  معه أداء واجب ولا قضاء حق إلا بحمل على البدن.

 وليس السرف في الإنفاق كل ما ذكرنا لكن في المسكن والملبس والمركب والخدام من السرف مثل ما في الطعام والشراب،  فأما الإنفاق فيما يبقى وينمو فليس بسرف كشري الضياع والمواشي للنسل لأن هذه تغل وتنمو فيزداد بما يصرف فيها أضعافه .

 

قال ومما يدخل في جملة التبذير والإسراف أن لا يبالي الواحد فيما يشتري ويبيع كأن يغبن أو يغبن فيبيع بوكس ويشتري بفضل

وقد روي عن بن عباس أنه قال في قول الله عز وجل : ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل )

قال: الرجل يشتري المتاع فيرده ويرد معه دراهم قال : وكل هذا ممنوع ، وهذا الوجه هو الموجب للحجر .

وكذلك الإنفاق في الملاهي والشهوات المحرمة من التبذير الموجب للحجر والوقف،  فأما إذا اشترى طعاما أكثر من حاجته أو لباسا أو خادما أكثر من حاجته فهو وإن كان سرفا فليس من السرف الموجب للحجر لأنه يستبدل بالملك ملكا يوازنه وإنما ينبع  الإسراف منه في الانتفاع بما ملكه .

 

6125 -  عن محمد بن عبيد الله الثقفي، عن وراد قال كتب المغيرة بن شعبة إلى معاوية وزعم وراد أنه كتبه بيده أني سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال :" إن الله حرم ثلاثا : عقوق الوالدات،  ووأد البنات ولا وهات،  ونهى عن ثلاث: قيل وقال ، وإضاعة المال،  وإلحاف السؤال"

 أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن محمد بن سوقة

ورواه أبو داود الفزاري عن بن سوقة قال فأخبرني عبد الملك بن سعيد بن جبير أن سعيد بن جبير سئل عن إضاعة المال قال :هو الرجل يرزقه الله الرزق فيجعله في حرام حرمه عليه وهذا من جملة إضاعة المال ويدخل فيها ما تقدم ذكرناه .

 

6127 -  عن عكرمة عن بن عباس في قوله : ( إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ) ،

قال :هم الذين ينفقون المال في غير حقه

 

6129 - عن سعيد بن جبير في قوله عز وجل: ( ما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين قال: في غير إسراف ولا تقتير .

 

6132 -  عن الحسن قال: ما أنفق رجل على أهله في غير إسراف ولا إقتار فهو في سبيل الله عز وجل .

 

6134 -  عن الحسن قال: قال أصحاب رسول الله  صلى الله عليه وسلم  لرسول الله  صلى الله عليه وسلم  ما نفقتنا على أهالينا ؟ قال: " ما أنفقتم على أهليكم في غير إسراف ولا تقتير، فهو في سبيل الله".

 

6140  - عن عائشة قالت: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم:  " إذا أراد الله بأهل بيت خيرا ، أدخل عليهم الرفق في المعاش".

قال الألباني صحيح.

 

6144 -  عن سالم بن أبي الجعد أن رجلا رقي إلى أبي الدرداء وهو يلتقط حبا،  فكأنه استحيا، فقال ارق أواصعد، فإن من فقهك رفقك في معيشتك .

 

6158 -  عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال:" فراش للرجل ، وفراش لامرأته،  وفراش للضيف، والرابع للشيطان ".

أخرجه مسلم من حديث بن وهب عن أبي هانئ .

 

6164 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا زكريا العنبري يقول :من كانت همته دون ماله كانت رجله ثابتة في ركابه ، ومن كانت همته فوق ماله زالت رجله عن ركابه .

 

6165 -  عن الأعمش عن إبراهيم قال: كان لا يعجبهم كثرة الأثاث في بيوتهم ، وكان يعجبهم ما وسعوا به على عيالهم .

 

قال الحليمي رحمه الله:  والاقتصاد في كل أمر أفضل وأجمل من البغي فيه، حتى الحب والبغض،  

 

أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما.

 وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما .

 

6173 -  عن زيد بن أسلم عن أبيه قال قال عمر رضي الله عنه: يا أسلم لا يكن حبك كلفا، ولا بغضك تلفا ، قال قلت: وكيف ذلك؟ قال: إذا أحببت فلا تكلف كما يكلف الصبي بالشيء يحبه، وإذا أبغضت فلا تبغض بغضا تحب أن تتلف صاحبك أو تهلك .

 

6175 -  عن محمد بن يحيى الصولي يقول سمعت أبا العباس (المبرد) يقول: يقال: إذا سمعت كلمة من حاسد فكن كأنك لست بالشاهد،  ولا تزهدن في معروف فإن الدهر ذو صروف، وإذا أحببت فلا تفرط في حبك وإذا أبغضت فلا تشطط .

 

6178  - عن أبي إسحاق قال علي بن أبي طالب يتمثل بشيء من الشعر:

 فكن معدنا للحلم واصفح عن الأذى 

فإنك رائي ما علمت وسامع 

وأحبب إذا أحببت حبا مقاربا 

فإنك لا تدري متى أنت نازع

وأبغض إذا أبغضت بغضا مباعدا 

فإنك لا تدري متى الود راجع

 

 


ليست هناك تعليقات: