الأربعاء، 30 ديسمبر 2020

مختصر شعب الإيمان للإمام البيهقي - 14 حب النبي صلي الله عليه وسلم

 


14 الرابع عشر من شعب الإيمان

وهو باب في حب النبي  صلى الله عليه وسلم

 

1311 -  عن أنس بن مالك قال قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم:"  لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ".

رواه البخاري عن آدم

 وأخرجه مسلم من وجه آخر عن شعبة .

 

1312 -  عن أنس قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين".

 رواه البخاري في الصحيح عن يعقوب بن إبراهيم .

ورواه مسلم عن زهير بن حرب عن إسماعيل .

 

1313 -  ثنا شعبة أخبرني قتادة قال سمعت أنس بن مالك يحدث أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال:" ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: من يكن الله ورسوله أحب إليه مما سواهما،  وأن يقذف الرجل في النار أحب إليه من أن يرجع في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، وأن يحب الرجل العبد لا يحبه إلا لله "  أو قال:" في الله" وشك أبو داود .

 

1314 -  ثنا شعبة ثنا قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" لا يجد أحدكم حلاوة الإيمان حتى يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وحتى يكون أن يقذف في النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه ، وحتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما".

 رواه البخاري في الصحيح عن آدم

 وأخرجه مسلم من وجه آخر عن شعبة على اللفظ الأول أو قريبا منه .

وكذلك رواه أبو قلابة وثابت، عن أنس بن مالك .

 

1316 - عن سالم بن أبي الجعد عن أنس بن مالك قال: جاء رجل إلى النبي  صلى الله عليه وسلم  فقال: متى الساعة؟ فقال:" ما أعددت لها؟" فقال:لا ، إلا أني أحب الله ورسوله،  فقال:" أنت مع من أحببت ".

رواه البخاري في الصحيح عن عبدان .

ورواه مسلم عن محمد بن يحيى بن عبد العزيز عن عبدان .

 

1318  - عن زهرة بن معبد بن عبد الله بن هشام القرشي ثم التيمي عن جده عبد الله بن هشام وكان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  مسح برأسه ودعا له وهو صغير قال :كنا مع رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال له عمر والله يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا نفسي. فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" لا، والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك"  قال عمر: فأنت الآن والله أحب إلي من نفسي.

 فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" الآن يا عمر ".

 

1319 -  .... زهرة بن معبد بن عبد الله بن هشام أنه سمع جده عبد الله بن هشام يقول كنا مع رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وهو آخذ بيد عمر فذكر الحديث

ورواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن سليمان عن بن وهب عن حيوة .

 

1320 -  عن أبي الزناد عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة قال :قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده ".

 

1321 -  عن أبي عمرو الشيباني أخبرني جبلة بن حارثة قال قدمت على رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فقلت: يا رسول الله ابعث مع أخي زيدا قال:" هو ذا فإن انطلق لم أمنعه" فقال زيد :لا والله يا رسول الله لا أختار عليك أحدا أبدا .قال فرأيت رأي أخي أفضل من رأيي.

 

قال الحليمي رحمه الله : وأصل هذا الباب أن يقف على مدائح رسول الله  صلى الله عليه وسلم  والمحاسن الثابتة له في نفسه، ثم على حسن  آثاره في دين الله عز وجل، وما يجب له من الحق على أمته شرعا وعادة، فمن أحاط بذلك وسلم عقله علم أنه أحق بالمحبة من الوالد الفاضل في نفسه،  البر الشفيق على ولده،  ومن المعلم الرضي في نفسه ، المقبل على المتعلم المجتهد في التخريج .

ومدائح رسول الله  صلى الله عليه وسلم  كثيرة .

منها:  شرف أصله وطهارة مولده.

 ومنها: أسماؤه التي اختارها الله له،  وسماه بها.

 ومنها: إشادة الله تعالى بذكره قبل أن يخلقه حتى عرفه الأنبياء صلوات الله عليهم وأممهم قبل أن يعرف نفسه وتعرفه أمته.

 ومنها :حسن خلقه وخلقه وكرم خصائله وشمائله .

ومنها: بيانه وفصاحته وقوله :"أوتيت جوامع الكلم واختصر لي الحديث اختصارا ".

ومنها: حدبه على أمته ورأفته بهم وما ساق الله تعالى به إليهم من الخيرات العظيمة في الدنيا وعرضهم له من شفاعته لهم في الآخرة .

ومنها: زهده في الدنيا وصبره على شدائدها ومصائبها.

 

 وأما المرتبة العظمى وهي النبوة والرسالة فله فيها من المآثر الرفيعة عموم  رسالته الثقلين وشمولها بين الخافقين وأنه خاتم النبيين وسيد المرسلين وأكرمهم في الدنيا أعلاما ، وأحمدهم في الآخرة مقاما،  وذلك أنه أول من تنشق عنه الأرض ، وأول شافع ومشفع ، وهو صاحب اللواء المحمود،  وصاحب الحوض المورود ، وأقسم الله بحياته، ولم يخاطبه باسمه في القرآن ولا كنيته،  بل دعاه باسم النبوة والرسالة واصطفاه بذلك على الجماعة.

 

 

 

 

فصل

في شرف أصله وطهارة مولده  صلى الله عليه وسلم

 

1322 -  عن العرباض بن سارية صاحب النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يقول :" إني عبد الله وخاتم النبيين،  وإن آدم لمنجدل في طينته،  وسأخبركم عن ذلك ، دعوة إبراهيم،  وبشارة عيسى بي ، ورؤيا أمي التي رأت وكذلك أمهات النبيين يرين وان أم رسول الله  صلى الله عليه وسلم  رأت حين وضعته نورا أضاءت له قصور الشام ".

 

قال البيهقي رحمه الله:  ورواه أبو بكر بن أبي مريم عن سويد بن سعيد عن العرباض عن النبي  صلى الله عليه وسلم  :" إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين".

 وإنما أراد والله أعلم -  أنه كذلك في قضاء الله وتقديره قبل أن يكون آدم عليه السلام.

 

 وأما دعوة إبراهيم عليه السلام فإنه لما أخذ في بناء البيت دعا الله تعالى فقال:( ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك إنت العزيز الحكيم)

 البقرة 129  فاستجاب الله دعاءه في نبينا محمد  صلى الله عليه وسلم .

وأما بشارة عيسى عليه السلام فهو أن الله تعالى أمر عيسى عليه السلام فبشر به قومه فعرفه بنو إسرائيل قبل أن يخلق .

 

1323 -  عن أبي قتادة الأنصاري عن النبي  صلى الله عليه وسلم  أنه قال له رجل: يا رسول الله صوم يوم الاثنين؟ قال :" فيه ولدت وفيه أنزل علي القرآن".

أخرجه مسلم في الصحيح .

 

1324 -  ثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق قال :ولد رسول الله  صلى الله عليه وسلم  لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول.

 

 قال البيهقي رحمه الله وروينا عن بن عباس ثم عن قيس بن مخرمة ثم عن قباث بن أشيم أن النبي  صلى الله عليه وسلم  ولد عام الفيل .

وكان الزهري ومن تابعه يقولون ولد بعده والأول أصح .

 

فلما وضعته بعثت إلى عبد المطلب جاريتها وقد هلك أبوه عبد الله وهي حبلى(وهو الصواب ) ويقال ان عبد الله هلك والنبي  صلى الله عليه وسلم  بن ثمانية وعشرين شهرا والله أعلم أي ذلك كان.

 قال بن إسحاق ومات عبد المطلب والنبي  صلى الله عليه وسلم  بن ثمان سنين وهلكت أمه آمنة بنت وهب بالأبواء والنبي  صلى الله عليه وسلم  بن ست سنين.

 

 قال بن إسحاق: فلما وضعته بعثت إلى عبد المطلب فقالت قد ولد لك الليلة غلام فانظر إليه فلما جاءها أخبرته بخبره ، وحدثته بما رأت حين حملت به، وما قيل لها فيه، وما أمرت أن تسميه فأخذه عبد المطلب فأدخله في جوف الكعبة .

وذكر بن إسحاق دعاءه وأبياته التي قالها في شكر الله تعالى على ما وهبه .

قال واسترضع له من حليمة بنت أبي ذؤيب وأبو ذؤيب عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر.

 واسم أبي رسول الله  صلى الله عليه وسلم  الذي أرضعه: الحارث بن عبدالعزى بن رفاعة بن ملان بن ناصرة بن سعد بن بكر بن هوازن .

وإخوته من الرضاعة : عبد الله بن الحارث،  وأنيسة بنت الحارث، وحذافة بنت الحارث،  وهي الشيماء وهي التي  كانت تحضن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  مع أمه إذا كان عندهم .

 

وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة( بن خزيمة ) بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .....

 

قال أبو عبد الله الحافظ رحمه الله: نسبة رسول الله  صلى الله عليه وسلم  صحيحة إلى

عدنان وما وراء ذلك فليس فيه شيء يعتمد .

قال البيهقي رحمه الله : وذلك لاختلاف النسابين في ذلك منهم من يزيد ومنهم من ينقص ومنهم من يغير.

 وأقرب الناس برسول الله  صلى الله عليه وسلم  بنو عبد المطلب بن هاشم وهم العباس وآل أبي طالب وآل الحارث وآل أبي لهب .

وأبو طالب وعبد الله - أبو رسول الله  صلى الله عليه وسلم - اخوان من أم دون بني عبد المطلب .

 

وبنو عبد شمس والمطلب وهم أخوة هاشم بن عبد مناف لأبيه وأمه.

 ثم يليهم أخوتهم لأبيهم بنو نوفل بن عبد مناف .

ثم يليهم بنو اسد بن عبدالعزى بن قصي وبنو عبد الدار بن قصي وذكر سائر القبائل.

 

 ثم قال إبراهيم ابن المنذر: وولد عبد المطلب بن هاشم عشرة نفر وست نسوة :العباس وحمزة وعبد الله وأبو طالب واسمه عبد مناف والزبير والحارث وحجل والمقوم وأبو لهب واسمه عبد العزى وصفية وأم حكيم وهي البيضاء وعاتكة وأميمة وأروى وبرة .

قال: فولد عبد الله بن عبد المطلب رسول الله  صلى الله عليه وسلم  سيد ولد آدم محمد بن عبد الله ، وأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر .

 

ثم ذكر أنساب الجدات.

 ثم قال: ورسول الله  صلى الله عليه وسلم  أشرف ولد آدم حسبا وأفضلهم نسبا من قبل أبيه وأمه.

 

1328 -  عن الأوزاعي حدثني أبو عمار شداد عن واثلة بن الأسقع قال:قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  :" أن الله اصطفى كنانة من بني إسماعيل، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم ".

أخرجه مسلم في الصحيح من حديث الأوزاعي .

1329 -  عن أبي هريرة أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال:" بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا حتى كنت من القرن الذي كنت فيه ".

1331 -  عن بن عباس في قوله تعالى:(   وإنه لذكر لك ولقومك )

 قال: شرف لك ولقومك .


فصل في أسمائه  صلى الله عليه وسلم

 

1334 - عن الزهري حدثني محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يقول :" إن لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفار،  وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي،  وأنا العاقب،  والعاقب ليس بعده نبي".

 رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان.

 ورواه مسلم عن عبد بن حميد عن أبي اليمان

 وأخرجه مسلم من حديث معمر عن الزهري ، وفيه قال قلت للزهري ما العاقب قال الذي ليس بعده نبي .

 

1336 -  عن أبي موسى قال :كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  سمى لنا نفسه أسماء فقال:" أنا محمد،  وأحمد،  والحاشر ، والمقفي ، ونبي التوبة ،والملحمة".

 لفظهما سواء غير أن في حديث المسعودي قال سمي لنا رسول الله  صلى الله عليه وسلم ( نفسه منها ما حفظنا).

 رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم عن جرير.

 

 قال البيهقي رحمه الله:  فهذه عشرة أسماء وردت في هذه الأحاديث ، فأما محمد وأحمد فاسمان من أسماء الأعلام التي يراد بها التمييز من الأشخاص .

 

قال الحليمي رحمه الله:  من تأمل علم أنه ليس من أسماء الناس اسم يجمع من الحسن والفضل ما ينتظمه محمد وأحمد، لأن محمد هو المبالغ في حمده، والحمد في هذا الموضع المدح ، وأحمد هو الأحق بالحمد وهو المدح أيضا .

 

1337 -  عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم:"  يا عباد الله انظروا كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم، يشتمون مذمما وأنا محمد، ويلعنون مذمما وأنا محمد".

 

... حدثنا محمد بن الصباح حدثنا سفيان عن أبي الزناد فذكره باسناده غير أنه قال:" ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش،  ولعنهم يشتمون مذمما ،ويلعنون مذمما، وأنا محمد".

 

 رواه البخاري في الصحيح عن علي بن عبد الله عن سفيان.

 

 وأما الحاشر فتفسيره في الحديث ومعناه أول من يبعث من القبر ، وكل من عداه فإنما يبعثون بعده ، وهوأول من يذهب به إلى المحشر،  ثم الناس بعده على أثره .

 

وأما الماحي فتفسيره أيضا قد مضى في الحديث ، ومعلوم أن الله تعالى هو الحاشر والماحي،  وإنما سمي النبي  صلى الله عليه وسلم  بهما لأن الله تعالى جعل حشره سببا لحشر غيره،  ونبوته سببا لإزهاق الباطل كله من الكفر وغيره ، فصار من طريق التقدير كأنه الحاشر والماحي.

 وأما المقفي فمعناه المتبع .

ويحتمل أن يكون المراد المقفي لإبراهيم عليه السلام لقوله تعالى:( أن اتبع إبراهيم حنيفا) النحل 123 ، ويحتمل أن يكون المقفي لموسى وعيسى وغيرهما من أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام لنقل قومهم عن اتباعهم إلى إتباعه،  أو عن اليهودية والنصرانية إلى الحنيفية السمحة.

 

 وأما العاقب والخاتم فقد مضى تفسيرهما في الحديث وأما بني الرحمة فقد جاء عن النبي  صلى الله عليه وسلم  أنه قال :"إنما أنا رحمة مهداة".

 

1338 -  عن أبي هريرة قال قيل: يا رسول الله ادع الله على المشركين.

 قال :"إنما بعثت رحمة ولم أبعث عذابا".

 وهذا- والله أعلم- على أنه كان يرجو إسلامهم .

 

وذلك على معنى أن الله تعالى بعثه ليرحم به عباده ويخرجهم على لسانه من الظلمات إلى النور كما قال الله عز وجل حين امتن عليهم:( واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ).

 

وأما نبي التوبة فلأنه أخبر عن الله تعالى أنه يقبل التوبة عن عباده إذا تابوا كبرت ذنوبهم أو صغرت،  ولعل الأمر في شرائع المتقدمين لم تكن بهذه السهولة فلذلك قال:"أنا نبي التوبة ".

 

1341 -  عن بن مسعود قال: كان الرجل- أحسبه قال - في بني إسرائيل إذا أذنب أصبح على بابه مكتوبا: أذنب كذا وكذا،  وكفارته من العمل كذا ، فلعله أن يتكاثره أن يعمله.

 

 قال بن مسعود ما أحب أن الله أعطانا ذلك مكان هذه الآية :( ومن يعمل سوء أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ).

 

قال الحليمي رحمه الله: وأما نبي الملحمة فلأن الله تبارك وتعالى فرض عليه جهاد الكفار وجعله شريعة باقية إلى قيام الساعة وما فتحت هذه البلدان إلا بحد السيف أو خوف السيف ما عدا المدينة فإنها فتحت بالقرآن .

 

1343 -  عن أبي هريرة قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  :"لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي،  أنا أبو القاسم الله يعطي وأنا أقسم" لفظ حديث أبي مسلم .

 

1344 -  عن أبي هريرة قال قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" من تكنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي".

 قال البيهقي رحمه الله: أخبار النهي عن الكنى بأبي القاسم مطلقا أكثر وأصح،  ويحتمل أن يكون راجعا إلى من أراد أن يجمع بينهما والله أعلم .

 

فصل

في إشادة الله عز وجل بذكر محمد  صلى الله عليه وسلم  قبل أن يخلقه

 

قال الله عز وجل فيما أخبر أنه كلم به موسى بن عمران عليه السلام :(  ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون* الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل  ) قرأ الآية إلى آخرها .

قال:(  وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد  ).

 وقال :( ورفعنا لك ذكرك) .

 فقيل في بعض التفسير إنه شهره قبل خلقه وأعلى ذكره في الأولين قبل أن يخرجه نبيا في الآخرين.

 

1345 -  عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت له: أخبرني عن صفة رسول الله  صلى الله عليه وسلم  في التوراة، فقال: أجل والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن.

 يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ،  ولا صخب بالأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويغفر،  ولن أقبضه حتى أقيم به الملة العوجاء أن يقولوا لا إله إلا الله ،  وأفتح به أعينا عميا وآذانا صما ، وقلوبا غلفا .

قال عطاء بن يسار ، ثم لقيت كعبا فسألته فما اختلفا في حرف إلا أن كعبا يقول: أعينا عمومى وقلوبا غلفى وآذانا صمومى.

 ورواه البخاري في الصحيح عن محمد بن سنان عن فليح بن سليمان .

 

فصل

في خلق الرسول  صلى الله عليه وسلم  وخلقه

 

1347 - عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه سمع أنسا بن مالك يقول:" كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ليس بالطويل البائن ولا بالقصير،  ولا بالأبيض الأمهق ولا بالآدم،  وليس بالجعد القطط ، ولا بالسبط ، بعثه الله على رأس أربعين سنة فأقام بمكة عشر سنين ، وبالمدينة عشر سنين وتوفاه الله على رأس ستين سنة وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء  صلى الله عليه وسلم

 أخرجاه في الصحيح من حديث مالك

 وقد رويناه عن الزبير بن عدي عن أنس بن مالك قال قبض النبي  صلى الله عليه وسلم  وهو بن ثلاث وستين سنة .

1348  -  عن الزبير بن عدي عن أنس بن مالك قال : قُبض النبي  صلى الله عليه وسلم  وهو بن ثلاث وستين وقبض أبو بكر وهو بن ثلاث وستين وقبض عمر وهو بن ثلاث وستين.

رواه مسلم في الصحيح عن زنيج

وكذا قال الزهري عن عروة عن عائشة وعمرو بن دينار وأبو حمزة عن بن عباس قال بن عباس في روايتهما : أقام رسول الله  صلى الله عليه وسلم  بمكة ثلاث عشرة سنة.

 وقال عمار بن أبي عمار عن بن عباس: خمس عشرة سنة ورواية أبي حمزة وعمرو أولى أن تكون محفوظة .

 

1351 -  عن أبي إسحاق قال : قيل للبراء "أكان وجه رسول الله  صلى الله عليه وسلم  كالسيف ؟ قال : لا بل كالقمر"  رواه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم عن زهير .

وأخرجه مسلم من حديث جابر بن سمرة غير أنه قال: لا بل مثل الشمس والقمر مستديرا.

 

 قال الإمام أحمد رحمه الله:  روينا في رواية أخرى عن جابر بن سمرة أنه قال رأيت النبي  صلى الله عليه وسلم  في ليلة أضحيان(مقمرة مضيئة لا غيم فيها ) وعليه حلة حمراء فجعلت أنظر إليه وإلى القمر فلهو كان أحسن في عيني من القمر.

 

1353 -  عن جابر بن سمرة قال :" كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قد شمط مقدم رأسه ولحيته ، وكان إذا أدهن ومشطه لم أره،  وإذا شعث رأيته،  وكان كثير الشعر و اللحية فقال رجل وجهه كالسيف؟  قال: وجهه مثل الشمس والقمر وكان مستديرا،  قال ورأيت خاتمه عند كتفه مثل بيضة الحمامة يشبه جسده.

 أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن إسرائيل .

 

1355 -  عن أنس قال:" كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  أزهر اللون ، كان عرقه اللؤلؤ، إذا مشى تكفأ . ولا مسست حريرة ولا ديباجة  ألين من كفه، ولا شممت رائحة قط أطيب من رائحته ، مسكة ولا عنبرة ولا غيرهما  صلى الله عليه وسلم  "

أخرجه مسلم من حديث حماد .

 

1356 - عن أنس قال:" خدمت النبي  صلى الله عليه وسلم  عشر سنين فما قال لي أف قط ، ولا قال لي لشيء مما يصنعه الخادم لم فعلت كذا وكذا ؟ أو هلا فعلت كذا وكذا؟"

 رواه مسلم في الصحيح عن أبي الربيع .

 

1357 -  عن ثابت عن أنس قال:" كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  من أجمل الناس ومن أجود الناس ومن أشجع الناس".

 رواه البخاري عن سليمان .

ورواه مسلم عن سعيد بن منصور.

 ورويناه عن أبي التياح عن أنس قال:" كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  أحسن الناس خلقا ".

 

1358 -  عن عائشة قالت :"ما رأيت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ضرب خادما قط ولا ضرب بيده شيئا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن يكون لله، فإذا كان لله انتقم منه ، ولا عرض له أمران إلا أخذ الذي هو أيسر حتى يكون إثما،  فإذا كان إثما كان أبعد الناس منه  صلى الله عليه وسلم"

  رواه مسلم في الصحيح عن أبي كريب عن أبي معاوية.

 

1359 - عن زرارة بن أبي أوفى عن سعد بن هشام بن عامر الأنصاري أنه حدثه قال قلت يا أم المؤمنين يعني عائشة حدثيني عن خلق رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قالت : ألست تقرأ القرآن ؟ قلت: بلى قالت: فإن خلق رسول الله  صلى الله عليه وسلم  كان القرآن.

 أخرجه مسلم في الصحيح.

 

 قال البيهقي رحمه و روينا عن الحسن عن سعد بن هشام قال قلت لعائشة رضي الله عنها ما كان خلق رسول الله  صلى الله عليه وسلم ؟ قالت: قال الله عز وجل:( وإنك لعلى خلق عظيم ) فخلقه القرآن.

 

1360 -  وروينا عن يزيد بن بابنوس أنه سأل عائشة رضي الله عنها عن ذلك فقالت :اقرأ سورة المؤمنين؟ فقرأ حتى بلغ العشر فقالت :هكذا كان خلقه.

 

وروينا عن أبي الدرداء أنه سأل عائشة عن ذلك فقالت: كان خلقه القرآن، يرضى لرضاه ويسخط لسخطه .

 

1361 -  عن ثابت عن أنس قال: دخل علينا رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فقال  عندنا فعرق فجاءت أمي بقارورة فجعلت تسلت العرق فيها فاستيقظ النبي  صلى الله عليه وسلم  فقال:" يا أم سليم ، ما هذا الذي تصنعين ؟" قالت :هذا عرقك نجعله في طيبنا، وهو من أطيب الطيب.

 

 قال ثابت قال أنس: ما شممت عنبرا قط ولا مسكا أطيب من ريح رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ، ولا مسست شيئا قط ديباجا ولا حريرا ألين مسا من رسول الله  صلى الله عليه وسلم .

 

  قال وخدمته عشر سنين بالمدينة وأنا غلام وليس كل امرئ ما يشتهي صاحبي أن أكون، فما قال لي فيها أف وما قال لي لم فعلت هذا ؟

 

قال وكان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  إذا صلى الغداة جاء خدم بآنيتهم فيها الماء فما أتوا بإناء إلا غمس يده فيها فربما جاءوه في الغداة الباردة فيغمس يده فيها .

هذه أحاديث صحيحة مخرجة في الصحيح على ما ذكرناه في غير هذا الموضع .

 


 

 

فصل

في بيان النبي  صلى الله عليه وسلم  وفصاحته

 

 

قال الحليمي رحمه الله :وهذا أشهر وأظهر من أن نحتاج إلى وصفه ولو لم يكن على ذلك دلالة سوى أن الله تعالى نصبه منصب البيان لكتابه ، فقال تعالى :(وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم)  .

لكان كافيا فإنه لو لم يكن أتاه البيان ، ولم يرق فيه إلى أعلى الدرجات،  لما رضيه لتبيين كتابه ، والكشف عن معاني خطابه،

 

قال الحليمي  رحمه الله: وإذا ما تتبع ما في كتبه، ومحاوراته من الألفاظ الجزلة وجدت كثيرة

وله من الكتب الفصيحة ما هو موجود عند الفقهاء والكتاب من أراد أن يزداد علما بفصاحه نبيه  صلى الله عليه وسلم  وبلاغته فلينظر فيها وليتأملها وكان  صلى الله عليه وسلم  يقول:" أوتيت جوامع الكلم واختصر لي الحديث اختصارا ".

 

1369 - قال أبو بكر رضي الله عنه: سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  في الصيف عام أول والعهد قريب يقول:" سلوا الله اليقين والعافية ".

 

1370 عن أبي هريرة قال: سمعت أبا بكر الصديق على المنبر يقول: سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يقول:" في هذا اليوم عام الأول-  واستعبر أبو بكر وبكى - ثم قال سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يقول:" لم تؤتوا بعد كلمة الإخلاص مثل العافية فسلوا الله العافية".

 

 قال الحليمي رحمه الله :ومما يدخل في حسن الجواب مع وجازة الكلام جوابه عن كتاب مسيلمة إليه إذ كتب: أما بعد فإني أشركت في الأمر معك فلي نصف الأرض، ولك نصفها ، ولكن قريشا يعتدون.

 فكتب إليه : بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب. سلام على من اتبع الهدى أما بعد، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين .

 

قال الحليمي رحمه الله:  ومن جوامع كلامه  صلى الله عليه وسلم  :"المسلمون  تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم ، ولا يُقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده "

فإن كان فصل من فصول هذا الحديث إذ بسط اقتضى كلاما وشرحا طويلا.

 

 

 

 

 

فصل

في حدب النبي  صلى الله عليه وسلم  على أمته ورأفته بهم

 

 قال الله عز وجل :(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم )

 

1373 -  عن أبي هريرة قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم:" لكل نبي دعوة فأريد أن اختبي دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة".

 رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان.

 وأخرجه مسلم من وجه آخر عن الزهري.

 

1376 -  عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم:"  اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ".

 

قال الحليمي رحمه الله : وجاء عن النبي  صلى الله عليه وسلم  أنه ضحى بكبشين فقال في أولهما : "اللهم عن محمد وآل محمد" وقال في آخرهما :" اللهم عند محمد ومن لم يضح من أمة محمد " وهذا أبلغ ما يكون من البر والشفقة،  وعنه  صلى الله عليه وسلم  أنه قال :" لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بتأخير العشاء والسواك عند كل صلاة ".

 

 قال: وامتنع من الخروج في الليلة الثالثة من رمضان لما كثر الناس وقال:" قد رأيت الذي صنعتم ولم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت عليكم أن يُفرض عليكم ".

 

قال الحليمي رحمه الله: المعنى خفت أن تفرض عليكم فلا ترعوه حق رعايته فتصيروا في استيجاب  الذم أسوة من قبلكم وهذا كله رأفة ورحمة  صلى الله عليه وسلم ، وجزاه عنا أفضل الجزاء رسولا ونبيا عن أمته .

 

وسمى الله تعالى نبينا  صلى الله عليه وسلم  في كتابه:( سراجا منيرا ) .

وذلك على أنه أخرج الناس به من ظلمات الكفر إلى نور الهدى والتبيان كما قال عز وجل :( كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ).

 

وإذا تأمل العاقل مواقع الخيرات التي ساقها الله تعالى إلى عباده بالنبي  صلى الله عليه وسلم  في الدنيا وما هو سائقه إليهم بفضله من شفاعته لهم في الآخرة علم أنه لا حق بعد حقوق الله تعالى أوجب من حق النبي  صلى الله عليه وسلم  .

 

 

 

 

 

 

فصل

في زهد النبي  صلى الله عليه وسلم  وصبره على شدائد الدنيا

 

وذلك لأن الله تعالى كان قد اختار له ذلك ووصاه به فقال تعالى:( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى ).

وروي عنه يعني ما

 

1377 عن عبد الله بن عباس قال :حدثني عمر بن الخطاب قال:  اعتزل النبي  صلى الله عليه وسلم  نسائه فذكر الحديث إلى أن قال:

 فدخلت على رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وهو مضطجع على حصير، فجلست فإذا عليه إزاره،  وليس عليه غيره، وإذا الحصير قد أثر في جنبه، فنظرت ببصري في خزانة رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع، ومثلها قرظا في ناحية الغرفة وإذا إهاب معلق قال فابتدرت عيناي، فقال :"ما يبكيك يا بن الخطاب ؟ "قلت : يا نبي الله ومالي لا أبكي ؟ وهذا الحصير قد أثر في جنبك، وهذه خزانتك، لا أرى فيها إلا ما أرى، وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار وأنت رسول الله وصفوته، وهذه خزانتك، فقال:" يا بن الخطاب، أما ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا ؟" قلت: بلى .

رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب .

 

1378 -  عن عكرمة عن بن عباس قال : دخل عمر بن الخطاب علي النبي  صلى الله عليه وسلم  وهو على الحصير قد أثر في جنبه فقال: يا رسول الله، لو اتخذت فراشا أوثر من هذا فقال:" مالي وللدنيا؟ وما للدنيا ومالي؟ والذي نفسي بيده ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها".

 

1379 -  عن الشعبي عن بن عمر أنه قال إن جبريل عليه السلام أتى النبي  صلى الله عليه وسلم  فخيره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا .

 

وروينا عن بن عباس رضي الله عنه أن الله تبارك وتعالى أرسل إلى نبيه  صلى الله عليه وسلم يخيره  بين أن يكون عبدا نبيا أو ملكا نبيا فأشار إليه جبريل عليه السلام أن تواضع فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" بل عبدا نبيا ".

 

1381 -  عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :" اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا ".

رواه مسلم في الصحيح عن الأشج عن أبي أسامة.

 أخرجاه من حديث محمد بن فضيل عن أبيه عن  عمارة .

 

1382 -  عن عائشة قالت:" ما شبع آل محمد  صلى الله عليه وسلم  منذ قدم رسول الله  صلى الله عليه وسلم  المدينة من طعام بر ثلاث ليال تباعا حتى قبض"

 أخرجاه في الصحيح من حديث جرير.

 

1383 -  عن عائشة رضي الله عنها قالت:" كان يأتي على آل محمد  صلى الله عليه وسلم  الشهر ما يوقدون فيه نارا ليس إلا التمر والماء،  إلا أن يؤتى باللحم ".

رواه البخاري عن محمد بن المثنى عن يحيى بن سعيد القطان.

 وأخرجه مسلم من وجه آخر عن هشام دون ذكر اللحم فيه وفيه من الزيادة ذكر بعثة من حولهم من دور الأنصار لغزيرة شاتهم إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فكان له من ذلك اللبن.

 

1384 -  عن قتادة عن أنس بن مالك قال:" ما أكل رسول الله  صلى الله عليه وسلم  على خوان حتى مات، ولا أكل خبزا مرققا حتى مات  صلى الله عليه وسلم ".

 رواه البخاري في الصحيح عن أبي معمر.

 

1385 -  عن أنس قال دعي النبي  صلى الله عليه وسلم  إلى خبز الشعير وإهالة سنخة، ولقد سمعته ذات غداة يقول :" والذي نفس محمد بيده ما أصبح عند آل محمد صاع حب ولا صاع تمر " وإن له يومئذ تسع نسوة ولقد رهن يومئذ درعا له عند يهودي بالمدينة أخذ منه صاعا ما وجد ما يفتكه .

 

1386 - عن عائشة قالت:" كان فراش رسول الله  صلى الله عليه وسلم  من أدم وحشوه من ليف ".

أخرجاه من الصحيح

 

1387 - عن أبي بردة قال :" دخلت على عائشة رضي الله عنها فأخرجت إلينا إزارا غليظا وكساء ملبدا فقالت : في هذا قبض رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ".

رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق .

 

1389 -  ثنا قتادة ثنا أنس:" أن نبي الله  صلى الله عليه وسلم  لم يجتمع له غداء ولا عشاء من خبز ولحم إلا على ضفف" يعني جماعة .

 

قال البيهقي رحمه الله: هكذا وجدت التفسير في الحديث لا أدري من قاله وقد قال أبو عبيد يقول لم يأكل وحده ولكن مع الناس .

وقال أحمد بن يحيى" الضفف" أن تكون الأكلة أكثر من مقدار الطعام،" والحفف" أن يكون بمقداره.  وقيل الضفف الضيق والشدة تقول لم يجتمع له وذلك إلا بضيق وشدة.

 

1390 - عن مالك بن أوس بن الحدثان أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال :"كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله  صلى الله عليه وسلم  مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب وكانت لرسول الله  صلى الله عليه وسلم  خاصة وكان ينفق منها على أهله نفقة سنة، وما بقي جعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله تعالى "

أخرجاه في الصحيح .

 

 

1391 -  عن ثابت عن أنس قال :"كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  لا يدخر شيئا لغد".

 

قال أبو نصر: قال الإمام أبو سهل رحمه الله :فإن قال قائل كان النبي  صلى الله عليه وسلم  يرجع إلى  ومفرش وكان يعد للجميع ما يعده وكان له الدرع والسيف والقوس والفرس والبغل والحمار وكان ينبذ له بالعشي فيشربه بالغداة وكان ينبذ له بالغداة فيشربه بالعشي وكان يحبس لنسائه قوت سنة مما أفاء الله عز وجل عليه وكل هذا ادخار فكيف يسلم على هذه الأخبار هذا الخبر المأثور ؟

 

قال الأستاذ أبو سهل رحمه الله: الرواية صحيحة وعلى حكم الدراية مستقيمة ، والتنافي عن هذه الرواية منصرف ووجه ذلك أنه كان يتعامل فيما بينه وبين مولاه على حسن الظن والانتظار، دون الحبس والادخار ، وكان لا يحتجز لنفسه ليومه من أمسه ، فأما ثيابه فإنما يعدها لدينه ، لا على إبقاء عليها لغده،  وهكذا آلات الحرب كان يحبسها لنصر الأولياء، وكبت الأعداء على حكم الاستعمال مما تصدق به في حياته ولهذا قال :" إنا لا نورث ما تركناه صدقة ".

 

وأما ما كان ينبذ له فإنما نساؤه كن ينبذن له ما صار في ملكهن ويدهن تمليكا وتحويلا منه لهن ، وقد صح أنه لم يكن يدخر شيئا لغد،فإن احتبس عنده شيء فلا على نية الغد .

وقيل: لا يدخر ملكا بل يدخر تملكا.

 وقيل لم يكن يدخره على أمل البقاء إلى غد .

 

فصل

في مراتب نبينا  صلى الله عليه وسلم  في النبوة

 

قال الحليمي رحمه الله: فمنها أنه كان صلي الله عليه سلم رسولا إلي الثقلين أما الإنس فإن الله عز وجل قال:( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا) وأمره أن يقول: ( وأوحى إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ) .

 وأما الجن فإن الله عز وجل يقول :( وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا)  قرأ إلى قوله :(ويجركم من عذاب أليم ) وقال: ( قل أوحى إلى أنه استمع نفر من الجن )  فقرأ إلى قوله :( ولن نشرك بربنا أحدا) .

 فبان بقولهم :( يا قومنا أجيبوا داعي الله ) أنهم عرفوا أنه مبعوث إليهم وسمعوا دعوته إياهم والذين لم يحضروه من جملتهم فلذلك قالوا: ( يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به ) فقالوا آمنا به .

 

1403 -  عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  :" أُعطيت خمسا لم يُعطهن أحد قبلي، كان كل نبي يُبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أحمر وأسود ، وأحلت لي الغنائم،  ولم تحل لأحد قبلي،  وجُعلت لي الأرض طيبا وطهورا و مسجدا،  فأيما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان ، ونصرت بالرعب بين يدي مسيرة شهر، وأعطيت الشفاعة ".

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا محمد بن يعقوب ثنا جعفربن محمد بن الحسين ثنا يحيى بن يحيى أنا هشيم فذكره بإسناده نحوه .

ورواه البخاري في الصحيح عن محمد بن سنان عن هشيم

 ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى

وروينا عن مجاهد أنه قال الأسود والأحمر يعني الجن والإنس .

 

وروينا عن بن عباس عن النبي  صلى الله عليه وسلم  أنه قال :" بُعثت إلى الجن والإنس ".

ومنها:  أنه  صلى الله عليه وسلم  كان خاتم النبيين قال الله عز وجل: ( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ).

والخاتم الذي لا نبي بعده كما ليس بعد خاتمة الأمر من شيء ، وليس بعد ختم الكتاب نشر، وليس بعد ختم الكيس إخراج شيء منه.

 

1404 -  أنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة قال: وقال أبو القاسم  صلى الله عليه وسلم:" مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل ابتنى بيتا فحسنها وأجملها وأكملها إلا موضع لبنة من زاوية من زواياها فجعل الناس يطوفون ويعجبهم البنيان فيقولون ألا وضعت ها هنا فيتم بناؤك"

 فقال محمد  صلى الله عليه وسلم :" فأنا اللبنة".

 رواه مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق

 وأخرجاه من حديث أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي  صلى الله عليه وسلم  وقال :  "فأنا موضع اللبنة وأنا خاتم النبيين "

وأخرجاه من حديث جابر بن عبد الله عن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال:" فأنا موضع اللبنة جئت فختمت البناء"  وفي رواية : "فختمت الأنبياء " .

 

ومنها :أنه  صلى الله عليه وسلم  كان سيد المرسلين .

1406 -  عن أبي هريرة قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم :"  أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وأول من ينشق عنه القبر،  وأول شافع وأول مشفع ".

وفي رواية بشر:" أنا سيد بني آدم".  وقال:" تنشق عنه الأرض ".

رواه مسلم في الصحيح عن الحكم بن موسى .

 

قال الحليمي رحمه الله: ولأن شرف الرسول  صلى الله عليه وسلم  بالرسالة ، ونبينا صلي الله عليه وسلم خص بأشرف الرسالات، فعلمنا بذلك أنه أشرف الرسل.

 

والدليل أن رسالته أشرف الرسالات أنها نسخت  ما تقدمها من الرسالات ولا تأتي بعدها رسالة تنسخها وإلى هذا أشار ربنا عز وجل فيما وصف به كتابه إذ قال: ( وإنه لكتاب عزيز* لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ).

 

فقيل معناه: ليس فيما تقدمه يكذبه ، ولا يأتي بعده ما يدفعه وفي هذا ما دل على أن هذه الرسالة أفضل الرسالات، فصح أن المرسل بها أفضل الرسل والله أعلم.

 

 ومنها: أن الله تعالى أقسم بحياته ومعقول أن من أقسم بحياة غيره فإنما يقسم بحياة أكرم الأحباء عليه ، فلما خص الله نبينا  صلى الله عليه وسلم  من بني البشر بأن أقسم بحياته فقال: ( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون).

 بان أنه أفضلهم وأكرمهم .

وإقسامه بالتين والزيتون وطور سنين وغير ذلك يدل على فضله على من يدخل في عداده ، كذلك إقسامه بحياة محمد  صلى الله عليه وسلم  يدل على فضله على من يدخل في عداده.

 

 ومنها : أن الله تعالى جمع له بين إنزال الملك عليه وإصعاده إلى مساكن الملائكة وبين إسماعه كلام الملك وإراءته إياه في صورته التي خلقه الله عليها ، وجمع له بين إخباره عن الجنة والنار،  وإطلاعه عليهما، فصار العلم له واقعا بالعالمين : دار التكليف ودار الجزاء عيانا؟

 

ومنها : أن من ينزل عليه الملك كرامة له إذا كان أفضل ممن لم ينزل عليه وجب أن يكون من ينزل عليه فيتجاوز مكالمته إلى مقاتلة المشركين عنه حتى يظفره الله عليهم أفضل ممن لا يكون من الملك إلا إبلاغ الرسالة إياه،  ثم الانصراف عنه، ومعلوم أن هذا لم يكن إلا لنبينا  صلى الله عليه وسلم  فينبغي أن يكون لذلك أفضل الأنبياء صلى الله عليهم .

 

و نزول الملائكة لقتال المشركين يوم بدر في كتاب الله مذكور .

 

فإن عورض هذا بسجود الملائكة لآدم عليه السلام فالسجود كان لله عز وجل عند خلق آدم والذي يدل عليه الحديث الذي :

1407 -  عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أو أبي سعيد شك الأعمش قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم:"  إذا قرأ بن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول: يا ويله أُمر بن آدم بالسجود فسجد فله الجنة،  وأُمرت بالسجود فعصيت فلي النار".

 رواه مسلم في الصحيح عن زهير عن وكيع.

 

 ومعلوم أن بن آدم إنما أمر بالسجود لله عز وجل لا لغيره فدل ذلك على أن السجود الذي أمر به الشيطان من جنس ما أمر به بن آدم وهو السجود لله عز وجل ولكن عند خلق آدم إعظاما لقدرة الله عز وجل الذي أظهرها لهم بخلقه إياه .

 

وقال الحليمي:  وإن كان السجود من الملائكة لآدم عليه السلام فقد يحتمل أن ذلك إنما كان عقوبة لهم على قولهم لله عز وجل : ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء  ).

 فعرض الكرامة له فيه لا يخلص من عرض العقوبة لهم.

 

 وأما قتال الملائكة مع النبي  صلى الله عليه وسلم  فإنها كرامة خالصة عرضه الله لها بفضله دلالة على نفاسة قدره وعظيم منزلته.

 

 ولأن الأفضل من يفضله الله يوم القيامة ويكرمه بما لا يكرم به غيره، وقد جاء عن نبينا الصادق  صلى الله عليه وسلم  ما ذكرناه في كتاب البعث وغيره من شفاعته يوم القيامة لأهل الجمع ثم لأمته .

 

1409 -  عن أنس قال: سمعت النبي  صلى الله عليه وسلم  يقول:"  إني أول الناس تنشق الأرض عن جمجمتي يوم القيامة ولا فخر،  وأُعطى لواء الحمد ولا فخر، وأنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول من يدخل الجنة يوم القيامة ولا فخر..." ثم ذكر حديث الشفاعة بطوله.

 

 قال البيهقي رحمه الله:  ومعني قوله:" ولا فخر " أي ولا أقوله متطاولا ولا ممتدحا به على أحد ، ولم يرد أنه لا فخر له فيه فإن له فخرا أعظم الفخر  صلى الله عليه وسلم .

 

 ومنها : أنه  صلى الله عليه وسلم  في الدنيا أكثر الأنبياء عليهم السلام  أعلاما ومعلوم أن أقل الأعلام إذا كان يوجب الفضيلة فإن كثرة الأعلام توجبكثرة الفضيلة ، وكثرتها توجب لصاحبها لصاحبها اسم الأفضل.

 

 قال ومما يدل على فضل نبينا  صلى الله عليه وسلم  أن الله جل ثناؤه لم يخاطبه في القرآن قط إلا بالنبي أوالرسول ولم يناده باسمه فقال:( يا أيها النبي) . ( يا أيها الرسول).

 

 وأما سائر الأنبياء عليهم السلام فإنه دعاهم بأسمائهم فقال تعالى : (  يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة )  وقال :  ( يا آدم أنبئهم بأسمائهم  )  وقال  : ( يا نوح إنه ليس من أهلك )  وقال  : ( يا إبراهيم أعرض عن هذا  ) وقال : (  يوسف أعرض عن هذا  )  وقال :(  يا موسى إني أنا الله )  وقال : (  يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ).

 

1410 -  عن أنس بن مالك في قوله تعالي : ( فإما تذهبن بك فإنا منهم منتقمون * أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون ).

 

1411 -  عن مجاهد عن بن عباس قال: كان في هذه الأمة أمانان: رسول الله  صلى الله عليه وسلم  والاستغفار،  فذهب أمان يعني رسول الله  صلى الله عليه وسلم ، وبقي أمان يعني الاستغفار.

 

قال البيهقي رحمه الله: وقول الله عز وجل:(  تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ).

 يدل على تفضيل بعضهم على بعض وقول النبي  صلى الله عليه وسلم :" لا تفضلوا بين أنبياء الله"  وقوله : " لا تخيروا بين أنبياء الله " إنما هو في مجادلة أهل الكتاب على معنى الإزراء ببعضهم فإنه ربما أدى ذلك إلى فساد الاعتقاد فيهم ، والإخلال بالواجب من حقوقهم، أما إذا كانت المخايرة من مسلم يريد الوقوف على الأفضل منهم، فليس هذا بمنهي عنه والله أعلم .

 

وقوله:" لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى " فإنما أراد - والله أعلم - من سواه من الناس دون نفسه،  أو ذهب في ذلك مذهب التواضع لربه والهضم لنفسه.

 

 وكذلك في قوله حين قيل يا خير البرية :" ذاك إبراهيم عليه السلام " وكان لا يحب المبالغة في الثناء عليه في وجهه تواضعا لربه عز وجل وكان يقول :

"لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ".

1414 -  عن أبي هريرة قال: كان النبي  صلى الله عليه وسلم  يقوم حتى تورم قدماه فقيل: يا رسول الله أتصنع هذا وقد جاءك من الله أن قد غفر لك من ذنبك ما تقدم وما تأخر؟

 قال:" أفلا أكون عبدا شكورا ".

 

قال الحليمي رحمه الله: وإذا ظهر أن حب رسول الله  صلى الله عليه وسلم  من الإيمان ، وبينا ما جمع الله له من المحامد والمحاسن التي هي الدواعي إلى محبته ، ومحبة اعتقاد مدائحه وفضائله،  والاعتراف له بها ، والولوع بذكرها وإكثار الصلوات عليه، ولزوم طاعته، والحرص على إظهار دعوته، وإقامة شريعته، والتسبب إلى استحقاق شفاعته، وبالفرح بالكون من أمته، ومستجيبي دعوته،  وإدمان التلاوة للقرآن الناطق بحجته ، فمن فعل ما ذكرناه وما يتصل به من أمثاله فقد أحبه .

 

1418 -  عن أبي بن كعب قال: كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ربع الليل قام فقال:  "  يا أيها الناس اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه" فقال أبي بن كعب : يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم اجعل لك منها ؟ قال:" ما شئت " قال :الربع ؟ قال :" ما شئت وإن زدت فهو خير " قال: النصف؟  قال:" ما شئت وإن زدت فهو خير"  قال: ثلثين؟  قال:" ما شئت وإن زدت فهو خير " قال يا رسول الله اجعلها كلها لك.  قال:    " إذا تكفي ما أهمك ويُغفر لك ذنبك ".

وهذا لفظ حديث أبي عبد الله ولم يذكر بن عبدان في روايته "الربع والثلثين"  وقال في آخره :قلت : اجعل دعائي كله صلاة عليك قال : "إذا يكفيك الله ما أهمك ويغفر لك ".

 

قال البيهقي رحمه الله : ودخل في جملة محبته  صلى الله عليه وسلم  حب آله  وحب أقربائه الذين حرمت عليهم الصدقة ، وأوجب لهم الخمس لمكانهم منه .

 

ويدخل في اسم هذا البيت أزواجه قال الله عز وجل: ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء)

 فأبانهن من نساء العالمين في الفضيلة ثم ساق الكلام إلى قوله: ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) .

 والظاهر أنه أرادهن بذلك، وإنما قال "عنكم " بلفظ الذكور لأنه أراد دخول غيرهن معهن في ذلك ثم أضاف البيوت إليهن فقال: ( واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة) .

 وجعلهن أمهات المؤمنين فقال: ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ) .

 

وجعل حرمة الزوجية بعد وفاة النبي  صلى الله عليه وسلم  باقية ما بقين فقال : (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا)  الآية .

 

فعلينا من حفظ حقوقهن بعد ذهابهن بالصلاة عليهن والاستغفار لهن وذكر مدائحهن ، وحسن الثناء عليهن وزيادة فضلهن على غيرهن من نساء هذه الأمة .

 

ويدخل في جملة حب النبي  صلى الله عليه وسلم  حب أصحابه لأن الله عز وجل أثنى عليهم ، ومدحهم فقال: ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم) الآية

وقال: ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا).

وقال: (  والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه  ) الآية.

 وقال: ( والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم).

 فإذا انزلوا هذه المنزلة استحقوا على جماعة المسلمين أن يحبوهم ، ويتقربوا إلى الله عز وجل بمحبتهم ، لأن الله تعالى إذا رضي عن أحد أحبه،  وواجب على العبد أن يحب من يحبه مولاه .

 

وفي حديث أبي سعيد الخدري عن النبي  صلى الله عليه وسلم :" لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ولا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر".

1421 -  ثنا شعبة عن الأعمش قال سمعت ذكوان يحدث عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فذكره. والحديث على لفظ رواية آدم

 ورواه البخاري في الصحيح عن آدم

 ورواه مسلم من وجه آخر عن شعبة .

 

1422 -  عن البراء بن عازب أنه سمع رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يقول في الأنصار:" لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق، من أحبهم أحبه الله ، ومن أبغضهم أبغضه الله"

 أخرجاه في الصحيح من حديث شعبة.

 

1423 -  عن أنس بن مالك عن النبي  صلى الله عليه وسلم  أنه قال:" آية الإيمان حب الأنصار ، وآية النفاق بغض الأنصار".

 رواه البخاري في الصحيح عن أبي الوليد.

 وأخرجه مسلم من وجه آخر عن شعبة .

 

1425 -  عن أنس بن مالك قال:  جاء رجل إلى النبي  صلى الله عليه وسلم  فقال: يا رسول الله متى الساعة؟

 قال :"وماذا أعددت للساعة؟" قال : حب الله ورسوله.

 قال:" فإنك مع من أحببت".

 قال أنس: فما فرحنا بعد الإسلام أشد فرحا من قول النبي  صلى الله عليه وسلم  :" فإنك مع من أحببت "

 قال أنس فأنا أحب الله ورسوله وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم ، وإن لم أعمل بأعمالهم .

وقال محمد في حديثه:  وإن كنت لا أعمل بأعمالهم فبحبي إياهم .

رواه مسلم في الصحيح عن أبي الربيع .

ورواه البخاري عن سليمان بن حرب عن حماد .

قال البيهقي رحمه الله :  وإذا ظهر أن حب الصحابة من الإيمان فحبهم أن يُعتقد فضائلهم، ويعترف لهم بها، ويعرف لكل ذي حق منهم حقه ولكل ذي غناء في الإسلام منهم غناؤه ، ولكل ذي منزلة عند الرسول الله  صلى الله عليه وسلم  منزلته ، وينشر محاسنهم،  ويدعو بالخير لهم ويقتدي بما جاء في أبواب الدين عنهم ، ولا يتبع دلاتهم وهفواتهم ، ولا يتعمد تخير أحد منهم ببث مالا يحسن  عنه ويسكت عما لا يقع ضرورة إلى الخوض فيه مما كان بينهم ،وبالله التوفيق .

 

 


ليست هناك تعليقات: