الأحد، 8 فبراير 2009

الرحلة في طلب العلم

الرحلة في طلب العلم

كثير من الكتب تكلمت عن الرحلة في طلب العلم أو الرحلة في طلب الحديث أو صور من صبر العلماء علي المشقة او علي شدائد التحصيل
ولكني مختلف مع أكثرها

بمعني أني مختلف مع معظم من كتب أو صنف عن طلب العلم ووصفه بالشدة أو المشقة ، ولبيان ذلك أقول
للإنسان بدن وروح وعقل و لكل غذاء

البدن له غذاء وهو الطعام الذي نتناوله صباحا ومساءاً
فهل أحد وصف وجبة غذاء شهية بأنها شاقة أو متعبة أو ...
لا لم نجد ولن نجد أحد يصف الطعام الشهي بأي وصف يقلل من الاستمتاع به

كما ان للإنسان بدن أو جسد وغذائه الطعام فإن لديه روح ولها أيضاً غذاء

وهذه الروح وغذائها هو ما جعلت القوم يقومون بالأسحار بين يدي الغفار يستغفرون ويتوبون ويبكون ، هي ما جعلتهم يستلذون مفارقة الفراش الهنيء والزوجة الحسناء والدفء ويقفون في البرد يناجون الله
هل هذا أمر شاق لا والله إنه ممتع ولا يجدر بك الخروج من هذه الدنيا دون تذوق هذه النعم بل هذه أمتع ما في الوجود علي الاطلاق ، وبها أي القرب من الله والنظر إليه في جنات عدن تحلي الجنان
ألم تري كيف كان صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم حين أتي الاعرابي يقول للرسول صلي الله عليه وسلم ، الرجل يحب القوم ولا يلحق بهم ، فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم " المرء مع من أحب " والحديث في الصحيحين
تري ماذا كان رد فعل الصحابة علي هذا الحديث قالوا ما فرحنا بشيئ فرحنا بهذا الحديث فإنا نحب الرسول ونحب أبو بكر وعمر ولا نستطيع أن نلحق بهم في عملهم

تخيل معي رجال غُفر لهم ( لعل الله أطلع علي أهل بدر وقال إعملوا ما شئتم قد غفرت لكم) ومنهم من وعد بالجنة ومع ذلك مع وعد بالجنة إنهم يتململون يؤرقهم الشعور بانهم في الجنة ولكنهم ليسوا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم
هل ما يفعلونه مع رسول الله يقال انه شاق لا والله إنه لغاية الوجود ان تقف تنصر وتدافع عمن تحب وفي سبيل من تحب ، فمابالك ومن تحب هو الله ورسوله والدار الآخرة مثل تلك الأمور لا ينبغي ان يقال عنها أنها شاقة ومن يقول ذلك فقد فقد أعظم نعم الله وهو تذوق المناجاة والبذل والتضحية في سبيل الله وهذا تجد نفسه منه في عناء ويعيش حياة الشقاء
هذا هو غذاء الروح

وكذلك للإنسان عقل وغذائه المعرفة وسبيلها العلم والتعلم والتفكر والتأمل
هل يقال لمثل هذه الأمور أنها شاقة متعبة يجب الصبر عليها لا والله بل إنها أنعم ما في الوجود وإني لأتعجب كيف يصبر الناس عنها

ولكن النقطة هي أن كل رجل فُتح له باب، مهمة حياته هي البحث عن ذلك الباب وأن يدخله
" يايحي خذ الكتاب بقوة "
نعم علي المرء متي عرف طريقه ان يلج فيه بقوة وهنا تجده يستمتع بمهمته التي خلقه الله لها وينتظر الأجر والمثوبة من الله
تري هل كان خالد ابن الوليد يشعر بألم يحتاج الصبر عليه في الجهاد لا والله بل ربما كان يتألم إذا نزل من علي فرسه
وهكذا كل من يدخل الباب الذي خلق له فإنه يستمتع به وينتظر الأجر

من أين ظهرت المشكلة إذن ؟

ظهرت المشكلة حين حاول الناس ان يمارسوا مهام ومهمات تتنافي مع ملكاتهم الطبيعية وقدراتهم ولم يُخلقوا لها لذا تجدهم محتاجون للصبر
وهذا فهم خاطئ عليك أولا البحث عما خُلقت له ثم أخذه بقوة عندها تتحق المعادلة الصعبة ، الحسنة في الدنيا والحسنة في الآخرة
وهذا كان دعاء الرسول صلي الله عليه وسلم
" اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار "

ليست هناك تعليقات: