الاثنين، 9 فبراير 2009

العلم علمان

العلم علمان

علم محفوظ وعلم مفهوم ، أما العلم المحفوظ فيستوي صاحبه فيه مع الكتاب المرقوم ، ولا فرق بين أن تسمع من الحافظ كلمة ، او تقرأ في الكتاب صفحة ، فإن أشكل عليك شئ مما تسمع ، فانظر أن نطق الكتاب بشرح مشكلاته ، نطق الحافظ بتفسير كلماته

الحافظ يحفظ ما يسمع لأنه قوي الذاكرة ، وقوة الذاكرة قدر مشترك بين الذكي والغبي والنابه والخامل ، لأن الحفظ ملكة مستقلة بنفسها عن بقية الملكات

ذلك هو السر العظيم في كثرة المتعلمين وقلة العاملين ، لأن من فهم معلوماً من المعلومات حق الفهم أشربته روحه ، وخالط لحمه ودمه ووصل من قلبه إلي سويدائه ، وكان أحدي غرائزه ، فلا يري له بداً من العمل به رضي أم أبي.

فإذا سمعت ذكر العلم فاعلم أنه العلم المفهوم لا المحفوظ ، وآية فهم المعلوم تأثر العالم به ، وظهوره في حركاته وسكناته ....


العلم سلسلة طويلة طرفاها في يدي آدم أبي البشر وإسرافيل صاحب الصور ، ومسائله حلقات يصنع كل نابغة من النوابغ في كل عصر من العصور واحدة منها ، ولن يبلغ المتعلم درجة النبوغ إلا إذا وضع في العلم الذي مارسه مسألة ، أو كشف حقيقة ، أو أصلح هفوة أو اخترع طريقة ، ولن يسلس له ذلك إلا إذا كان علمه مفهوماً لا محفوظاً ، ولا يكون مفهوماً إلا إذا أخلص المتعلم إليه ، وأنس به أنس العاشق بمعشوقه ، ولم ينظر إليه نظر التاجر لسلعته ، والمحترف لحرفته

المنفلوطي النظرات

ليست هناك تعليقات: