الأربعاء، 30 ديسمبر 2020

مختصر شعب الإيمان للإمام البيهقي - 48 القرابين (الهدي والأضحية والعقيقة )

 




48 - الثامن والأربعون من شعب الإيمان

 

وهو باب في القرابين

 

والإبانة عن معناها وغرضها وجملته الهدي والأضحية والعقيقة

 

فأما العقيقة فإنها تذكر في باب حقوق الأولاد على الوالدين، وأما الكلام في الهدي والأضحية فهو ما نذكره، قال الله عز وجل: ( فصل لربك وانحر )الكوثر 2 .

وقال  : ( والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف  ) قرأها إلى قوله : (وبشر المحسنين) الحج 36 و37  .

وقال في آية أخرى : (  ليشهدوا منافع لهم  )  قرأها إلى قوله : (  وأطعموا البائس الفقير )   الحج28  وقال في آية أخرى  : ( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب   ) الحج32 .

وقال  : ( ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا  ) الحج34

وقال : ( لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام ) المائدة 2 وقال : (جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد )  المائدة 97 .

 

6937  -  عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة،  أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  خرج عام الحديبية في بضع عشر ومائة من أصحابه فلما كان بذي الحليفة قلد الهدي وأشعره وأحرم منها. رواه البخاري في الصحيح عن علي بن المديني عن سفيان

وروينا من حديث بن إسحاق عن الزهري أنه ساق معه الهدي سبعين بدنة عام الحديبية .

 

6938 -  عن جعفر بن محمد عن أبيه أن جابرا قال : نحر رسول الله  صلى الله عليه وسلم - يعني في حجته  - ثلاثا وستين، وأعطى عليا فنحر ما بقي، وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعل في قدر، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها.

 أخرجه مسلم من حديث جعفر بن محمد.

وروينا عن أبي بكر الصديق عن النبي  صلى الله عليه وسلم :" أفضل الحج العج والثج "

العج: ارتفاع أصواتهم بالتلبية،  والثج صب الدم

 

6939 -  حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  كان يضحى بكبشين أقرنين أملحين، فلقد رأيته يضع رجله على صفاحهما، ويسمي ويكبر، قلت لقتادة : أنت سمعته من أنس ؟ قال:  نعم .

لفظ حديث بشر بن عمر، وزاد سعيد في حديثه ولقد رأيته يذبحهما بيده.

 أخرجاه في الصحيح من حديث شعبة.

 

6940 -  عن أبي سعيد قال: ضحى رسول الله  صلى الله عليه وسلم  بكبش أقرن فجعل  يأكل في سواد ويمشي في سواد وينظر في سواد .

 

6941 -  عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب عن علي بن الحسين : (  لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه  ) الحج67 قال: ذبح هم ذابحوه

 حدثني أبو رافع أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  كان إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أملحين أقرنين، فإذا خطب وصلى ذبح أحد الكبشين بنفسه بالمدية يقول :" اللهم هذا عن أمتي جميعا من شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ " ثم أتى بالآخر فذبحه، ثم قال:" اللهم هذا عن محمد وآل محمد " ثم يطعمهما المساكين ويأكل هو وأهله منهما ومكثنا سنين قد كفانا الله الغرم والمؤونة ليس أحد من بني هاشم يضحي .

 

6942 -  عن جابر قال: ذبح رسول الله  صلى الله عليه وسلم  كبشين يوم العيد فقال حين وجههما وفي رواية الوهبي فلما وجههما قال:" إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض" إلى قوله   "وأنا من المسلمين "  ثم قال :" اللهم منك ولك عن محمد وأمته " وسمى وذبح  - وفي رواية بن زريع – "  تقبل من محمد وأمته " ثم سمى وذبح .

وبمعناه رواه عيسى بن يونس عن محمد بن إسحاق غير أنه زاد أقرنين أملحين موجوءين .

 

6943 -  حدثني يزيد بن أبي حبيب فذكره على لفظ حديث الأصبهاني غير أنه قال :" وأنا أول المسلمين بسم الله والله أكبر اللهم منك ولك عن محمد وأمته "

 

6945 -  عن الشعبي عن البراء قال: خطبنا رسول الله  صلى الله عليه وسلم  في يوم نحر فقال:" إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح قبل أن يصلي فإنما هو لحم عجله لأهله، وليس من النسك في شيء ".

قال أبو بردة : جذعة خير من مسنة أجعلها مكانها ؟ قال: " قال اذبحها ولا توفي لأحد بعدك".

 

 قال: ونا أبو مسلم نا حجاج بن المنهال نا شعبة بإسناده نحوه

 رواه البخاري في الصحيح عن سليمان بن حرب وحجاج بن منهال.

 وأخرجه مسلم من وجه آخر عن شعبة .

 

قال الإمام أحمد : وأمر الله عز وجل خليله إبراهيم عليه السلام أن يذبح ابنه، فلما هم بذلك فداه بذبح عظيم، فثبت أن التقرب بإراقة الدماء لوجه الله عز وجل سنة الأنبياء صلوات الله عليهم ، وأنها من جملة ما أمرنا بالاقتداء بهم فيه كما

 

6946 -  عن الزهري في قوله : (  إني أرى في المنام أني أذبحك )   قال: أخبرني القاسم بن محمد قال: اجتمع أبو هريرة وكعب فجعل أبو هريرة يحدث عن النبي  صلى الله عليه وسلم  وجعل يحدث كعب عن الكتب فقال أبو هريرة: قال النبي  صلى الله عليه وسلم :" إن لكل نبي دعوة مستجابة وإني خبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة " فقال له كعب :أنت سمعت هذا من رسول الله  صلى الله عليه وسلم ؟  قال: نعم، قال : فداه أبي وأمي أولا أخبرك عن إبراهيم عليه السلام أنه لما أُري ذبح ابنه إسحاق قال الشيطان : إن لم أفتن هؤلاء عند هذه لم أفتنهم أبدا، فخرج إبراهيم بابنه ليذبحه، فذهب الشيطان فدخل على سارة، فقال: أين يذهب إبراهيم بابنك؟ قالت : غدا به لبعض حاجته،  فقال: إنه لم يغد به لحاجة، إنما ذهب به ليذبحه، قالت: ولم يذبحه؟ قال :يزعم أن ربه أمره بذلك،  قالت:  فقد أحسن أن يطيع ربه، فخرج الشيطان في أثرهما فقال للغلام: أين يذهب بك أبوك ؟ قال: لبعض حاجته ، قال: إنه لا يذهب بك لحاجة ولكنه يذهب بك ليذبحك، قال :لم يذبحني ؟ قال: يزعم أن ربه أمره بذلك ، قال: فوالله لئن كان أمره بذلك ليفعلن، قال: فيئس منه فتركه ولحق بإبراهيم، فقال : أين عدوت بابنك ؟ قال : لحاجة، قال : فإنك لم تغد به لحاجة إنما غدوت به لتذبحه ، قال : ولم أذبحه ؟ قال:  تزعم أن ربك أمرك بذلك ، قال:  فوالله لئن كان الله أمرني بذلك لأفعلن، قال : فتركه ويئس أن يطاع ، قال : (  فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين  )  الصافات 103 - 105 قال فأوحى إلى إسحاق أن ادع فإن لك دعوة مستجابة قال إسحاق اللهم إني أدعوك أن تستجيب لي أيما عبد لقيك من الأولين والآخرين لقيك لا يشرك بك شيئا أن تدخله الجنة .

 

 قال الحليمي رحمه الله: والمعنى في ذلك - والله أعلم - أن من حج واعتقد في حجه ما قدمنا ذكره في بابه من أنه قد انسلخ من زينة  الدنيا وشهواتها ، وخلفها وراء ظهره، وتاب من الذنوب ، وطهر منها قلبه ، وجاء معتذرا  متنصلا منيبا إلى ربه أمر أن يقرب  بذلك قربانا يقربه له من بعض ما أحل له من بهيمة الأنعام، حتى إذا رمى اتبعه نحره أو ذبحه، وكان كأن يقول: اللهم إني قد أتيت من التقصير في حقوقك ، وكسبت من السيئات، ما لو كان لي إلى نحر نفسي سبيل لنحرتها عقوبة لها بما أسلفت من المعاصي ، ولكنك حرمت ذلك علي، وأحللت لي بهيمة الأنعام، وإني متقرب إليك بهديي هذا فاقبله مني ، واجعله فداء لي بمنك وطولك ، كما فديت ابن خليلك إبراهيم بالذبح العظيم برحمتك وفضلك ، واقبله مني كما قبلته من إبراهيم خليلك ومن محمد نبيك ورسولك.

 

 ونحر  ذلك بقلبه ويعتقده، ويعلم أن هذا معنى قربانه وغرضه، وإن قاله بلسانه فلا بأس، و ما قلته من هذا فهو في الأضحية مثله، و ليس بينهما فرق سوى أن ذلك هدي إلى البيت الحرام، وهذا ليس بهدي ، وهما جميعا سنة،  وليس بفرض ، لأن إخلاص التوبة يجزئ عن الفدية كما يجزئ عن الاستغفار،  لكن الاستغفار معها من أعظم السنن كذلك الفدية.

 

 قال الإمام أحمد رحمه الله:  ثم ذكر الحليمي ما جاء عن النبي  صلى الله عليه وسلم  فيما لا يجزئ من الضحايا وهو ما .

 

6947 -  نا شعبة قال سمعت سليمان بن عبد الرحمن يقول سمعت عبيد بن فيروز 1 يقول قلت للبراء حدثني عما كره أو نهى رسول الله  صلى الله عليه وسلم  من الأضاحي فقال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  هكذا بيده ويدي أقصر من يد رسول الله  صلى الله عليه وسلم  :" أربع لا يجزين في الأضاحي العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين عرجها،  والكسير التي لا تنقي ".

 قال :لأني أكره أن يكون نقص  في الأذن والقرن، قال : فما كرهت فدعه ولا تحرمه على غيرك .

قال الحليمي : وأجمع العلماء على أن العوراء  لا تجزئ، والجرباء لا تجزئ،  والأصل أن ما نقص منها شيء هو مأكول في نفسه أو يؤثر في لحمه وشحمه، فينقص منها نقصانا بينا لم يجز معه هدي ولا أضحية.

 

 قال الإمام أحمد : وقد ذكرنا تفصيل ذلك في كتاب الأحكام وفي كتاب السنن وذكرنا في كتاب السنن ما يجب أو يستحب مراعاته في الذبيحة من أراد الوقوف على ذلك رجع إليه إن شاء الله وذكرنا في كتاب السنن  أيضا ما ورد في الترغيب في النسكية ونشير ها هنا إلى بعضها إن شاء الله .

 

6948 -  عن أم سلمة أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال:" إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا " .

قيل لسفيان إن بعضهم لا يرفعه قال: لكني أنا أرفعه.

 رواه مسلم في الصحيح عن بن أبي عمر.

 وأخرجه من وجه آخر عن بن المسيب وقال :"فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي ".

 

6949 -  عن سعيد بن المسيب يقول سمعت أم سلمة زوج النبي  صلى الله عليه وسلم  تقول :قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  :" من كان له ذبح يذبحه فإذ أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي " رواه مسلم عن عبيد الله بن معاذ .

 

6950 -  عن أم سلمة أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال:" إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره " .

رواه مسلم في الصحيح عن الحجاج بن الشاعر عن يحيى بن كثير وقال عمرو بن مسلم.

 وأخرجه من حديث غندر عن شعبة بالشك .

 

6955 -  عن بن إسحاق سمع هبيرة وعمارة بن عبد قالا سمعت عليا وهو يقول :  ثنيا فصاعدا واستسمن فإن أكلت أكلت طيبا وإن أطعمت أطعمت طيبا.

 

 قال الإمام أحمد رحمه الله :وقد روينا في حديث جابر وغيره أدلة على جواز الجذعة من الضأن وقول علي محمول على الاستحباب في الضأن أو أراد غير الضأن من المعز أو البقر أو الإبل والله أعلم.

 

6958 -  عن أبي إسحاق عن حبيش قال: شهدت عليا صلى يوم الأضحى ثم أتى بكبشين في الجبان  فلما أراد أن يذبحهما قال : وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين ، قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، بسم الله والله أكبر منك ولك أحسبه قال :اللهم تقبل من فلان ، ثم قال يا قنبر  تصدق بهما إلا قطعتين تشويهما لي منه .

ما أدري قال بكبش أو كبشين فإن في كتابي بكبشين ثم قال يذبحهما وقال تصدق بهما .

 

6960 - عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي بن أبي طالب قال :أمرني رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فقمت على البدن، فأمرني فقسمت لحومها ثم أمرني فقسمت جلالها، وجلودها. رواه البخاري في الصحيح عن قبيصة ومحمد بن كثير عن سفيان.

 

6961 -  عن بن بريدة عن أبيه عن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال:" كنت نهيتكم أن تأكلوا لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام،  وإنما أردنا بذلك ليوسع أهل السعة على من لا سعة له، فكلوا ما بدا لكم وادخروا ".

6962 -  عن طارق بن شهاب قال :قال سلمان: دخل رجل الجنة في ذباب ودخل رجل النار في ذباب قالوا :وما الذباب فرأى ذبابا على ثوب إنسان فقال هذا الذباب،  قالوا :وكيف ذاك ؟ قال: مر رجلان مسلمان على قوم يعكفون على صنم لهم فقالوا لهما: قربا لصنمنا قربانا قالا :لا نشرك بالله شيئا ، قالوا قربا ما شئتما ولو ذبابا فقال أحدهما لصاحبه ما ترى؟ قال أحدهما :لا نشرك بالله شيئا فقُتل فدخل الجنة فقال الآخر بيده على وجهه فأخذ ذبابا فألقاه على الصنم فدخل النار.


ليست هناك تعليقات: