66
السادس والستون
من شعب الإيمان
وهو باب في مباعدة الكفار والمفسدين والغلظة
عليهم
قال الله عز وجل :" يا أيها النبي جاهد
الكفار والمنافقين واغلظ عليهم"
وقال :" يا أيها الذين
آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة " ، وقال
:" يا أيها الذين آمنوا لا
تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء " إلى
قوله :" تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم
وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل "، وقال :" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا
آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ،ومن يتولهم منكم فأولئك هم
الظالمون " وقال :" لا
يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء
إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير " إلى غير ذلك من الآيات التي وردت في معنى ما
ذكرنا.
قال فدلت
هذه الآيات وما في معناها على أن المسلم لا ينبغي له أن يواد كافرا وإن كان أباه
أو ابنه أو أخاه ولا يقاربه ولا يجريه في الخلطة والصحبة مجرى مسلم منه وإن بعد .
8925 - عن عبد الله قال :لما نزلت :" يا أيها النبي جاهد الكفار
والمنافقين واغلظ عليهم "
أمر رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن يجاهد بيده ،
فإن لم يستطع فعليه بوجه مكفهر .
8926 - أخبرني عبيد
الله بن رافع وهو كاتب علي قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول: بعثني رسول الله صلى الله
عليه وسلم أنا والزبير والمقداد قال: " انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة معها كتاب ، فخذوه منها " فانطلقنا
تعادي بنا خيلنا حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة فقلنا لها : أخرجي الكتاب
فقالت: ما معي من كتاب فقلنا : لتخرجن
الكتاب أو لتلقين الثياب فأخرجته من عقاصها ، فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من قريش
من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما هذا يا حاطب"
فقال يا رسول الله: لا تعجل علي ، إني كنت امرأ ملصقا في قريش ولم
أكن من أنفسهم وكان معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون قرابتهم وأهليهم ولم
يكن لي قرابة أحمي بها أهلي، فأحببت إذ
فاتني ذلك من النسب أن أتخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي وأهلي والله يا رسول الله
ما فعلت ذلك ارتدادا عن ديني ولا أرضى بالكفر بعد الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن هذا قد صدقكم " فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله دعني أضرب عنق
هذا المنافق فقال :" إنه شهد بدرا وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر
فقال اعملوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم" وأنزل فيه :( يا أيها الذين
آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) الآية .
8928- عن جرير بن عبد الله البجلي أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال :"من أقام مع المشركين فقد برئت
منه الذمة ".
8933 - قال علي بن أبي طالب : سمعت رجلا يستغفر لأبويه
وهما مشركان فقلت : أتستغفر لأبويك وهما مشركان ؟
فقال: ألم يستغفر إبراهيم لأبيه ؟
قال :فذكرت ذلك للنبي صلي الله عليه وسلم ، : فنزلت :(ما كان للنبي والذين
آمنوا أن يستغفروا للمشركين )الآية .
8934 - عن الحارث بن معاوية: أنه قدم على عمر بن الخطاب فقال له :كيف تركت
أهل الشام ؟ فأخبره عن حالهم، فحمد الله ثم قال : لعلكم تجالسون أهل الشرك فقال :لا
يا أمير المؤمنين ، قال: إنكم إن جالستموهم أكلتم ، وشربتم معهم، ولن تزالوا بخير ما لم تفعلوا ذلك.
8936 - عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إذا لقيتم المشركين في الطريق فلا
تبدؤهم بالسلام واضطروهم إلى أضيقها "
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث الثوري وغيره .
8937 - عن
أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال :" لا تصحب إلا
مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي ".
8939 - عن أبي موسى في كاتب له نصراني عجب عمر بن
الخطاب رضي الله عنه من كتابه، فقال إنه نصراني، قال أبو موسى : فانتهرني وضرب فخذي ،وقال: أخرجه
،وقرأ :( يا أيها الذين آمنوا لا
تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) وقال :( لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم
أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) قال أبو موسى: والله ما توليته إنما كان يكتب، قال: أما وجدت في أهل الإسلام من يكتب لك ؟ لا
تدنهم إذ أقصاهم الله، ولا تأمنهم إذا
خانهم الله، ولا تعزهم بعد أن أذلهم الله
فأخرجه.
8945 - عن بن عباس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" جعل جبريل عليه السلام يدس الطين في في فرعون مخافة أن يقول لا إله
إلا الله ".
8946 - عن سعيد بن جبير عن بن عباس أحدهما عن
النبي صلى الله عليه وسلم أو كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" لما قال فرعون لا إله إلا الله، أتاه جبريل فحشي فاه التراب خشية أن تدركه
الرحمة"
رفعه أبو داود عن شعبة عنهما من غير شك.
فصل
ومن هذا الباب مجانبة الظلمة
8949 - عن عروة بن الزبير، قال: أتيت عبد الله بن عمر بن الخطاب فقلت له: يا أبا عبد الرحمن، إنا نجلس إلى أئمتنا هؤلاء فيتكلمون بالكلام نحن
نعلم أن الحق غيره، فنصدقهم ، ويقضون بالجور فنقويهم، ونحسنه لهم ، فكيف ترى في ذلك؟ فقال يا ابن أخي كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نعد هذا النفاق ، فلا أدري كيف هو عندكم .
8950 - عن سماك بن حرب أن عبد الله بن خباب
أخبرهم قال : أخبرني خباب: أنه كان قاعدا على باب النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: فخرج ونحن قعود، فقال:" اسمعوا " قلنا : سمعنا
يا رسول الله قال:" إنه سيكون
أمراء من بعدي، فلا تصدقوهم بكذبهم ، ولا
تعينوهم على ظلمهم ، فإنه من صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فلن يرد على الحوض".
8952 - عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة : " أعاذك الله يا كعب بن عجرة من إمارة السفهاء
" قال : وما إمارة السفهاء ؟ قال :" أمراء يكونون بعدي ، لا يهدون
بهدايتي ، ولا يستنون بسنتي، فمن صدقهم
بكذبهم ، وأعانهم على ظلمهم، فأولئك ليسوا
مني، ولست منهم ولا يردون على حوضي، ومن لم يصدقهم على كذبهم ،ولم يعنهم على ظلمهم،
فأولئك مني وأنا منهم، ويردون على حوضي ، يا كعب بن عجرة: الصوم جنة ، والصدقة تطفىء الخطيئة ، والصلاة
قربان - أو قال برهان - يا كعب بن عجرة : إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من
سحت أبدا ، النار أولى به، يا كعب بن عجرة:
الناس غاديان ، فمبتاع نفسه فمعتقها، أو
بائع نفسه فموبقها ".
8969 – قال
الفضيل بن عياض: آفة القراء العجب واحذروا أبواب الملوك فإنها تزيل النعم .
8970 - قال الفضيل: كنا نتعلم اجتناب السلطان كما
نتعلم سورة من القرآن .
8972 - قال
سفيان الثوري: إذا رأيت القاريء يلوذ
بالسلطان فاعلم أنه لص ، وإذا رأيته يلوذ بالأغنياء فاعلم أنه مرائي ، وإياك أن
تخدع فيقال لك: ترد مظلمة، تدفع عن مظلوم، فإن هذه خدعة إبليس اتخذها القراء سلما .
8978 - يحيى بن محمد العنبري يقول سمعت أبا عثمان
سعيد بن إسماعيل يقول: ينبغي لمن يخاف الله عز وجل أن لا يأتي باب السلطان حتى
يدعى فيأتيه وهو خائف من ربه عز وجل ، فيأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر ، ويقول الحق كما جاء في
الخبر : أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ثم ينصرف عنهم وهو خائف من ربه، فهذا غير مفتتن ، إنما المفتتن أن يأتيهم راغبا
طالبا للدنيا، طالبا للعز في الدنيا ، طالبا
للرئاسة في الناس، يتعزز بعز السلطان، ويتكبر بسلطانه ، فإذا أتاهم داهنهم، ومال إليهم
، ورضي بسوء فعلهم، وأعانهم عليه، وصدقهم على غير الحق من قولهم ، ورجع عنهم
مفتخرا بهم، آمنا لمكر الله، مغترا بما نال من العز بهم، يؤذي الناس ويطغى
فيهم، ويتقوى عليهم باختلافه إلى السلطان،
فهذا الذي افتتن ، ونسي الآخرة، وعصى ربه ، وأذى المؤمنين، ونقص من دينه مالا يجبره الدنيا كلها لو كانت له
.(إسناده جيد)
8980 - عن حذيفة المرعشي قال: إياكم وهدايا الفجار والسفهاء، فإنكم أن قبلتموها ، ظنوا أنكم رضيتم بفعلهم .
8983 - عن محمد بن واسع قال :لقضم العصب وسف
التراب خير من الدنو من السلطان .
8984 - عن جعفر بن سليمان قال سمعت مالك بن دينار
يقول : كفى بالمرء خيانة أن يكون أمينا للخونة .
8985 - أحمد بن سعيد الرباطي يقول: قدمت على أحمد
بن حنبل فجعل لا يرفع رأسه إلي، فقلت يا
أبا عبد الله : إنه يكتب عني بخراسان، وإن
عاملتني بهذه المعاملة ، رموا بحديثي فقال لي أحمد : هل بد يوم القيامة من أن يقال
: أين عبد الله بن طاهر وأتباعه ، انظر أين تكون أنت منه ؟ قال :قلت: يا أبا عبد
الله، إنما ولاني أمر الرباط لذلك دخلت فيه ، فجعل يكررعلي أحمد هل بد يوم القيامة
من أن يقال : أين عبد الله بن طاهر وأتباعه انظر، أين تكون أنت منه ؟.
8988 - أنشدنا الإستاذ أبو القاسم الحسن بن محمد
بن حبيب في تفسيره قال أنشدني أبي:
إن
الملوك بلاء حيث ما حلوا ولا يكن
لك في أكنافهم طل
ماذا تؤمل
من قوم إذا غضبوا جاروا عليك وإن
أرضيتهم ملوا
فإن مدحتهم خالوك تخدعهم وإن استثقلوك كما يستثقل الكل
فاستغن
بالله عن أبوابهم أبدا إن الوقوف على أبوابهم ذل .
فصل
من هذا الباب مجانبة الفسقة والمبتدعة
ومن لا يعينك على طاعة الله عز وجل
8989 - عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إنما مثل
جليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير ، حامل المسك أما أن يحذيك ، وأما
أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة،
ونافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن
تجد منه ريحا خبيثة ".
رواه البخاري ومسلم في الصحيح عن أبي كريب عن أبي
أسامة
8890 - عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" المرء على دين
خليله فلينظر أحدكم من يخالل ".
9006 -
عن الوليد بن مسلم يقول :سمعت الأوزاعي يقول :الرفيق بمنزلة الرقعة في الثوب إذا
لم تشبهه شانته.
9011 - عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن الله حجب التوبة عن صاحب كل بدعة "
وفي رواية السوسي" احتجب الله التوبة عن كل صاحب بدعة".
9051 - .. أنشدني المطرفي لبعضهم :
ليس الكريم الذي إن ذل صاحبه بث الذي كان من أسراره علما
إن الكريم الذي تبقى مودته ويحفظ السر إن صافى وإن
صرما
9054 - عن عمرو بن العاص أنه قال: ما أفشيت إلى أحد سرا
فأفشاه فلمته لأني كنت أضيق صدرا منه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق