13 - الثالث عشر من شعب الإيمان
وهو باب التوكل بالله عز وجل
والتسليم لأمره تعالى في كل شيء
قال الله
تعالى:( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا
وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل) .
وقال
لنبيه صلى الله عليه وسلم :( إن
ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله
فليتوكل المؤمنون ).
وقال :(إنما
المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا
وعلى ربهم يتوكلون) ، وقال :( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) .
وغير ذلك من الآيات التي ذكر الله عز وجل فيها
التوكل.
قال
الإمام أحمد رحمه الله تعالى : وجملة التوكل تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه والثقة
به، واختلف أهل البصائر في ذلك فقال قائلون: التوكل الصحيح ما كان من قطع الأسباب
فإذا جاء السبب إلى المراد نفع التوكل
وقال
آخرون: كل أمر بين الله فيه لعباده طريقا
ليسلكوه إذا عرض لهم فالتوكل إنما يقع منهم في سلوك تلك السبيل والتسبب به إلى
المراد فإن فعلوا ذلك متوكلين على الله عز وجل في أن ينجح سعيهم ويبلغهم مرادهم
كانوا آتين الأمر من بابه ومن جرد التوكل عن التسبب بما جعله الله سببا فلم يعمل بما
أمر به ولم يأت الأمر من بابه .
1122 - عن بريدة بن حفص أنه قال :لا رقية إلا من
عين أو حمة قال: فقال سعيد بن جبير قد أحسن من انتهى إلى ما سمع ثم قال سعيد بن
جبير: ثنا بن عباس عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال :"عرضت على الأمم قال :فرأيت
النبي معه الرهط ، والنبي معه الرجلوالرجلان، والنبي ليس معه أحد، إذ رُفع لي سواد
عظيم فقلت :هذه أمتي ، فقيل: هذا موسى وقومه، ولكن انظر إلى الأفق قال: فنظرت فإذا
سواد عظيم، ثم قيل أنظر إلى هذا الجانب
الآخر فإذا سواد عظيم فقيل هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا ، يدخلون الجنة بغير حساب
ولا عذاب".
ثم نهض
النبي صلى الله عليه وسلم فدخل فخاض القوم في ذلك فقالوا: من هؤلاء الذين
يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب؟ فقال بعضهم لبعض لعلهم الذين صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام ولم
يشركوا بالله شيئا قط . وذكروا أشياء فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال :"
ما هذا الذي كنتم تخوضون فيه؟" فأخبروه بمقالتهم فقال :" هم الذين لا
يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون" فقام عكاشة بن محصن الأسدي
فقال : أنا منهم يا رسول الله ؟ فقال :" أنت منهم" ثم قام رجل
آخر فقال: أنا منهم يا رسول الله؟ قال :"
سبقك بها عكاشة "
أخرجاه في الصحيح من حديث هشيم وغيره
وفي حديث بريدة رخصة في الاسترقاء وقد رواه إسماعيل بن زكريا، ومالك بن مغول، عن حصين، عن
الشعبي عن عمران بن حصين عن النبي صلى
الله عليه وسلم مرفوعا قوله:" لا
رقية إلا من عين أو حمة ".
والله أعلم أنهما أولى بالرقي لما فيهما من زيادة
الضرر والحمة سم ذوات السموم.
وأما
رواية سعيد بن جبير عن بن عباس.
قال
الحليمي رحمه الله تعالى : يحتمل أن يكون أراد بهم الغافلين عن أحوال الدنيا وما
فيها من الأسباب المعدة لدفع الآفات والعوارض فهم لا يعرفون الاكتواء ولا
الاسترقاء ولا يعرفون فيما ينوبهم ملجأ إلا الدعاء والاعتصام بالله عز وجل
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم :" أكثر أهل الجنة
البله ".
فقيل : معناه
البله عن شهوات الدنيا وزينتها والحبائل التي للشيطان فيها .
وقال الله عز وجل :( إن الذين يرمون المحصنات الغافلات
المؤمنات ) فقيل أراد الغافلات عما
يرمين به من الفحشاء لا يتفكرن فيها ولا يخطرن بقلوبهن ولا تكون من همتهن فكذلك
الذين أثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم في هذا الخبر هم الغافلون عن طب
الأطباء ورقي الرقاة ولا يحسنون منها شيئا لا الذين يحسنون ولا يستعملون ثم احتج
بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك وهو أنه صلى الله عليه وسلم كوى أسعد بن زرارة من الشوكة وبعث إلى أبي بن
كعب طبيبا فقطع منه عرقا ثم كواه عليه وهذا يدل على الرخصة في ذلك.
قال الإمام أحمد رحمه الله :ثم قد روينا عن سعيد
بن جبير عن بن عباس أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال:" الشفاء في ثلاثة :
في شرطة محجم، أو شربة عسل ، أو كية بنار ،وأنا أنهى أمتي عن الكي " وهذا
القول صدر منه بعد قصة أسعد بن زرارة ويشبه أن يكون بعد قصة أبي أيضا بهذا النهي - والله تعالى أعلم - التنزيه .
فقد روى هذا الحديث بعينه جابر بن عبد الله عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إن كان في شيء من أدويتكم خير
ففي شرطة حجام ، أو شربة عسل أو لدغة بنار، وما أحب أن أكتوي" وهذا يدل
على أن ذلك على غير التحريم .
وروينا عن عمران بن حصين أنه قال نهانا رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن الكي فاكتوينا فما أفلحنا ولا أنجحنا وفي
هذا ما دل على أنه على غير التحريم إذ لو كان على طريق التحريم لم يكتو عمران بن
حصين بعد علمه بالنهي غير أنه ركب المكروه ففارقه ملك كان يسلم عليه فحزن على ذلك ،
وقال هذا القول ثم قد روي أنه عاد إليه قبل موته وإذا كان الكي بحكم هذه الأخبار
مكروها فارق حكمه حكم سائر الأسباب التي ليست فيها كراهية حين استحق تاركه الثناء
الذي قدمنا ذكره
وأما الاسترقاء فقد روينا الرخصة فيه بما يعلم من
كتاب الله أو ذكره من غير كراهية وإنما الكراهية فيما لا نعلم من لسان اليهود
وغيرهم فكان التارك لما كان مكروها هو المستحق لهذا الثناء والله تعالى أعلم
ويحتمل أن يكون هذا هو المراد بما روى عقار بن المغيرة بن شعبة عن أبيه عن
النبي صلى الله عليه وسلم :"من اكتوى أو استرقى فقد برئ من
التوكل"
1123 - عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لم يتوكل من استرقى أو اكتوى "
قال
الإمام أحمد رحمه الله :وذلك لأنه ركب ما يستحب التنزيه عنه من الاكتواء والاسترقاء
لما فيه من الخطر ومن الاسترقاء بما لا يعرف من كتاب الله عز وجل أو ذكره لجواز أن
يكون ذلك شركا أو استعملها معتمدا عليها لا على الله تعالى فيما وضع فيهما من
الشفاء فصار بهذا أو بارتكابه المكروه بريئا من التوكل فإن لم يوجد واحد من هذين
وغيرهما من الأسباب المباحة لم يكن صاحبها بريئا من التوكل والله تعالى أعلم .
وقد ذكرنا أسانيد هذه الأحاديث في الكي والرقي
والأدوية في الربع الأخير من كتاب السنن .
وأما التطير بزجر الطائر وإزعاجها عن أوكارها عند
إرادة الخروج للحاجة حتى إذا مرت على اليمين تفاءل به ومضى على وجهه وإن مرت على
الشمال تشاءم به وقعد فهذا من فعل أهل الجاهلية الذي كانوا يوجبون ذلك ولا يضيفون
التدبير إلى الله عز وجل فمن فعل من أهل الإسلام على هذا الوجه استحق الوعيد دون
الثناء .
1124 - عن زر بن حبيش عن عبد الله قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم :" الطيرة شرك وما منا إلا ولكن الله يذهبه
بالتوكل".
قال
الإمام أحمد رحمه الله تعالى: يريد- والله
تعالى أعلم - الطيرة شرك على ما كان أهل الجاهلية يعتقدون فيها ثم قال :"وما
منا إلا "يقال هذا من قول عبد الله بن مسعود وليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم وقوله: وما منا الإوقع في قلبه شيء عند ذلك على
ما جرت به العادة وقضت به التجارب لكنه لا يقر فيه بل يحسن اعتقاده أن لا مدبر سوى
الله تعالى فيسأل الله الخير ويستعيذ به من الشر ويمضي على وجهه متوكلا على الله
عز وجل.
كما
روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذا أريت من الطيرة ما تكره فقل
اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت ، ولا حول ولا قوة إلا
بك".
وقد
ذكرنا طرفا من هذه الأخبار وما قيل فيها في كتاب السنن .
1125- عن الزهري أخبرني عبيد الله بن عتبة أن أبا
هريرة قال سمعت النبي صلى الله عليه
وسلم يقول:" لا طيرة وخيرها الفأل
" قالوا :وما الفأل يا رسول الله ؟ قال:" الكلمة الصالحة يسمعها
أحدكم" أخرجاه في الصحيح من حديث
أبي اليمان عن شعيب بن أبي حمزة .
1126 - عن أبي هريرة قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع كلمة من رجل فأعجبته فقال :"قد
أخذنا فالك من فيك ".
1127- عن
بن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان لا يتطير من شيء وكان إذا بعث
عاملا أو غلاما سأل عن اسمه فإن أعجبه اسمه فرح ورئي بشرى ذلك في وجهه وإن كره
اسمه رئي الكراهية في وجهه وإذا دخل القرية سأل عن اسمها فإن أعجبه اسمها فرح بذلك
ورئي ذلك في وجهه وإن كره ذلك رئي كراهية ذلك في وجهه .
1132 - عن قتادة قال: قال بن عباس: إن مضيت
فمتوكل وإن نكصت فمتطير.
1138 - عن أبي رمثة قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فإذا خلف كتفه مثل التفاحة فقلت يا رسول الله
إني أداوي فدعني أطبها وأداويها قال :" طبيبها الذي خلقها "
قال الإمام أحمد رحمه الله: وهذا إنما امتنع من
مداواته لأنه كان خاتم النبوة وكانت إحدى آياته المذكورة من صفته والله تعالى أعلم
.
1139 - عن عمربن الخطاب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" لو توكلت على الله حق توكله
لرزقت كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا "
قال وفي
رواية يعقوب :" لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير
تغدو خماصا وتروح بطانا ".
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى : وليس في هذا
الحديث دلالة على القعود عن الكسب بل فيه ما يدل على طلب الرزق لأن الطير إذا غدت
فإنما تغدو لطلب الرزق وإنما أراد - والله تعالى أعلم - لو توكلوا على الله تعالى في ذهابهم ومجيئهم
وتصرفهم ورأوا أن الخير بيده ومن عنده لم ينصرفوا إلا سالمين غانمين كالطير تغدو
خماصا وتروح بطانا لكنهم يعتمدون على قوتهم وجلدهم ويغشون ويكذبون ولا ينصحون وهذا
خلاف التوكل .
1140 - عن مجاهد في قوله :(ولا تتبدلوا الخبيث
بالطيب) قال: لا تعجل الرزق الحرام
قبل أن يأتيك الحلال الذي قد قدر لك .
1141 - عن المطلب بن حنطب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" ما تركت شيئا مما أمركم به الله
إلا وقد أمرتكم به ، وما تركت شيئا مما نهاكم الله عنه إلا وقد نهيتكم عنه وان
الروح الأمين قد نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها فأجملوا في اطلب
".
1142 - عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تستبطؤوا الرزق فإنه لم يكن عبد يموت حتى
يبلغه آخر رزق هو له ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب من الحلال وترك الحرام ".
وفي هذا ما دل على أنه أمر بطلب الرزق إلا أنه
أمر بإجماله، وإجمال الطلب هو أن يطلبه من الحلال معتمدا على الله عز وجل، ولا
يلاحظ في طلبه قواه ومكائده وحيله ولا يطلبه من الحرام .
1147 - عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن الرزق يطلب العبد كما يطلبه
أجله".
وكذلك
رواه هشام بن عمار عن الوليد مرفوعا
والمراد
بهذا والله تعالى أعلم أن ما قدر له من الرزق يأتيه فليثق به ولا يجاوز الحد في
طلبه.
1148 عن أم الدرداء تقول سمعت أبا الدرداء يقول :
لو أن رجلا هرب من رزقه كهربه من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت
فذكره موقوفا على أبي الدرداء وهذا أصح والله
أعلم .
وروي عن عطية عن أبي سعيد مرفوعا بمعناه
وهو كما روي عن عمر بن الخطاب أنه قال : ما من
امرئ إلا وله أثر هو واطئه ورزق هو آكله وأجل هو بالغه وحنق هو قاتله حتى لو أن
رجلا هرب من رزقه لاتبعه حتى يدركه كما أن الموت يدرك من هرب منه ألا فاتقوا الله
وأجملوا في الطلب .
1149 - عن ثعلبة بن مسلم عن أبي المحرر عن عمر بن
الخطاب فذكره .
وحين أمر بالإجمال في الطلب علمنا أنه لم يمنع من
الكسب أصلا، ولكن كره له شدة الحرص وكثرة
الهم فعل من يرى أن رزق الله إنما يحصل بجده وجهده دون تقدير خالقه ورازقه .
1153 - عن بن عباس قال: كان أهل اليمن يحجون ولا
يتزودون ويقولون نحن متوكلون فيحجون إلى مكة فيسألون الناس فأنزل الله عز وجل :(وتزودوا
فإن خير الزاد التقوى) البقرة 197 ز
أخرجه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بشر عن شبابة
.
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى وفي هذا إن الله
تعالى أمر زوار بيته بالتزود وقال:( إن خير الزاد التقوى) يعني -والله
تعالى أعلم - فإن خير الزاد ما عاد على صاحبه بالتقوى.
وقال
الحليمي رحمه الله تعالى : وهو أن لا يتوكل على أزواد الناس فيؤذيهم ويضيق عليهم
ومن دخل البادية بلا زاد متوكلا فإنما يرجو أن يقبض الله تعالى من يواسيه من زاده
وهذا عين ما أشارت الآية إلى المنع منه فبان أنه لا معنى لاستحبابه وإنما المستحب
هو التزود أو الجلوس إذا لم يكن زاد حتى يكون .
1154 - عن
بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم :" بعثت بين يدي الساعة
بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة
والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم".
قال الشيخ الألباني في « إرواء الغليل » 1269: صحيح . أخرجه أحمد ( 2 / 50 و 92 )
لفظ حديث أبي عبد الله ولم يذكر بن يوسف: " ومن
تشبه بقوم فهو منهم".
قال
الحليمي رحمه الله تعالى : فلو كان انتظار الرزق بالصبر والصمت أفضل من طلبه بما
أذن الله تعالى فيه لما حرم الله تعالى رسوله
صلى الله عليه وسلم أفضل الوجهين
وعرضه لأرذلهما واحتج بقصة أبي الهيثم بن التيهان وما فيها من خروج النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه حين أصابهم الجوع وانطلاقهم إلى منزل
أبي الهيثم حتى أطعمهم.
قال
الإمام أحمد رحمه الله تعالى وقد ذكرنا ذلك في الجزء الرابع من كتاب دلائل النبوة
وفيه ما دل على أن من احتاج إلى طعام فلم يجده ولم يعلم أحد حاله كان عليه أن يحدث
بحاله من يظن أن عنده وفاء بتغييرها إلا أن يسكت ويتصبر .
1155 - عن أبي حرب بن أبي الأسود حدثني طلحة
البصري قال: كان الرجل منا إذا قدم المدينة فكان له بها عريف نزل على عريفه فإن لم
يكن له بها عريف نزل الصفة فقدمت المدينة ولم يكن لي بها عريف فنزلت الصفة وكان
يجري علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل يوم مدا من تمر ويكسونا الخنف فصلى بنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بعض صلوات النهار فلما انصرف ناداه أهل
الصفة يمينا وشمالا يا رسول الله أحرق بطوننا التمر وتخرقت علينا الخنف فمال رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلى منبره فصعده فحمد الله وأثنى عليه فذكر شدة
ما لقي من قومه حتى قال:" فلقد أتى علي وعلى صاحبي بضع عشرة يوما ومالي
وله طعام إلا البرير" - قال : قلت
لأبي حرب : وما البرير؟ قال: طعام رسول الله
صلى الله عليه وسلم تمر الأراك –
" فقدمنا على إخواننا هؤلاء من الأنصار وعظم طعامهم التمر فواسونا فيه
فوالله لو أجد لكم الخبز واللحم لا شبعتكم منه ولكن عسى أن تدركوا زمانا حتى يغدي
على أحدكم بجفنة ويراح عليه بأخرى" قال: فقالوا يا رسول الله أنحن اليوم
خير أو ذلك اليوم ؟ قال:" لا بل أنتم اليوم خير منكم يومئذ أنتم متحابون
وأنتم يومئذ يضرب بعضكم رقاب بعض- أراه قال – متباغضون".
قال
الإمام أحمد رحمه الله تعالى: وفي هذا الحديث أن أصحاب الصفة لم يصبروا على
المجاعة حتى أعلموا من أملوا أن يغير أحوالهم فلم ينكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ولكنه أجابهم بما سكن عنهم فدل ذلك على أن
طلب ما تقع إليه الحاجة ليس بمضاد للتوكل إذا كان الطالب لا يطلب إلا متوكلا على
الله تعالى في إظفاره بمطلوبه .
وقد روينا عن سيد المتوكلين ورسول رب العالمين
أنه كان يحبس مما أفاء الله عليه قُوت سنة ثم يجعل ما بقي منه مجعل مال الله تعالى
.
وروينا عنه صلي الله عليه وسلم أنه ظاهر يوم أحد
بين درعين .
ودخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر
وروينا أنه احتجم من وثء كان به
وروينا عنه أدوية أمر بها
وأنه قال :" تداووا فإن الله لم يضع داء
إلا وضع له شفاء إلا الهرم ".
وأمر بالاسترقاء وأذن فيها .
وقال:" من استطاع منكم أن ينفع أخاه
فلينفعه ".
وفي حديث أبي خزامة عن أبيه أنه قال يا رسول الله
أرأيت دواء نتداوى بها ورقي نسترقي بها وتقى نتقيها هل يرد ذلك من قدر الله من شيء
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"
إنه من قدر الله ".
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: وهذا هو الأصل
في هذا الباب وهو أن يستعمل هذه الأسباب التي بينها الله تعالى لعباده وأذن فيها
وهو يعتقد أن المسبب هو الله سبحانه وتعالى وما يصل إليه من المنفعة عند استعمالها
بتقدير الله عز وجل وأنه إن شاء حرمه تلك المنفعة مع استعماله السبب فتكون ثقته
بالله عز وجل واعتماده عليه في إيصال تلك المنفعة إليه مع وجود السبب .
1158 - عن جعفر بن عمرو قال قال عمرو بن أمية
الضمري: يا رسول الله أرسل راحلتي وأتوكل؟ قال:" بل قيدها وتوكل " .
1159 - عن عمرو بن أمية قال : قلت يا رسول الله أرسل
ناقتي وأتوكل؟ فقال:" اعقلها وتوكل"
1162 - عن عوف بن مالك أنه حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بين رجلين فقال المقضي عليه لما أدبر حسبي
الله ونعم الوكيل فقال النبي صلى الله
عليه وسلم :" إن الله عز وجل يلوم على العجز ولكن عليك بالكيس، فإن غلبك
أمر فقل حسبي الله ونعم الوكيل"
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى : وروينا عن بن
شهاب مرسلا في هذه القصة أن أحدهما تهاون ببعض حجته لم يبلغ فيها ثم حين قضى للآخر
فقال هذا القول فقال النبي صلى الله عليه
وسلم:
" اطلب
حقك حتى تعجز، فإذا عجزت فقل حسبي الله ، ونعم الوكيل ، فإنما يقضي بينكم على
حججكم "
فلم يرض
تجريد التوكل عن الطلب .
وروي عن معاوية بن قرة أن عمر بن الخطاب أتى على
قوم فقال: ما أنتم؟ فقالوا : نحن المتوكلون ، فقال بل أنتم المتكلون، ألا أخبركم
بالمتوكلين؟ رجل ألقى حبة في بطن الأرض ثم توكل على ربه
وقوله (المتكلون) يعني على أموال الناس .
وروينا عن عمر أنه قال :يا معشر القراء، ارفعوا
رؤوسكم فقد اتضح الطريق. استبقوا الخيرات ، ولا تكونوا عيالا على المسلمين .
1164 - عن نافع قال: دخل شاب قوي المسجد وفي يده مشاقص
وهو يقول: من يعينني في سبيل الله؟ قال: فدعا به عمر فأتي به فقال : من يستأجر مني
هذا بعمل في أرضه؟ فقال رجل من الأنصار: أنا يا أمير المؤمنين. قال بكم تؤجره كل
شهر؟ قال: بكذا وكذا. قال: خذه فانطلق به، فعمل في أرض الرجل أشهرا ثم قال عمر
للرجل : ما فعل أجيرنا؟ قال : صالح يا
أمير المؤمنين. قال: ائتني به وبما اجتمع له من الأجر فجاء به وبصرة من دراهم.
فقال خذ هذه فإن شئت الآن فاغز، وإن شئت فاجلس ". (رجاله ثقات غير أن نافعا
لم يدرك عمر).
1166 - ثنا سفيان قال اشترى سلمان - وقال غيره
سلمان الفارسي -وسقا من الطعام وقال إن النفس إذا أحرزت رزقها اطمأنت .
1167 - قال
سعيد بن المسيب : من لزم المسجد وقبل كل ما يعطي فقد ألحف في المسألة .
1168 - عن
الجنيد بن محمد قال: سمعت السري يذم الجلوس في المسجد ويقول جعلوا مسجد الجامع
حوانيت ليس لها أبواب .
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: هذا لما فيه من
التعرض للسؤال وما في السؤال من الكراهية إذا وجد إلى الكسب سبيلا .
1169 - عن هشام بن عروة عن أبيه عن جده قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم :" لأن
يأخذ أحدكم حبله فيأتي الجبل فيجيء بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيستغني بها خير
له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه".
أخرجه
البخاري في الصحيح عن يحيى بن موسى عن وكيع .
وأخرجه مسلم من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه من الزيادة:" فيتصدق منه ، ويستغني
به عن الناس" .
1170 - عن خالد بن معدان عن المقدام بن معدي كرب صاحب
النبي صلى الله عليه وسلم أنه حدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن
يأكل من عمل يده ، وكان داود لا يأكل إلا من عمل يده".
أخرجه
البخاري في الصحيح من حديث ثور بن يزيد عن خالد بن معدان .
1171 - عن سعيد بن عمير الأنصاري قال :سئل رسول
الله صلى الله عليه وسلم أي الكسب أطيب؟ قال:" عمل الرجل بيده ، وكل بيع مبرور
"
هكذا جاء به مرسلا وكذلك رواه جرير ومحمد بن عبيد
عن وائل مرسلا قال البخاري وأسنده بعضهم وهو خطأ يعني ما.
1189 - عن أم هانئ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها فقال:" هل عندكم من غنم ؟
قالت : لا يا رسول الله قال :"فاتخذوها - أو اتخذيها - فإن فيها بركة ".
1119 - عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي
ذكر فيه بركات الأرض:" إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بحقه ووضعه في حقه
فنعم المعونة" هو مخرج في الصحيح ورواه هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن
يسار عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال فيه:"فمن أخذه بحقه بورك
له فيه ونعم صاحب المال من أعطي فيه المسكين واليتيم وبن السبيل" أو كما
قال .
1195 - عن سعيد بن المسيب أنه لما حضره الموت ترك
دنانير قال اللهم إنك تعلم أني لم أجمعها إلا لأصون بها حسبي وديني.
رواه
وكيع عن سفيان قال: إلا لأصون بها عرضي .
1197 - عن خالد بن أسلم قال خرجنا مع عبد الله بن عمر
فقال أعرابي يقول الله عز وجل:
( والذين يكنزون الذهب والفضة ) قال بن
عمر: من كنزهما فلم يؤد زكاتهما فويل له ، إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة فلما
نزلت جعلها الله طهرا للأموال ثم التفت إلي فقال ما أبالي لو كان لي مثل أحد ذهبا
أعلم عدده وأزكيه وأعمل فيه بطاعة الله.
أخرجه
البخاري في الصحيح فقال وقال أحمد بن شبيب .
1205 - ثنا سفيان قال قال أيوب لو أعلم أن أهلي يحتاجون
إلى حزمة أو دستجة من بقل ما جلست معكم، قال: قال أبو قلابة: إلزم سوقك فإن الغنى من العافية .
1208 - إبراهيم بن أدهم يقول سمعت علي بن الفضيل يقول
سمعت أبي يقول لابن المبارك إنك تأمرنا بالزهد والتقلل والبلغة ونراك تأتي
بالبضائع من بلاد خراسان إلى البلد الحرام كيف ذا ؟ وأنت تأمرنا بخلاف ذا ؟
فقال بن المبارك: يا أبا علي إنما أفعل ذا لأصون
وجهي وأكرم بها عرضي وأستعين بها على طاعة ربي، لا أرى لله حقا إلا سارعت إليه حتى أقوم به .
فقال له الفضيل يا بن المبارك ما أحسن ذا إن تم
ذا .
1210 - عبد الله بن المبارك يقول :" لا يقع من
الفضل شيء ولا الجهاد في سبيل الله مثل السعي على العيال" .
1213 - عن
الجنيد يقول ليس التوكل الكسب ولا ترك الكسب التوكل شيء في القلوب.
وقال
غيره عن الجنيد إنما هو سكون القلب إلى موعود الله عز وجل .
قال البيهقي رحمه الله : وعلى هذا ينبغي أن لا
يكون تجريد هذا السكون عن الكسب شرطا في صحة التوكل بل يكتسب بظاهر العلم متعمدا
بقلبه على الله تعالى كما قال بعضهم اكتسب ظاهرا وتوكل باطنا ، فهو مع كسبه لا
يكون متعمدا على كسبه وإنما يكون إعتماده في كفاية أمره على الله عز وجل .
1214 - عن
عبد الله بن داود الخريبي وسئل عن التوكل فقال: أرى التوكل حسن الظن بالله عز وجل .
1219 - كان أبو عثمان يقول في مواعظه: يا عبد الله فيما
ذا تتعب قلبك وتنازع إخوانك وتعادي على طلب الرياسة والعز أشكالك وأخدانك وتعمل في
هلكة حياتك بالحسد لمن هو فوقك كأنك لم تؤمن بمن أخبر أنه يعز من يشاء ويذل من
يشاء ويؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء فاستعمل العلم في ظاهرك إن كنت
تاجرا أو كاسبا أو زارعا وأجمل في الطلب واترك الحرام والشبهات جميعا فإن نفسا لن
تموت حتى تستوفي رزقها وحظها من عزها ورياستها ورزقها ولو هرب العبد من رزقه
لأدركه رزقه كما لو فر من الموت لأدركه الموت.
قال: واليقين لا يمنع الموقنين من طلب الحظ
الوافي من الدنيا وإنما يدل علي ترك الفضول رضا بالقليل وزهد في الكشير اتباعا
لرسول رب العالمين صلى الله عليه
وسلم ولأصحابه فإنهم أئمة المتوكلين
والزاهدين مع ما وصفنا من الأمن بمالك والأياس مما ليس لك وأن ما أصابك لم يكن
ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك ومن زعم أن اليقين يمنع طلب القوت والكفاف فقد جهل
اليقين وخالف سنن السلف الصالحين فقد تقدم في ذلك مع صدق التوكل الأنبياء وأتباعهم
وخلافهم خلاف الحق وموافقتهم موافقة الحق والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .
1220 - عن
عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن قال سمعت أبا عثمان سعيد بن إسماعيل يقول:
قال الله
تبارك وتعالى :(وكفى بالله وكيلا ) وقال :(ألا تتخذوا من دوني وكيلا
) فالله الوكيل الكافي لأنه بكل شيء عليم وهو على كل شيء قدير، وهو على كل شيء حفيظ وهو العزيز الحكيم وهو
الغني الحميد.
فالمتوكل
عليه هو المكتفى به وكما أنه الكافي لعبده لا حاجة له إلى أحد في كفايته لعبده
وكذلك المتوكل عليه المكتفي به غني به مستغن به عن جميع خلقه ، لا حاجة به فيما
يحتاج إليه إلى غير ربه وبسط الكلام في ذلك ثم قال: فالتوكل عليه هو الاكتفاء به
معتمدا عليه وحده .
1221 - عن
أبي الحسن علي بن أحمد البوشنجي أنه سئل عن التوكل فقال: التبرئة من حولك وقوتك
وحول مثلك قوة مثلك.
قال البيهقي رحمه الله فمن ذهب إلى هذا فتكسب
بإذن الله تعالى في ذلك وشكر الله تعالى على أنه جعله سببا لمعاشه وأنه هداه له
وأعانه عليه ونفعه به ثم من زهد منهم في الدنيا ورغب في الآخرة اكتفى بأقل ما يكون
قوتا وتصدق بالباقي كما كان القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يصنعونه أو اقتصر على اكتساب أقل ما يكون قوتا
ثم اشتغل بعد ذلك في العبادة والله أعلم .
1226 - عن رجاء بن أبي سلمة قال قلت لحسان بن أبي سنان
أما تحدثك نفسك بالفاقة قال بلى فأقول لها يا نفس إذا كان ذلك أخذت بالمسحاة فجلست
مع الفعلة فأصبت دانقا أو دانقين فتعيشين به فتسكن.
قال بن
شوذب كان حسان بن أبي سنان رجلا من تجار أهل البصرة له شريك بالبصرة وهو مقيم
بالأهواز يجهز على شريكه بالبصرة ثم يجتمعان على رأس كل سنة يتحاسبان ثم يقتسمان
الربح فكان يأخذ قوته من ربحه ويتصدق بما بقي وكان صاحبه يبني الدور ويتخذ الأرض
قال فقدم
حسان قدمة البصرة ففرق ما أراد أن يفرق فذكر له أهل بيت لم تكن حاجتهم ظهرت فقال
أما كنتم تخبرونا قال فاستقرض لهم ثلاثمائة درهم فبعث بها إليهم.
1229 -
قال أبو الصهباء يعني صلة بن أشيم طلبت الرزق بمظانة فأعياني إلا رزق يوم بيوم
فعلمت أنه خير لي وأن امرأ جعل رزقه يوما بيوم فلم يعلم أنه خير له لعاجز الرأي.
قال
الحليمي رحمه الله : وفي المسألة وجه ثالث وهو أن من كان قوي العزم يقدر على تجريد
الصبر وترك مجاوزته إلى الدعاء وكان إذا تصبر مدة فلم ينكشف عنه ضره لم يعد إلى
التسبب ولم يندم على اختياره التصبر عليه أو لم يكن في عامة أوقاته شاكا في أن
الصبر الذي أثره أعود عليه أو التسبب فالصبر له أفضل.
ومن كان
ضعيف العزم وكان لا يصبر إلا متكلفا ولا يزال خلال الصبر شاكا في أن ذلك كان أولى
به أو التسبب وكان إذا صبر وقتا لم يثبت على صبره وعاد منه إلى التسبب فينبغي له
أن يكون مع المتسببين وجعل نظير ذلك الاستكثار من نوافل الصيام والصلاة إذا لم
يتبرم بها ولم يستثقلها وعلى هذا أكثر أهل المعرفة .
1230 - عن
عبد الله بن علي بن يحيى السراج يقول سئل بن سالم بالبصرة وأنا أسمع أنحن مستعبدون
بالكسب أو بالتوكل؟
قال بن سالم: التوكل حال رسول الله صلى الله عليه وسلم والكسب سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما أسن لهم الكسب لضعفهم حين أسقطوا عن درجة
التوكل ، لم يسقطهم عن درجة طلب المعاش بالمكاسب الذي هو سنته ولولا ذاك لهلكوا .
1240 - قال سفيان بن عيينة قال أبو حازم: وجدت
الدنيا شيئين: شيء هو لي، وشيء هو لغيري
فأما الذي هو لي فلو طلبته قبل أجله بحيلة السماوات والأرض لم أقدر عليه، وأما الذي هو لغيري فلم أصبه فيما مضى، فلم
أرجوه فيما بقي؟ يمنع رزقي من غيري، كما
يمنع رزق غيري مني ففي أي هذين أفني عمري .
قال سفيان وقيل لأبي حازم : ما مالك ؟ قال خير
مالي ثقتي بالله تعالى، وإياسي مما في
أيدي الناس.
قال وقال بعض الأمراء لأبي حازم: ارفع إلي حاجتك،
قال هيهات هيهات رفعت إلى من لا تحجب الحوائج دونه، فما أعطاني منها قنعت ، وما
زوى عني منها رضيت .
1241 - عن
عبيد الله بن شميط بن عجلان قال سمعت أبي يقول: إن المؤمن يقول لنفسه إنما هي
ثلاثة أيام فقد مضى أمس بما فيه، وغدا آمل لعلك لا تدركه، إنك إن كنت من أهل غد فإن غدا يجيء برزق غد ودون غد يوما وليلة تخترم فيها أنفس كثيرة ولعلك
المخترم فيها، كفى كل يوم همه .
1261 - عن
عبد الصمد بن محمد قال بشر بن الحارث: أما تستحي أن تطلب الدنيا ممن يطلب الدنيا
أطلب الدنيا ممن بيده الدنيا .
1262 - عن سعيد بن جبير قال التوكل على الله عز وجل
جماع الإيمان .
1265 - عن عامر بن عبد قيس أنه كان يقول : ثلاث آيات في
كتاب الله عز وجل اكتفيت بهن عن جميع الخلائق أولهن :(وإن يمسسك الله بضر فلا
كاشف له إلا هو وإن يردك بخبر فلا راد لفضله ) والآية الثانية:( ما يفتح
الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم)
والثالثة:( وما من دابة في الأرض إلا
على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها ).
1269 - عن كهمس عن أبي السليل عن أبي ذر قال نبي
الله صلى الله عليه وسلم :" إني
لأعلم آية لو أن الناس أخذوا بها لكفتهم " :(ومن يتق الله يجعل له مخرجا
ويرزقه من حيث لا يحتسب) فما زال يقولها ويعيدها ". ( إسناده فيه
انقطاع).
1270 - ثنا الأصمعي قال : وعظ أعرابي أخا له فقال
: يا أخي إنك طالب ومطلوب، يطلبك من لا تفوته ، وتطلب ما قد كفيته، يا أخي ! كم تر حريصا محروما، وزاهدا مرزوقا ؟.
1271 - قال أبو القاسم القرشي جاء رجل إلى بنان الحمال
فقال: ادع لي فإني مضيق علي في رزقي ، والله لقد بعت اليوم صينية بأحد عشر درهما
لها عندي أربع عشرة سنة ! فقال يا قوم رأيتم أعجب من هذا قد رزقه الله رزقها من
أربع عشرة سنة وهو يشكو الفقر اذهب حتي تأكله .
1278 - عن بن سيرين عن أبي هريرة قال: أصاب رجلا
حاجة فخرج إلى البرية فقالت امرأته : اللهم ارزقنا ما نعجن ونختبز. فقال فجاء
الرجل والجفنة ملأى عجينا، وفي التنور جبز
وشواء والرحى تطحن فقال: من أين هذا ؟ فقالت: من رزق الله عز وجل. فكنس ما حول
الرحى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"
لو تركها لدارت أو لطحنت إلى يوم القيامة"
قال
البيهقي رحمه الله: وروينا عن المقرئ عن أبي هريرة في هذا المعنى وهو مذكور في
كتاب دلائل النبوه .
1283 - عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على بلال وعنده صبرة من تمر، فقال:" ما هذا يا بلال؟" قال: تمر ادخرته. قال:" أما تخشى يا
بلال أن يكون له بخار في نار جهنم؟ أنفق
بلال ولا تخش من ذي العرش أقلالا ".
خالفه روح بن عبادة فرواه عن عوف عن محمد قال دخل
رسول الله صلى الله عليه وسلم على بلال فوجد تمرا ادخره فذكره مرسلا .
1288 - عن بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من نزلت به حاجة فأنزلها
بالناس لم تسد فاقته، وإن أنزلها بالله
فأوشك الله له بالغنى إما أجل عاجل وأما غنى عاجل ".
وفي رواية شعيب أما عاجلا وإما آجلا .
1292 - عن أبي العلاء بن عبد الله بن الشخير، عن رجل من
بني سليم قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم:" إن الله تعالى ليبتلي
العبد بما أعطاه، فمن رضي بما أتاه الله بارك له ووسعه ، ومن لم يرض لم يبارك له
فيه ولم يوسعه ".
1295 - عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال كان في وفد ثقيف
رجل مجذوم فأرسل إليه النبي صلى الله عليه
وسلم :" إنا قد بايعناك فارجع"
رواه
مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
1300 - عن
عبد الرحمن بن عبد القارىء قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم :" من نام عن حزبه أو شيء منه فقرأه
فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل"
وقال:
أتت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقالت يا رسول الله أنا كنا أناسا ذا
عدد حين دخلنا دارنا فقرضنا - أو قالت: فنقصنا- وذا المال فاحتجنا وكانت حسنة ذات بيننا فساءت
أخلاقنا فقال:" تذرينها ذميمة
وتختارين خيرا منها ".
قال البيهقي رحمه الله :هكذا وجدته موصولا
بالحديث الأول وهو بهذا الإسناد غلط وكأنه إنما أمرها بتركها للتخلص من سوء الظن
ورؤية ما يصيبهم من البلاء من نزول تلك الدار.
ورواه
أبي الأحوص عن بن مسعود عن النبي صلى الله
عليه وسلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق