46 - السادس
والأربعون من شعب الإيمان
باب في السرور بالحسنة والاغتمام بالسيئة
6593 - عن جابر بن سمرة قال: خطبنا عمر بن الخطاب
بالجابية فقال: قام فينا رسول الله صلى
الله عليه وسلم مقامي فيكم قال فذكر
الحديث إلى أن قال :"ومن سرته حسنته ، وساءته سيئته فهو مؤمن "
6594- عن
ابي أمامة: أن رجلا سأل النبي صلى الله
عليه وسلم ما الإيمان؟ قال:" إذا
ساءتك سيئاتك، وسرتك حسناتك، فأنت مؤمن" قال: فما الإثم ؟ قال:" إذا حل في صدرك
شيء فدعه ".
6600 - عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول:" اللهم اجعلني من الذين
إذا أحسنوا استبشروا ،وإذا أساؤوا استغفروا "
قال الحليمي رحمه الله: ومعنى هذا والله أعلم أن
من عمل حسنة فسره أن وفقه الله تعالى لها ويسرها له حتى حصلت في ميزانه فجلس كما
يجلس المهنئ فرحا مسرورا بما يرجوه من رحمة الله وفضله أو عمل سيئة فساءته أن خلا
بالله تعالى ونفسه حتى عمل بما سوله له الشيطان وجلس كما يجلس المصاب مهموما كئيبا
حزينا حياء من الله تعالى وخوفا من مؤاخذته فذلك دليل على صدق إيمانه وخلوص
اعتقاده فإن الثقة بالوعد والوعيد لا يكون إلا من قوة التصديق بالله ورسوله.
قال الشيخ
أحمد رحمه الله :ولذا جاء هذا التفسير مرفوعا بلفظ موجز قال:" إن المؤمن
إذا عمل حسنة رجا ثوابها، وإذا عمل سيئة خاف عقابها ".
6602 -
.. قيل للقمان: أي الناس أغنى؟ قال :من رضي بما أعطي، قيل :فأي الناس خير؟ قال:
الغني قيل :غنى المال ؟قال: لا ولكن الذي إذا طلب عنده خير وجد ، قال :فأي الناس
شر؟ قال: الذي لا يبالي أن يراه الناس مسيئا .
فأما من سرته حسنته من حيث يثنى ويذكر عنه
فقد جاء
عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني ما
6603 - عن
أبي ذر أنه قال: يا رسول الله أرأيت الرجل يعمل لله العمل يحبه الناس عليه؟ قال :"تلك
عاجل بشرى المؤمن" رواه مسلم عن أبي بكر وإسحاق عن وكيع .
6604 -
عن أبي ذر قال: قيل لرسول الله صلى الله
عليه وسلم أرأيت الرجل يعمل العمل الصالح
والناس يحمدونه على ذلك ؟ قال : " تلك عاجل بشرى المؤمن في الدنيا "
رواه مسلم
6607 - عن
بن مسعود قال : جاء رجل إلى النبي صلى
الله عليه وسلم فقال :إني أعمل العمل أسره
فيظهر فافرح به، فقال :" كتب لك
أجران ".
7608 أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ...فذكره
بإسناده مثله زاد :"أجر السر والعلانية ".
قال الحليمي رحمه الله: فروي عن عبد الرحمن بن
مهدي أن معناه فإذا اطلع عليه سرني ليقتدى بي ويعمل مثل عملي ليس أنه يسره أن يذكر
ويثنى عليه وإنما هو كقوله صلى الله عليه
وسلم :" من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها"
وكما روي: أن رجلا قام من الليل يصلي فرآه جار له،
فقام يصلي فغفر للأول يعني: أن الثاني أخذ
عنه وتابعه.
وهذا
محتمل ، ومحتمل غيره ، وهو أنه إذا عمل خيرا سره أن يذكر به فيكون محمودا في الناس
لا مذموما ولا حمد أبلغ من أن يقال أنه قوام بحق ربه وليس هذا من المراءاة في شيء
إنما المراءاة أن يعمل الخير لا يريد به وجه الله تعالى، ولا يبتغي به مرضاته ، ولا
ثوابه إنما يريد به أن يقول الناس : هذا رجل خير، فأما أن يعمل لله بالحقيقة ويسره
أن يعلم الناس منه أنه من عمال الله، فإن مدحوه مدحوه بصلاحه لعبادة الله، لا لغير ذلك مما يمدح به الناس، ويثني بعضهم على
بعض من أمور الدنيا ، فليس هذا من الرياء في شيء ، ألا ترى أن الله تعالى ذم قوما :(يحبون
أن يحمدوا بما لم يفعلوا)
فدل ذلك على أن من أحب أن يحمد بما فعل فلا ذم، وكيف
يذم من أراد أن تكون إضافته إلى الله تعالى لا إلى غيره، كما جعل همه مقصورا على عبادته دون غيرها، إنما
المذموم من يعمل ما أمر أن يبتغي به وجهه مريدا به وجه غيره، والفرق بينهما ظاهر
لمن أنصف .
قال: واحتج ذلك القائل بأن الحديث جاء بكراهية أن
يزكى الرجل في وجهه، فيقال له : هذا إن
يثنى عليه في وجهه فيمتلئ منه عجبا وبذخا، ويقول في نفسه : أنا الممدوح بكذا وكذا ،
ويستهين بذلك غيره، وما قلناه غير هذا، وهو أن يسمع الرجل يضاف إلى مولاه بالطاعة ، وحسن
العبادة، فيسره أن الله تعالى أنزله منزلة الكرامة من نفسه، وجمع له بين الحسنيين إحداهما
أن وفقه لعبادته ، والأخرى أن جعله ما إذا مدح مدح باسمه وأضيف إلى ما يكون مرجعه إليه من
عبادته ، ولم يجعله يمدح بما يمدح به أبناء الدنيا وأهلها الراكنون إليها ، وبينهما
بون بعيد ولولا أن هذا هكذا لما كان ذلك بشرى المؤمن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم .
قال الإمام أحمد رحمه الله :والذي روينا فيما مضى
في معنى الإخلاص أن الذي لا يحب أن يحمد على عمله فهو أن يكون عمله لله لا ليحمد
ثم إن علم به فحمد عليه وسره ذلك فلا يخرجه من الإخلاص كما روينا في سائر الحديث
والله أعلم.
والذي
رواه الحليمي عن عبد الرحمن بن مهدي فقد رويناه أيضا عن بن عيينة كما
6610 - ...عن سفيان بن عيينة وقد سأله رجل عن قول
الصحابي للنبي صلى الله عليه وسلم إني لأسر العمل فإذا اطلع عليه سرني قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم :" لك
أجران أجر السر وأجر العلانية "
قال بن عيينة :هذا من أجود الأحاديث وأحكمها لرجل
يسر العبادة فيطلع عليه مطلع فيعمل بمثل عمله فسره إذا بلغه أن فلانا قد عمل بما
عملت، وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:" من سن سنة حسنة فله أجرها ، وأجر من عمل بها"
6615 -
... قيل: لسفيان : إن أهل مكة يزعمون أنك قليل الطواف، فغضب .فقال: إني لأدنو
بالطائفين بالبيت ليصيبني من غبارهم ، وإني لكذا وإني لكذا، فقال له رجل: يا أبا
محمد وأيش تجزع من هذا وقد سترك الله وأحسن إليك، قال :إني لأكره أن يقول الناس إن
سفيان زاهد في الخير.
6616 - نا
أبو سهل المدائني قال :وحضرت بن عيينة وسأله رجل فقال: يا أبا محمد أرأيت الرجل
يعمل العمل لله يؤذن أو يؤم أو يعين أخاه أو يعمل شيئا من الخير فيعطى الشيء، قال:
يقبله ، ألا ترى إلى موسى عليه السلام لم يعمل للعمالة إنما عمل لله فعرض له رزق
الله عز وجل فقبله وقرأ :(إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ).
6619 - ...
عبد الرحمن بن صفوان أخبره أن مروان قال :اذهب يا رافع – لبوابه- إلي بن عباس،فقل
: لئن كان كل منا فرح بما أتى وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعين، فقال بن عباس : ما لكم ولهذه الآية إنما نزلت
هذه في أهل الكتاب ثم تلا بن عباس (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب
لتبيننه للناس) الآية، (و يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا) الآية.
فقال بن عباس: سألهم النبي
صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه
وأخبروه بغيره وقد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه، واستحمدوا بذلك إليه، وفرحوا بما أوتوا من كتمانهم
إياه ما سألهم عنه.
أخرجاه
في الصحيح .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق