18- الثامن عشر من
شعب الإيمان
وهو باب في نشر العلم
وألا يمنعه أهله فإذا حضر العالم من يسأله عن علم
عنده سؤال المسترشد المستفيد وجب عليه أن يخبره بما عنده، ولم يسعه كتمانه ، والحرج في كتمان النصوص أشد
منه في كتمان الاستنباط قال الله عز وجل:(و ما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا
نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم)
.
فأبان أن علي المقيمين أخبار النافرين إذا رجعوا
بما حملوه في حال غيبتهم من علوم الدين ليتشارك الفريقان في العلم وقال الله عز
وجل :(وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه
وراء ظهورهم ).
فأخبرنا
أن شرطه عز وجل على من أتاه الكتاب أن يبينه للناس ولا يكتمه فتبين أن علم الدين
محمول على أهله على شريطة الأداء إلى من تعرض له لا على أن ينفرد به حامله ويرويه
عن غيره وقال:( فأسلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ).
فلما أمر من لا يعلم أن يسأل العالم دل على أن
العالم إذا سئل عليه أن يجيب.
1606 - عن عبد الرحمن هو بن أبان بن عثمان عن أبيه قال:
بعث مروان بن الحكم إلى زيد بن ثابت نصف النهار فقلنا : ما بعث إليه هذه الساعة
إلا لشيء يسأله . فلما خرج سألناه فقال: نعم سألنا عن أشياء سمعناها من رسول
الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" نضر الله امرأ سمع منا حديثا
فحفظه حتى يبلغه. فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه
ثلاث لا
يغل عليهن قلب مسلم أبدا: إخلاص العمل لله ،
ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم الجماعة
، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم
ومن كانت نيته الآخرة جمع الله له أمره، وجعل الغنى في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن
كانت نيته الدنيا فرق الله عليه أمره ، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا
إلا ما كتب له
".
1612- عن
أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم :" من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة "
1623 - عن الفضيل بن عياض يقول: لو أني أعلم أن
أحدهم يطلب هذا العلم لله تعالى ذكره لكان الواجب علي أن آتيه في منزله حتى أحدثه .
1624 – عن أبي العباس بن عطاء يقول: الموعظة
للعوام والتذكرة للخواص والنصيحة للأخوان فرض افترضه الله على عقلاء المؤمنين
ولولا ذلك لبطلت السنة ولتعطلت الشريعة .
فصل
قال وينبغي لطالب العلم أن يكون تعلمه، وللعالم
أن يكون تعليمه لوجه الله تعالى لا يريد به المتعلم أن يكتسب بما يتعلمه مالا، أو
يزداد به في الناس جاها، أو على أقرانه استعلاء أو لأضداده إقماء(أي إذلالا
وتحقيرا). ولا يريد العالم بتعليمه أن
يكثر الآخذون عنه وإذا أحصوا وجدوا أكثر من الآخذين عن غيره، ولا أن يكون علمه
أظهر في الناس من علم غيره بل يريد العالم أداء الأمانة بنشر ما حصل عنده ، وإحياء
معالم الدين وصيانتها عن أن يدرس أو يزول
كما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : لولا
آية في كتاب الله لما حدثتكم ثم قرأ:( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب
لتبيننه للناس ولا تكتمونه ) .
ويريد المتعلم عبادة الله عز وجل بطلب علم الدين
ليتوصل بما يتعلمه إلى العمل بما يرضى الله عنه وأن يكثر العلماء فيكون ذلك أحوط للعلم وأحرى لبقائه إن انقرض أحدهم وبالله
التوفيق .
1634 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم :" من
تعلم علما يبتغي به وجه الله تعالى لا يتعلمه إلا ليصب به عرضا من الدنيا لم يجد
عرف الجنة " قال فليح :عرفها: ريحها .
1637 - عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتيت ليلة أسري
بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار كلما قرضت وفت ، فقلت : يا جبريل من هؤلاء؟
قال خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون ويقرؤن كتاب الله ولا يعملون "
قال الشيخ
الألباني حسن.
1639 - عن عمران بن حصين قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " إن
أخوف ما أخاف عليكم بعدي منافق عالم اللسان" قال الشيخ الألباني : صحيح
1643 - عن أنس قال :كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :" اللهم إني أعوذ
بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع، ومن دعاء لا يسمع" ويقول
في آخر ذلك " اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع ".
ورواه أيضا زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن ذلك الوجه رواه مسلم .
1652 - عن جابربن عبد الله قال: تعلموا الصمت، ثم تعلموا الحلم ، ثم تعلموا العلم ثم تعلموا
العمل بالعلم ثم انشروا ".
1653 - عن إبراهيم بن أدهم يقول:" من طلب
العلم خالصا لينتفع به عباد الله وينفع نفسه كان الخمول أحب إليه من التطاول، فذلك الذي يزداد في نفسه ذلا، وفي العبادة
اجتهادا، ومن الله خوفا ، وإليه اشتياقا، وفي الناس تواضعا ، لا يبالي على ما أمسى
وأصبح من هذه الدنيا ".
1658 - قال سفيان بن عيينة:" أول العلم الإستماع ، ثم الفهم، ثم الحفظ ، ثم
العمل، ثم
النشر ".
1670 - عن الحسن قال: قد كان الرجل يطلب العلم
فلا يلبث أن يرى ذلك في تخشعه ،وهديه ،ولسانه، وبصره، وبره ".
1672 - قال الفضيل بن عياض: من أوتي علما لا
يزداد فيه خوفا وحزنا وبكاء ، خليق بأن لا يكون أوتي علما ينفعه ثم قرأ:( أفمن
هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون ).
1688 - عن مالك بن دينار قال : إذا طلب العبد
العلم ليعمل به كسره علمه، وإذا طلب العلم
لغير العمل زاده كبرا.
1694- عن
هشام بن حسان قال مر رجل على الحسن فقالوا : هذا فقيه فقال الحسن: وتدرون من
الفقيه ؟ إنما الفقيه العالم في دينه، الزاهد في دنياه ،الدائم على عبادة ربه .
1697- قال الأوزاعي : سمعت بلال بن سعد يقول: زاهدكم راغب ، وعالمكم جاهل، وجاهلكم مغتر .
1701 - قيل لحمدون القصار :ما بال كلام السلف
أنفع من كلامنا؟ قال :لأنهم تكلموا لعز الإسلام، ونجاة النفوس، ورضا الرحمن، ونحن نتكلم لعزة النفس، وطلب الدنيا ، وقبول الخلق .
1702 يحكى عن سهل بن عبد الله قال: الفتن ثلاثة :فتنة
العامة من إضاعة العلم ، وفتنة الخاصة من الرخص والتأويلات ، وفتنة أهل المعرفة من
أن يلزمهم حق في وقت فيؤخروه إلى وقت ثان.
1718 - عن الفضيل بن عياض يقول : آفة القراء
العجب ، واحذر أبواب الملوك فإنها تزيل النعم فقيل له: يا أبا علي كيف تزيل النعم؟ قال: الرجل يكون عليه من الله نعمة، ليست له إلى
خلق حاجة، فإذا دخل إلى هؤلاء الملوك، فرأى ما بسط الله لهم في الدور والخدم ، استصغر
ما هو فيه ومن ثم تزيل النعم.
1730 – عن بشر قال: لا أعلم شيئا أفضل منه إذا أريد به الله عز وجل
يعني طلب العلم .
1735 - قال أبو سعيد الخراز: العلم ما استعملك
واليقين ما حملك .
1743 - عن الحسن في قوله :( اللهم ربنا آتنا
في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ) قال: في الدنيا العلم والعبادة ، وفي الآخرة
الجنة .
1779 - عن عمرو بن قيس الملائي قال :قال إبليس :ثلاث
من كن فيه أدركت فيه حاجتي: من استكتر عمله ، ونسى ذنوبه، وأعجب برأيه .
1780 - كان بن السماك الواعظ بالكوفة قال في بعض مجالسه من ذكر النار فبكى
وأبكى ووعظ وذكر وجرى مجلس حسن جميل ، فلما كان في المجلس الثاني دفعت إليه رقعة
كان فيها :
يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء من السقام لذي الضني كيما يصح به
وأنتم سقيم
وأراك تلقح بالرشاد عقولنا نصحا وأنت من الرشاد عديم
فمرض من ذلك مرضا شديدا وتوفي منه رحمه الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق