4- الرابع من
شعب الإيمان
وهو باب في الإيمان بالقرآن
المنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وسائر الكتب المنزلة على الأنبياء صلوات الله
عليهم أجمعين قال الله تعالى :" يا
أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي
أنزل من قبل "، وقال
:" والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله"
وقال
:" والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك " وغير ذلك من الآيات في هذه المعني
وروينا في حديث بن عمر عن عمر بن الخطاب رضي الله
عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الإيمان فقال:" أن تؤمن
بالله وملائكته وكتبه ورسله".
والإيمان
بالقرآن يتشعب شعبا :
فأولاها: بأنه كلام الله تبارك وتعالى وليس من وضع
محمد صلى الله عليه وسلم ولا من وضع جبريل عليه السلام .
الثانية : الاعتراف بأنه معجز النظم لو اجتمعت الإنس
والجن على أن يأتوا بمثله لم يقدروا عليه .
والثالثة : اعتقاد أن جميع القرآن الذي توفي النبي صلى الله عليه وسلم عنه هو هذا الذي في مصاحف المسلمين لم يفت منه
شيء ولم يضع بنسيان ناس ولا ضلال صحيفة ولا موت قارئ ولا كتمان كاتم ولم يحرف منه
شيء ولم يزد فيه حرف ولم ينقص منه حرف .
فأما الوجه الأول فإن الله عز وجل
قال:" أفلا يتدبرون القرآن ولو
كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا "، وقال: " وهذا كتاب أنزلناه مبارك
فاتبعوه" ، وقال:" لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه
والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا"
وقال:" وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون
من المنذرين" ، وقال
:" إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم
تعقلون ".
ومعناه
والله أعلم أنزلنا الرسول المؤدى له به فيكون الرسول منتقلا من علو إلى سفل مؤديا
للكلام الذي حفظه وذلك بين في الآية قبلها وهو أنه أخبر أنه نزل به الروح الأمين
على قلب محمد صلى الله عليه وسلم فيكون جبريل عليه السلام منتقلا به من مقامه
المعلوم إلى الأرض مؤديا له إلى محمد صلى
الله عليه وسلم وأخبر في الآية قبلها أنه
أنزله بعلمه وفي الآية قبلها أنه من عنده لا من عند غيره وقال :" ألا له الخلق والأمر
". ففصل بين المخلوق والأمر ولو كان
الأمر مخلوقا لم يكن لتفصيله معنى.
وقال:" لولا كلمة سبقت من ربك" والسبق على الإطلاق يقتضي سبق كل شيء سواه.
وقال
:"إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون" فلو كان قوله
مخلوقا تعلق بقول آخر وذلك حكم ذلك القول حتى يتعلق بما لا يتناهى وذلك محال .
قال البيهقي رحمه الله: قال الله تعالي:" وكلم
الله موسى تكليما" فوكده بالتكرار وأخبر الله عز وجل بما كلم به موسى
فقال : "يا موسى إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى وأنا
اخترتك فاستمع لما يوحى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري" إلى قوله
:" واصطنعتك لنفسي "
وقال :" يا موسى إني
اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين " الأعراف 144.
فهذا كلام سمعه موسى عليه السلام من ربه باسماع
الحق إياه بلا ترجمان كان بينه وبينه ودله بذلك على ربوبيته ودعاه إلى وحدانيته
وعبادته وإقامة الصلاة لذكره وأخبره أنه اصطفاه لنفسه واصطفاه برسالاته وبكلامه
وأنه مبعوث إلى خلقه فمن زعم أنه إنما سمعه من غير الله عز وجل فقد زعم أن غير
الله ادعى الربوبية لنفسه ودعا موسى إلى وحدانية نفسه وذلك كفر وإن زعم أن ذلك
الغير دعا إلى الله كذبه قوله :"إني أنا ربك " و "إنني
أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني".
ولكان
ذلك الغير يقول ربي وربك فاعبده دل على أنه إنما سمعه ممن له الربوبية والوحدانية
ولأن الأمة اجتمعت مع سائر أهل الملل على أن موسى كان مخصوصا بفضل كلام الله عز
وجل ولو كان إنما سمعه من مخلوق لم يكن له خاصية ولا مزية ولا فضل ولا شبه أن يكون
من سمعه من جبريل أكثر خاصية منه لزيادة فضل جبريل على صوت يخلقه الله عز وجل في
الوقت لموسى
وقد
روينا في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة مناظرة آدم وموسى قال:" فقال
آدم لموسى أنت نبي بني إسرائيل الذي كلمك الله من وراء الحجاب لم يجعل الله بينك
وبينه رسولا من خلقه" .
166 - عن
سالم يعني بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على الناس بالموسم فقال ألا رجل
يحملني إلى قومه فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي عز وجل ".
وروينا عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه:" أنه
لما قرأ سورة الروم على مشركي مكة فقالوا هذا مما أتى به صاحبك قال لا ولكنه كلام
الله عز وجل "
وقوله وفي رواية أخرى :"ليس بكلامي ولا
كلام صاحبي ولكنه كلام الله عز وجل" .
وروينا عن عامر بن شهر أنه قال :" كنت
عند النجاشي فقرأ بن له آية من الإنجيل فضحك فقال اتضحك من كلام الله عز وجل "
وروينا عن خباب بن الأرت أنه قال :"تقرب
ما استطعت واعلم أنك لن تتقرب إلى الله بشيء أحب إليه من كلامه "
وروينا عن بن مسعود أنه قال:" أصدق الحديث
كلام الله عز وجل" .
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:" القرآن
كلام الله عز وجل".
وعن
عثمان بن عفان رضي الله عنه قال:" لو أن قلوبنا طهرت لما شبعنا من كلام
الله تعالى".
وعن علي
بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال:" ما حكمت مخلوقا إنما حكمت القرآن"
.
وعن بن عباس:" أنه صلى على جنازة فقال
رجل اللهم رب القرآن العظيم اغفر له فقال
بن عباس ثكلتك أمك إن القرآن منه أن القرآن منه "
167 -
...حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال الحكم بن محمد أبو مروان الطبري حدثناه سمع
بن عيينة قال أدركت مشيختنا منذ سبعين سنة منهم عمرو بن دينار يقولون :"القرآن
كلام الله ليس بمخلوق "كذا قال البخاري عن الحكم،
ورواه
سلمه بن شبيب عن الحكم بن محمد قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال
سمعت مشيختنا منذ سبعين يقولون فذكر معنى هذه الحكاية.
168 -
أخبرنا أبو منصور الفقيه أنا أبو أحمد الحافظ أخبرنا أبو عروبة السلمي قال أخبرنا
سلمة بن شبيب فذكره وكذلك رواه غير الحكم بن محمد عن سفيان.
قال البيهقي رحمه الله : مشيخة عمرو بن دينار
جماعة من الصحابة منهم عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وعبد
الله بن الزبير وأكابر التابعين .
وروينا هذا القول عن علي بن الحسين وجعفر بن محمد
الصادق ومالك بن أنس والليث بن سعد وسفيان بن عيينة وحماد بن زيد وعبد الله بن
المبارك وعبد الرحمن بن مهدي ومحمد بن إدريس الشافعي ويحيى بن يحيى وأحمد بن حنبل
وأبي عبيد ومحمد بن إسماعيل البخاري في مشيخة أجلة سواهم .
وإنما أحدث هذه البدعة الجعد بن درهم ومنه كان
يأخذ جهم فذبحه خالد بن عبد الله القسري يوم الأضحى .
قال الحليمي رحمه الله وقوله عز وجل :" إنه لقول رسول كريم" وقوله
:" ولا بقول كاهن "
وقال:" إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي
العرش مكين مطاع ثم أمين" فإنما معناه إنه لقول رسول كريم أي قول تلقاه
عن رسول كريم أو قول سمعه عن رسول كريم إذ نزل به عليه رسول كريم وقد قال في آية
أخرى :" وإن أحد من المشركين
استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله"
فأثبت أن القرآن كلامه ولا يجوز أن يكون كلامه وكلام جبريل معا فدل أن
معناه ما قلنا .
قال البيهقي رحمه الله : والمقصود من تلك الآية
تكذيب المشركين فما كانوا يزعمون من وضع النبي
صلى الله عليه وسلم هذا القرآن ثم
قد أخبر الله عز وجل أنه هو الذي نزل به الروح الأمين عليه السلام على قلب
محمد صلى الله عليه وسلم وأن جبريل نزل به من عنده وبالله التوفيق.
وأما
الوجه الثاني
وهو الاعتراف بأنه معجز النظم فقد مضى الكلام فيه والإعجاز عند أكثر أصحابنا يقع
في قراءة القرآن فنظم حروفه ودلالاته في عين كلامه القديم ولما كان الجن والإنس
عاجزين عن الإتيان بمثله والملائكة أيضا عاجزون عن الإتيان بمثله لأنه في قول أكثر
أهل العلم ليس من جنس نظوم كلام الناس ولا يهتدى إلى وجهه ليحتذى ويمثل .
إذ كما لا يقدر عليه الجن والإنس لا يقدر عليه
الملائكة وإنما وقع التحدي عليه للجن والإنس دون الملائكة لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أرسل إلى الجن والإنس دون الملائكة
وفي ذلك
ما أبان أن نظم القرآن ليس من عند جبريل ولكنه من عند اللطيف الخبير وهذا معنى
كلام الحليمي رحمه الله
الوجه الثالث فبيانه أن الله عز وجل ضمن حفظ القرآن
فقال:" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " وقال :" وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من
بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد "
فمن
أجاز أن يتمكن أحد من زيادة شيء في القرآن أو نقصانه منه أو تحريفه فقد كذب الله
في خبره وأجاز الخلف فيه وذلك كفر.
وأيضا
فإن ذلك لو كان ممكنا لم يكن أحد من المسلمين على ثقة من دينه ويقين مما هو متمسك
به لأنه كان لا يأمن أن يكون فيما كتم من القرآن أوضاع بنسخ شيء مما هو ثابت من
الأحكام أو تبديله بغيره ، فصح أن من تمام
الإيمان بالقرآن الاعتراف بأن جميعه هو هذا المتوارث خلفا عن سلف لا زيادة فيه ولا
نقصان منه وبالله التوفيق
ذكر حديث جمع القرآن
169 - عن زيد بن ثابت قال:" أرسل إلي أبو
بكر الصديق رضي الله عنه بمقتل أهل اليمامة فإذا عمر جالس عنده فقال أبو بكر إن
عمر جاءني فقال إن القتل قد استحر بقراء القرآن يوم اليمامة وإني أخشى أن يستحر
القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن فقلت
لعمر كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال عمر هو
والله خير فلم يزل يراجعني في ذلك حتى شرح الله لذلك صدري ورأيت في ذلك الذي رأى
عمر رضي الله عنه ".
قال زيد :قال أبو بكر:" إنك رجل شاب عاقل
لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله
صلى الله عليه وسلم فتتبع القرآن
وأجمعه "
قال زيد :"فوالله لو كلفوني نقل جبل من
الجبال ما كان أثقل علي مما أمروني به من جمع القرآن قال قلت: وكيف تفعلون شيئا لم
يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هو والله خير فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى
شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر قال فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع
والعسب وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة وفي رواية أبي
الوليد مع خزيمة أو أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره "( لقد جاءكم رسول من أنفسكم)"
خاتمة سورة براءة،
قال :وكانت
الصحف عند أبي بكر حياته حتى توفاه الله عز وجل ثم عند عمر حياته حتى توفاه الله
عز وجل ثم عند حفصة بنت عمر أم المؤمنين انتهى حديث الأشيب.
وزاد أبو
الوليد في روايته قال إبراهيم بن سعد حدثني بن شهاب عن أنس بن مالك:" أن
حذيفة قدم على عثمان بن عفان وكان يغازي أهل الشام مع أهل العراق في فتح أرمينية
وآذربيجان فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال لعثمان يا أمير المؤمنين أدرك هذه
الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب كما اختلفت اليهود والنصارى فبعث عثمان إلى حفصة
أن أرسلي المصحف أو قال الصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فبعثت بها إليه
فدعا زيد بن ثابت فأمره وأمر عبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص"
وقال غير
أبي الوليد وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام:" وأمرهم أن ينسخوا الصحف في
المصاحف وقال لهم ما اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء فاكتبوه بلسان قريش فإنما
نزل بلسانهم "
فكتب الصحف في المصاحف فبعث إلى كل أفق بمصحف
وأمر بما سوى ذلك من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يمحى أو يحرق.
قال بن
شهاب وأخبرني خارجة بن زيد أنه سمع زيد بن ثابت يقول فقدت آية من سورة الأحزاب حين
نسخت الصحف كنا نسمع رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقرأها فالتمستها فوجدتها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري :" من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا
الله عليه " فالحقتها به في سورتها
في المصحف
قال بن
شهاب: فاختلفوا يومئذ في التابوت فقال زيد بن ثابت :التابوه وقال بن الزبير وسعيد
بن العاص :التابوت فرفع كلامهم إلى عثمان فقال :اكتبوه التابوت.
رواه
البخاري في الصحيح عن موسى بن إسماعيل عن إبراهيم بن سعد دون قول بن شهاب .
قال البيهقي رحمه الله: وتأليف القرآن على عهد
النبي صلى الله عليه وسلم
روينا عن
زيد بن ثابت أنه قال :" كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع " وإنما أراد
والله تعالى أعلم تأليف ما نزل من الآيات المتفرقة في سورتها وجمعها فيها بإشارة
من النبي صلى الله عليه وسلم .
ثم كانت مثبتة في الصدورمكتوبة في الرقاع واللخف
والعسب فجمعت منها في صحف بإشارة أبي بكر وعمر وغيرهما من المهاجرين والأنصار ثم
نسخ ما جمع في الصحف في مصاحف بإشارة عثمان بن عفان علي ما رسم المصطفى صلى الله عليه وسلم .
وروينا
عن سويد بن غفلة أنه قال: قال علي بن أبي طالب: يرحم الله عثمان لو كنت أنا لصنعت
في المصاحف ما صنع عثمان .
وقد ذكرنا في كتاب المدخل وفي آخر كتاب دلائل
النبوة ما يقوي هذا الإجماع ويدل على صحته والحمد لله على حفظ عباده كتابه وتركهم
على الواضحة وفقنا لمتابعة السنة ومجانبة البدعة
170 ثنا
سفيان بن عيينة عن عبد العزيز بن رفيع قال :" دخلت مع شداد بن معقل على بن
عباس فسألناه هل ترك رسول الله صلى الله
عليه وسلم شيئا سوى القرآن قال ما ترك سوى
ما بين هذين اللوحين ودخلنا على محمد بن الحنفية فسألناه فقال مثل ذلك"
رواه البخاري في الصحيح عن قتيبة عن سفيان.
172 - عن
مجاهد عن سعيد بن المسيب قال سمعت صهيبا يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" ما آمن بالقرآن من استحل حرامه
"وفي رواية أحمد محارمه .
قال البيهقي رحمه الله وأما الإيمان بسائر الكتب مع الإيمان
بالقرآن فهو نظير الإيمان بسائر الرسل مع الإيمان بنبينا صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين والذي يحق علينا معرفته في كلام
الله عز وجل أن نعرف أن كلامه صفة من صفات ذاته يقوم به وكلامه مقروء في الحقيقة
بقراءتنا محفوظ في قلوبنا مكتوب في مصاحفنا غير حال فيها كما أن الله تعالى مذكور
في الحقيقة بألسنتنا معلوم في قلوبنا معبود في مساجدنا غير حال فيها .
وكلام الله تعالى إذا قرئ بالعربية سمي قرآنا
وإذا قرئ بالسريانية سمي إنجيلا وإذا قرئ بالعبرانية سمي توراة وإنما سمي في هذه
الشريعة قراءة ما سمي قرأنا دون ما سمي توراة وإنجيلا لأن الله تعالى كذب أهل
التوراة والإنجيل الذين كانوا على عهد نبينا
صلى الله عليه وسلم وأخبر عن
خيانتهم وتحريفهم الكلام عن مواضعه ووضعهم الكتاب ثم يقولون هذا من عند الله وما
هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون فلا يأمن المسلم إذا قرأ شيئا
من كتبهم أن يكون ذلك من وضع اليهود والنصارى .
173 - عن
بن عباس قال:" كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل الله عز
وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار تقرؤونه محضا لم يشب ثم يخبركم
الله في كتابه أنهم قد غيروا كتاب الله وبدلوه وكتبوا الكتاب بأيديهم ثم قالوا هو
من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا ألا ينهاكم العلم الذي جاءكم عن مسألتهم والله
ما رأينا رجلا منهم قط سألكم عما أنزل الله إليكم"(حسن)
174 عن بن عباس قال:" يا معشر المسلمين
كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل الله على نبيكم أحدث الأخبار
بالله تقرؤونه " فذكر نحوه رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير وعن
موسى بن إسماعيلعن إبراهيم بن سعد .
وقد روينا عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد
الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أن عمر أتاه فقال:" إنا نسمع أحاديث من
اليهود تعجبنا أفترى أن نكتب بعضها فقال أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى
لقد جئتكم بها بيضاء نقية ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي" .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق