شعب الإيمان
للحافظ البيهقي رحمه الله
الشيخ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى
البيهقي الحافظ رحمه الله قال :
الحمد لله الواحد القديم الماجد العظيم الواسع العليم الذي خلق الإنسان
في أحسن تقويم وعلمه أفضل تعليم وكرمه على كثير ممن خلق أبين تكريم ، أحمده
وأستعينه وأعوذ به من الزلل وأستهديه لصالح القول والعمل وأسأله أن يصلي على النبي
المصطفى الرسول الكريم المجتبى محمد خاتم النبيين وسيد المرسلين وعلى آله الطيبين
الطاهرين وسلم كثيرا .
أما بعد ، فإن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه بفضله
ولطفه وفقني لتصنيف كتب مشتملة علي أخبار مستعملة في أصول الدين وفروعه والحمد لله
على ذلك كثيرا ثم إني أحببت تصنيف كتاب
جامع لأصل الإيمان وفروعه وما جاء من الأخبار في بيانه وحسن القيام به لما في ذلك
من الترغيب والترهيب فوجدت الحاكم أبا عبد الله الحسين بن الحسن الحليمي رحمنا
الله وإياه أورد في كتاب المنهاج المصنف في بيان شعب الإيمان المشار إليها في حديث
رسول الله صلى الله عليه وسلم من حقيقة كل واحدة من شعبه وبيان ما يحتاج إليه
مستعمله من فروضه وسننه وأدبه وما جاء في معناه من الأخبار والآثار ما فيه كفاية
فاقتديت به في تقسيم الأحاديث على الأبواب وحكيت من كلامه عليها ما يتبين به
المقصود من كل باب ، إلا أنه رضي الله عنا وعنه اقتصر في ذلك على ذكر المتون وحذف
الأسانيد تحريا للاختصار وأنا علي رسم أهل الحديث أحب إيراد ما أحتاج إليه من
المسانيد والحكايات بأسانيدها والاقتصار على ما لا يغلب على القلب كونه كذبا ففي
الحديث الثابت عن سيدنا المصطفى صلى الله
عليه وسلم أنه قال من حدث بحديث وهو يرى
أنه كذب فهو أحد الكاذبين
باب ذكر الحديث الذي ورد في شعب الإيمان
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه ،عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" الإيمان بضع
وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان ".
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن محمد
المسندي عن أبي عامر.
ورواه
مسلم عن عبيد الله بن سعيد.
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الإيمان بضع وستون أو سبعون شعبة فأرفعها قول لا إله
إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان "
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب عن جريرز
قال
الإمام أحمد رحمه الله تعالى وهذا الشك
وقع من سهيل بن أبي صالح في بضع وستين أو في بضع وسبعين وسليمان بن بلال قال بضع
وستون لم يشك فيه وروايته أصح عند أهل العلم بالحديث غير أن بعض الرواة عن سهيل
رواه من غير شك قال بضع وسبعون أفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى
والعظم عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان .
3- ثنا حماد بن سلمة أنبا سهيل بن أبي صالح فذكره
من غير شك وهذا زائد فأخذ به صاحب كتاب المنهاج في تقسيمه ذلك على سبعة وسبعين
بابا بعد بيان صفة الإيمان وبالله التوفيق
باب حقيقة الإيمان
قال أبو
عبد الله الحليمي رحمه الله تعالى:
الإيمان مشتق من الأمن
الذي هو ضد الخوف كما قال الله عز وجل:" فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا
أمنتم فاذكروا الله "الآية ومعناه والغرض الذي يراد به عند إطلاقه : هو
التصديق والتحقيق، لأن الخبر هو القول الذي يدخله الصدق والكذب، والأمر والنهي كل واحد منهما قول يتردد بين أن
يطاع قائله وبين أن يعصى ، فمن سمع خبرا فلم يستشعر في نفسه جواز أن يكون كذبا
وأعتقد أنه حق وصدق فكأنما آمن في نفسه باعتقاد ما اعتقد فيما سمع من أن يكون
مكذوبا أو ملبسا عليه ، ومن سمع أمرا أو نهيا فاعتقد الطاعة له فكأنما آمن في نفسه
باعتقاد ما اعتقد فيما سمع من أن يكون مظلوما أو مستسخرا أو محمولا على ما لا
يلزمه قبوله والانقياد له .
فمن ذهب إلى هذا أنزل قول القائل آمنت بكذا
والمراد آمنت نفسي منزلة قولهم وطنت نفسي أو حملت نفسي على كذا، أو يكون تركهم ذكر
النفس في قولهم آمنت اختصارا لكثرة الاستعمال كما يقال بسم الله بمعنى بدأت أو
أبدأ بسم الله قال: وفيه وجه آخر ، وهو أن يكون
معنى آمنت أي آمنت مخبري أو الداعي لي من التكذيب والخلاف بما صرحت له به من
التصديق والوفاق ثم الإيمان الذي يراد به التصديق لا يعدى إلى من يضاف إليه
ويلصق به إلا بصلة وتلك الصلة قد تكون باء وقد تكون لاما وقد ورد الكتاب بكل
واحد منهما فالإيمان بالله عز وجل ثناؤه إثباته والاعتراف بوجوده والإيمان
له القبول عنه والطاعة له
والإيمان بالنبي
صلى الله عليه وسلم إثباته
والاعتراف بنبوته والإيمان للنبي صلى الله
عليه وسلم اتباعه وموافقته والطاعة له
ثم إن التصديق الذي هو معنى الإيمان بالله
وبرسوله منقسم فيكون منه ما يخفى وينكتم وهو الواقع منه بالقلب ويسمى اعتقادا
ويكون منه ما ينجلي ويظهر وهو الواقع باللسان ويسمى إقرارا وشهادة وكذلك
الإيمان لله ولرسوله ينقسم إلى جلي وخفي والخفي منه هو النيات والعزائم التي لا
تجوز العبادات إلا بها واعتقاد الواجب واجبا والمباح مباحا والرخصة رخصة والمحظور
محظورا والعبادة عبادة والحد حدا ونحو ذلك والجلي منها ما يقام بالجوارح إقامة
ظاهرة وهو عدة أمور منها الطهارة ومنها الصلاة ومنها الزكاة ومنها الصيام ومنها
الحج والعمرة ومنها الجهاد في سبيل الله وأمور سواها ستذكر في مواضعها إن شاء الله
تعالى
وكل ذلك
إيمان وإسلام وطاعة لله عز وجل ولرسوله
صلى الله عليه وسلم إلا أنه إيمان
لله بمعنى أنه عبادة له وإيمان للرسول بمعنى أنه قبول عنه دون عبادة له إذ العبادة
لا تجوز إلا لله عز وجل .
قال : والإيمان بالله ورسوله أصل وهو الذي ينقل
من الكفر.
والإيمان
لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم فرع وهو الذي يكمل بكماله الإيمان وينقص
بنقصانه الإيمان ومعنى هذا أن أصل الإيمان إذا حصل ثم تبعته طاعة زائدة زاد
الإيمان المتقدم بها لأنه إيمان انضم إليه إيمان كان يقتضيه ، ثم إذا تبعت تلك
الطاعة طاعة أخرى ازداد الأصل المتقدم والطاعة التي تليه بها، وعلى هذا إلى أن
تكمل شعب الإيمان .
قال : ونقصان الإيمان هو انفراد أصله عن بعض فروعه ،
أو انفراد أصله وبعض فروعه عما بقي منها مما اشتمل عليه الخطاب والتكليف لأن
النقصان خلف الزيادة فإذا قيل لمن آمن وصلى زاد إيمانه وجب أن يقال لمن آمن ووجبت
عليه الصلاة فلم يصل أنه ناقص الإيمان وأنه صار بتركها مع القدرة عليها فاسقا
عاصيا .
وعلى هذا سائر الأركان، فأما ما يتطوع به الإنسان مما ليس بواجب عليه
بمعنى تصديق العقد والقول بالفعل موجود فيه، فيزداد به الإيمان وتركه بالإضافة إلى
من يتركه يجوز أن يسمى نقصانا لكن لا يوجب لتاركه عصيانا هذا معنى قوله.
قال: وإذا أوجبنا
أن تكون الطاعات كلها إيمانا لم نوجب أن تكون المعاصي الواقعة من المؤمنين كفرا ، وذلك
أن الكفر بالله وبرسوله مقابل للإيمان به، فاذا كان الإيمان بالله وبرسوله الاعتراف به
والإثبات له كان الكفر جحوده والنفي له والتكذيب، وأما الأعمال فإنها إيمان لله وللرسول بعد وجود
الإيمان به والمراد به إقامة الطاعة على شرط الاعتراف المتقدم فكان الذي يقابله هو
الشقاق والعصيان دون الكفر .
باب الدليل على أن التصديق بالقلب والإقرار
باللسان أصل الإيمان
وأن
كليهما شرط في النقل عن الكفر عند عدم العجز
قال الله
تعالى:" قولوا آمنا بالله وما
أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق" الآية فأمر المؤمنين أن يقولوا آمنا بالله، وقال الله عز وجل:" قالت الأعراب آمنا
قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم " فأخبر أن
القول العاري عن الاعتقاد ليس بإيمان وأنه لو كان في قلوبهم إيمان لكانوا مؤمنين
لجمعهم بين التصديق بالقلب والقول باللسان ودلت السنة على مثل ما دل عليه الكتاب .
4- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أمرت أن أقاتل
الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها منعوا دماءهم وأموالهم إلا بحقها
وحسابهم على الله عز وجل "أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن الأعمش .
5 - عن أبي هريرة أن النبي قال:" أمرت أن
أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي فإن شهدوا أن لا إله إلا
الله وآمنوا بي وبما جئت به فقد عصموا مني دماءهم إلا بحقها وحسابهم على الله
" رواه مسلم في الصحيح عن أحمد بن عبدة
وأخرج حديث عكرمة بن عمار عن أبي كثير عن أبي
هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
:" اذهب فمن لقيت يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة
".
باب الدليل على أن الطاعات كلها إيمان
قال الله عز وجل في وصف المؤمنين:" إنما
المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا
" إلى قوله: " أولئك هم المؤمنون حقا " ، فأخبر أن المؤمنين
هم الذين جمعوا هذه الأعمال فدل ذلك على أنها من جوامع الإيمان.
قال
الحليمي رحمه الله تعالى : إذا ثبت لك أن الموصوفين في هذه الآية إنما استوجبوا
اسم المؤمنين حقا لمكان الأعمال التي وصفهم الله تعالى بها، ولم تكن الأعمال المتعبد بها هذه وحدها صح أن
المراد بذكرها هي وما في معناها من الأعمال المفروضة أو المندوب إليها، فالصلاة إشارة إلى الطاعات التي تقام بالأبدان
خاصة، والإنفاق مما رزق الله إشارة إلى
الطاعات التي تقام بالأموال، ووجل القلب إشارة الاستقامة من كل وجه ، ويدخل فيها
إقامة الطاعات والانزجار عن المعاصي.
قال : والآية
فيمن إذا ذكر الله وجل قلبه وليس ارتكاب المعاصي ومخالفة الأوامر من أمارات الوجل،
والآية فيمن إذا تليت عليه آيات الله
زادته إيمانا وليس التخلف عن الفرائض والقعود عن الواجبات اللوازم من زيادة
الإيمان بسبيل .
فصح أن الذين نفينا أن يكونوا مؤمنين حقا وأوجبنا
أن يكونوا ناقصي الإيمان غير داخلين في الآية قال الله عز وجل: " ولكن
الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان"
الحجرات 7، فقابل بين ما حببه إلينا وبين ما كره إلينا ، ثم أفرد الإيمان بالذكر
فيما حبب وقابله بالكفر والفسوق فيما كره فدل ذلك على أن للإيمان ضدين أو أن من
الإيمان ما ينقضه الكفر، ومن الإيمان ما ينقضه الفسوق، وفي ذلك ما أبان أن الطاعات كلها إيمان
ولولا ذلك لم يكن الفسوق ترك الإيمان والله أعلم.
قال
الحافظ أبو بكر البيهقي رحمه الله: وفصل
بين الفسق والعصيان وفي ذلك دلالة على أن من المعاصي ما لا يفسق به وإنما يفسق
بارتكاب ما يكون منها من الكبائر أو الإصرار على ما يكون منها من الصغائر واجتناب
جميع ذلك من الإيمان وبالله التوفيق .
وقال الله تعالى:" وما كان الله ليضيع
إيمانكم" وأجمع المفسرون على أنه أراد به صلاتكم إلى بيت المقدس فثبت أن
الصلاة إيمان وإذا ثبت ذلك فكل طاعة إيمان إذ لا فرق يفرق بينهما .
قال الإمام أحمد البيهقي وقد روينا في الحديث
الثابت عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب في صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما قدم المدينة قبل بيت المقدس ستة عشر أو
سبعة عشر شهرا ثم حولت إلى البيت وأنه مات قبل أن تحول رجال وقتلوا فلم يدر ما
نقول فيهم فأنزل الله عز وجل :"وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس
لرءوف رحيم "
عن أبي سلام عن أبي مالك الأشعري أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:" الطهور شطر الإيمان
"أخرجه مسلم في الصحيح من حديث أبان بن يزيد العطار .
15 - عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"من أعطى لله ومنع لله وأحب لله
وأبغض لله وأنكح لله فقد استكمل إيمانه"(إسناده حسن) وروى ذلك أيضا في
حديث أبي امامة الباهلي عن النبي صلى الله
عليه وسلم في غير الإنكاح فصرح بأن هذه
الخصال كلها إيمان وأبان أن أوثق عرى الإيمان الإخلاص .
وأما قول الله عز وجل:" إن الذين آمنوا
وعملوا الصالحات" فأفرد العمل الصالح بالذكر وقد قال أيضا :"إلا
الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر " العصر 3
فأفرد التواصي بالحق والتواصي بالصبر بالذكر ولم
يدلك ذلك على أنهما ليسا من الأعمال الصالحة فكذلك قوله :"إن الذين آمنوا
وعملوا الصالحات" لا يدل على أن عمل الصالحات ليس بإيمان،
وإنما
معناه أن الذين آمنوا أقل الإيمان الناقل عن الكفر ثم لم يقتصروا عليه ولكنهم ضموا
إليه الصالحات فعملوها حتى ارتقى إيمانهم من درجة الأقل إلى الأكمل أو نقول أن
المراد بالذين آمنوا الإيمان بالله وبعمل الصالحات الإيمان لله والإيمانان
متغايران على ما بينا فلذلك سميا باسمين والله اعلم.
باب الدليل على أن الإيمان والإسلام على الإطلاق
عبارتان عن دين واحد
قال الله
تعالى :" إن الدين عند الله الإسلام" وقال
:" قولوا آمنا بالله "
فصح أن قولنا إيمان بالله إسلام وقال في قصة لوط :" فأخرجنا من كان
فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين " فسماهم مرة
مؤمنين ومرة مسلمين وإنما أراد تمييزهم عن غيرهم بأديانهم فصح أن الإيمان والإسلام
اسمان لدين واحد، وإن كانت حقيقة الإسلام التسليم وحقيقة الإيمان التصديق فاختلاف
الحقيقة فيهما لا يمنع من أن يجعلا اسما لدين واحد كالغيث والمطر هما اسمان لمسمى
واحد وإن كان حقيقة الغيث في اللسان غير حقيقة المطر .
عن بن عباس رضي الله عنه، أن وفد عبد القيس لما
قدموا على رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال :"من القوم " قالوا
ربيعة قال : " مرحبا بالوفد غير الخزايا ولا النادمين" قالوا : يا
رسول الله إنا حي من ربيعة وإنا نأتيك من شقة بعيدة وإنه يحول بيننا وبينك هذا
الحي من كفار مضر وإنا لا نصل إليك إلا في شهر حرام فمرنا بأمر فصل ندعو إليه من
وراءنا وندخل به الجنة قال: فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم :" آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع ، آمركم
بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله،
وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ،وأن تعطوا من المغانم الخمس، وأنهاكم عن أربع :عن الدباء والحنتم والنقير
والمزفت - قال وربما قال المقير -احفظوهن
وادعوا إليهن من وراءكم" أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث شعبة
وغيره .
فسمى رسول الله
صلى الله عليه وسلم كلمة الشهادة
في هذا الحديث إيمانا وسماها في حديث آخر إسلاما.
(قال ابن حجر : هذه أوعيه نهوا عن الانتباذ بها
لأنه يسرع فيها الإسكار، فربما شرب منها من لايشعر بذلك ، ثم ثبتت الرخصة في
الانتباذ في كل وعاء مع النهي عن شرب كل مسكر)
19 - عن يحيى بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن قالا :
لقينا عبد الله بن عمر فذكرنا له القدر وما يقولون فيه فقال: إذارجعتم إليهم فقولوا لهم إن بن عمر منكم بريء
وأنتم منه براء ثلاث مرات ثم قال: أخبرني عمر أو قال : حدثني عمر بن الخطاب رضي
الله عنه أنهم بينا هم جلوس عند رسول الله
صلى الله عليه وسلم :"جاء
رجل حسن الوجه حسن الشعر عليه ثياب بياض فنظر القوم بعضهم إلى بعض فقالوا ما نعرف
هذا ولا هذا صاحب سفر ثم قال يا رسول الله آتيك قال نعم قال فجاء فوضع ركبتيه عند
ركبتيه ويديه على فخذيه فقال: ما الإسلام؟ قال : الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا
رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت، قال : فما الإيمان؟
قال : أن
تؤمن بالله وملائكته والجنة والنار والبعث بعد الموت والقدر كله.
قال: فما
الإحسان؟ قال : أن تعمل كأنك ترى فإن لم
تكن ترى فإنك تُرى، قال :فمتى الساعة ؟
قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، قال: فما أشراطها ؟ قال: إذا رأيت الحفاة العراة
العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان ، وولدت الإماء أربابهن، ثم قال علي بالرجل فطلبوه فلم يروا شيئا ، فلبث
يومين أو ثلاثة ثم قال يا بن الخطاب أتدري من السائل عن كذا وكذا، قال: الله ورسوله أعلم ،قال: ذاك جبريل جاءكم
يعلمكم أمر دينكم"
(إسناده صحيح)
قال وسأله رجل من جهينة أو مزينة قال:" يا
رسول الله فيم نعمل أفي شيء قد خلا أو مضى أو شيء يستأنف الآن؟ قال : في شيء قد خلا ومضى، فقال رجل : أو
بعض القوم فيم نعمل إذن؟ قال: إن أهل الجنة ييسرون لعمل أهل الجنة وإن أهل
النار ييسرون لعمل أهل النار "رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن حاتم عن
يحيى بن سعيد.
قال الإمام أبو بكر البيهقي رحمه الله وفي تسمية
كلمة الشهادة في هذا الحديث إسلاما وفي الحديث الأول إيمانا دلالة على أنهما اسمان
لمسمى واحد إلا أنه فسر في هذا الحديث الإيمان بما هو صريح فيه ، وهو التصديق وفسر
الإسلام بما هو أمارة له ، وإن كان اسم صريحه يتناول أماراته ، واسم أماراته
يتناول صريحه ، وهذا كما فصل بينهما وبين الإحسان، وإن كان الإيمان والإسلام إحسانا ، والإحسان
الذي فسر بالإخلاص واليقين يكون إيمانا والله تعالى أعلم .
20 - عن عكرمة بن خالد عن بن عمر قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم :" بني
الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله - أظنه قال - وأن محمدا رسول الله وإقام
الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان" رواه البخاري في الصحيح عن عبيد
الله بن موسى .
وقال وأن محمدا رسول الله ولم يذكره بعض الرواة
عن عبيد الله ولا أكثرهم عن حنظلة.
وأخرجه
مسلم عن وجه آخر عن حنظلة فسمى هذه الأركان الخمسة في هذه الرواية إسلاما وقد
سماهن في رواية أخرى إيمانا .
23- عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال: قال
رجل : يا رسول الله أيواخذ الله الرجل بما عمل في الجاهلية؟ قال :"من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما
عمل في الجاهلية ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر"
لفظ حديث أبي النضر رواه البخاري في الصحيح عن
خلاد بن يحيى.
ورواه
مسلم عن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه .
قال الحليمي رحمه الله تعالى: وهذا على أن الطاعات في الإيمان إيمان وأن
المعاصي في الكفر كفر فإذا أسلم الكافر أحبط أسلامه كفره، فإن أحسن في الإسلام
أحبطت طاعاته تلك المعاصي التي قدمها في حال كفره ، وإن لم يحسن في الإسلام بقيت
تلك المعاصي بحالها لم يجد ما يحبطها فأخذ بإساءته في الإسلام وفيما قبله .
ولا يلزم على هذا إلزامه قضاء ما ترك من صوم
وصلاة لأنه إذا صام وصلى بعد ما أسلم سقط عنه ما ترك في الكفر بدلالة الحديث، وإن لم يصل ولم يصم أمر بهما وحمله على ذلك حمل
له على ما إذا فعله سقط عنه ما مضى .
24 - عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إذا أسلم العبد فحسن إسلامه كفر
الله عنه كل سيئة زلفها وكتب الله له كل حسنة كان زلفها ثم كان القصاص الحسنة بعشر
أمثالها إلى سبعمائة ضعف والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عز وجل "
أخرجه البخاري في الصحيح فقال وقال مالك فذكره .قال الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي
رحمه الله أسنده مالك وأرسله بن عيينة .
25 - أخبرناه أبو الحسين بن بشران أنا إسماعيل بن
محمد الصفار ثنا سعدان بن نصر ثنا سفيان بن عيينة عن زيد بن أسلم سمع عطاء بن يسار
يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذا أسلم العبد فحسن إسلامه تقبل
منه كل حسنة زلفها وكفر عنه كل سيئة زلفها وكان في الإسلام ما كان الحسنة بعشر
أمثالها إلى سبعمائة والسيئة بمثلها أو يمحوها الله عز وجل"
باب القول في زيادة الإيمان ونقصانه
وتفاضل
أهل الإيمان في إيمانهم
وهذا
يتفرع على قولنا في الطاعات أنها إيمان، وهوأنها إذا كانت إيمانا كان تكاملها
بكمال الإيمان وتناقصها تناقص الإيمان ، وكان المؤمنون متفاضلين في إيمانهم كما هم
متفاضلون في أعمالهم وحرم أن يقول قائل إيماني وإيمان الملائكة والنبيين صلوات
الله عليهم أجمعين واحد .
قال الله عز وجل :"ليزدادوا إيمانا مع
إيمانهم" وقال:" وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا"،
وقال:" وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من
يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون
" وقال :" ويزداد الذين آمنوا إيمانا
" فثبت بهذه الآيات أن الإيمان قابل
للزيادة وإذا كان قابلا للزيادة فعدمت الزيادة كان عدمها نقصانا على ما مضى بيانه
ودلت السنة على مثل ما دل عليه الكتاب .
26 - عن القعقاع بن حكيم ، عن أبي صالح، عن أبي
هريرة أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال :"أكمل المؤمنين إيمانا
أحسنهم خلقا".
27 - عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم :" إن
أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائكم".
قال
الحليمي رحمه الله تعالى : فدل هذا القول على أن حسن الخلق إيمان، وأن عدمه نقصان
إيمان ، وأن المؤمنين متفاوتون في إيمانهم فبعضهم أكمل إيمانا من بعض .
28 - عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه قال
أخرج مروان المنبر وبدأ بالخطبة قبل الصلاة فقام رجل فقال : يا مروان خالفت السنة ،
أخرجت المنبر ولم يكن يخرج، وبدأت بالخطبة قبل الصلاة فقال أبو سعيد :من هذا؟ فقالوا: فلان، فقال أبو سعيد : قد قضى هذا الذي
عليه إن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال :"من رأى أمرا منكرا
فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان
"أخرجه مسلم في الصحيح من حديث الأعمش .
29 - عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" يا معشر النساء تصدقن وأكثرن
الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار، قالت إمرأة منهن : ومالنا يا رسول الله
؟ قال : تكثرن اللعن وتكفرن العشير، وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي اللب منكن
، قالت : يا رسول الله وما نقصان العقل والدين ؟ قال: أما نقصان العقل فشهادة
امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي لا تصلي وتفطر في رمضان
فهذا نقصان الدين" رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رمح عن الليث، وأخرجاه
من حديث أبي سعيد .
30 - عن
أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال :"يدخل الله أهل
الجنة الجنة ، يدخل من يشاء برحمته ، ويدخل أهل النار النار ، ثم يقول انظروا من
وجدتم في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجوه، فيخرجون منها حمما قد امتحشوا ، ويلقون في نهر
الحياة أو الحيا فينبتون فيه كما تنبت الحبة إلى جانب السيل ألم تروها تخرج صفراء
ملتوية"
هذا لفظ
حديث بن وهب رواه البخاري في الصحيح عن بن أبي أويس .
ورواه مسلم عن هارون بن سعيد.
قال
الحليمي رحمه الله تعالى: ووجه هذا أن يكون في قلب واحد توحيد ليس معه خوف
غالب علي القلب فيردع ، ولا رجاء حاضر له فيطمع، بل يكون صاحبه ساهيا قد أذهلته
الدنيا عن الآخرة، فإنه إذا كان بهذه
الصفة انفرد التوحيد في قلبه عن قرائنه التي لو كانت لكانت أبوابا من الإيمان
تتكثر بالتوحيد ويتكثر التوحيد بها ، إذ كانت تصديقا والتصديق من وجه واحد أضعف من
التصديق من وجوه كثيرة فإذا كان ذلك خف وزنه وإذا تتابعت شهاداته ثقل وزنه .
وله وجه آخر وهو أن يكون إيمان واحد في أدنى
مراتب اليقين حتى إن تشكك تشكك، وإنما آخر
في أقصى غايات اليقين فهذا يثقل وزنه والأول يخف وزنه .
وله وجه آخر وهو أن يكون إيمان واحد ناشئا عن
استدلال قوي ونظر كامل ، وإيمان آخر واقع عن الخبر والركون إلى المخبر به على ما
يذكره، فيكون الأول أثقل وزنا والثاني أخف وزنا .
وهذا الخبر يدل على تفاوت الناس في إيمانهم .
قال الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي رحمه الله: وقد روي عن عبد الرحمن بن بزرج قال سمعت أبا
هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم :" ما أخاف على أمتي إلا ضعف اليقين "
وهذا يدل على تفاوتهم في اليقين، أما قوله عز وجل
:" اليوم أكملت لكم دينكم
" وما ورد في معناه فإنه لا يمنع من
قولنا بزيادة الإيمان ونقصانه لأن معنى قوله :" اليوم أكملت لكم دينكم " أي أكملت لكم وضعه فلا أفرض عليكم من بعد ما لم
أفرضه عليكم إلى اليوم ولا أضع عنكم بعد اليوم ما قد فرضته قبل اليوم ، فلا تغليظ
من الآن ، ولا تخفيف ولا نسخ ولا تبديل، وليس معناه أنه أكمل لنا ديننا من قبل أفعالنا
لأن ذلك لوكان كذلك لسقط عن المخاطبين بالآية الدوام على الإيمان ، لأن الدين قد
كمل وليس بعد الكمال شيء فإذا كان الدوام على الإيمان مستقبلا وهو إيمان فلذلك
الطاعات الباقية التي تجب شيئا فشيئا كلها إيمان والكمال راجع إلى إكمال الشرع
والوضع لا إلى إكمال أداء المؤدين له وقيام القائمين به والله تعالى أعلم .
33 - عن
قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب أن رجلا من اليهود قال لعمر: يا أمير المؤمنين آية
في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا قال أي آية
قال:" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا
" فقال عمر : قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي أنزلت فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات يوم جمعة ، رواه البخاري في الصحيح عن
الحسن بن الصباح، ورواه مسلم عن عبد بن
حميد كلاهما عن جعفر بن عون .
وذهب بعض من قال بزيادة الإيمان ونقصانه إلى أنه
إذا ارتكب معصية فإنها تحبط مما تقدمها من الطاعات بقدرها وحتى ارتقى بعضهم إلى
أصل الإيمان غير أنه لا يقول بالتخليد وأمره موكول إلى الله تعالى إن شاء عفا عنه
برحمته أو بشفاعة الشافعين وإن شاء عاقبه بذنوبه ثم أدخله الجنة برحمته .
واحتج بعض من قال بقولهم بقول الله عز وجل :"
يا أيها الذين أمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول
"الآية إنما أراد بذلك أن رفع الصوت فوق صوته يقع معصية فيخرج إيمان الرافع
ويحبط بعض عمله واحتج أيضا بقوله :"يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم
بالمن والأذى".
قال
الحليمي رحمه الله تعالى : وقد يخرج هذا على غير ما قاله المحتج به وهو أن يكون
المعنى لا يحملنكم أيها المهاجرون هجرتكم معه ولا أيها الأنصار إيواؤكم إياه على
أن تضيعوا حرمته وترفعوا أصواتكم فوق صوته فتكونوا بذلك صارفين ما تقدم منكم من
الهجرة والإيواء والنصرة عن ابتغاء وجه الله به إلى غرض غيره ووجه سواه فلا
تستوجبوا به مع ذلك أجرا، ويخرج على وجه آخر وهو أن يقال:" لا تجهروا له
بالقول كجهر بعضكم لبعض" الحجرات
2 ، فإن ذلك قد يبلغ بكم حد الازراء به والاستخفاف له ، فتكفروا وتحبط أعمالكم إلا
أن تتوبوا وتسلموا .
وكذلك قوله
:" لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى " فليس على أن المن يحبط الصدقة وإنما
وجهه أن الصدقة يبتغى بها وجه الله تعالى ، وهو المأمول منه ثوابها، فإذا من المتصدق على السائل وآذاه بالتعيير فقد
صرفها عن ابتغاء وجه الله تعالى بها إلى وجه السائل فحبط أجره عند الله لهذا وصلت
عند المتصدق عليه مع ذلك لأنه إن كان حباه فقد آذاه وإن كان أعطاه فقد أخزاه ولو
كان ذلك على معنى إفساد الطاعة بالمعصية لم يختص بالبطلان صدقته .
وان من الطعن على هذا القول أن سيئات المؤمن
متناهية الجزاء وحسناته ليست بمتناهية لأن مع ثوابها الخلود في الجنة فلا يتوهم أن
يكون التبعة المتناهية التي يستحقها المؤمن بسيئة تأتي على ثواب حسنة لا نهاية له .
فأما قول النبي
صلى الله عليه وسلم :" من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية فإنه
ينقص من عمله كل يوم قيراطان " فإنما هو على معنى أنه ينقص من أجر عمله
كل يوم قيراطان وهو في أكثر الرواية عن بن عمر في هذا الحديث من أجره وفي بعضها من
عمله.
قال
الحليمي : وإنما هو على معنى أنه يحرم لأجل هذه السيئة بعض
ثواب عمله ولسنا ننكر جواز أن يحرم الله تعالى المؤمن بعض جزاء حسناته ويقلل ثوابه
لأجل سيئة أو سيئات تكون منه وإنما أنكرنا قول من يقول أن السيئة قد تحبط الطاعة
أو توجب إبطال ثوابها أصلا وذلك أنه لم يأت به كتاب ولا خبر ولا يمكن أن يكون مع
ثبوت الخلود للمؤمنين في الجنة والله تعالى أعلم.
قال
الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي رحمه الله : وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم :" أتدرون ما المفلس؟ قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع،
قال : إن المفلس من أمتي رجل يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي وقد
شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا ، فيعطي هذا من حسناته وهذا
من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم
طرح في النار" فهذا إنما احتج به من قال بإحباط السيئة الحسنة
ووجهه عندي والله تعالى أعلم أنه يعطى خصماؤه من
أجر حسناته ما يوازي عقوبة سيئاته فإن فنيت حسناته أي أجر حسناته الذي قوبل بعقوبة
سيئاته أخذ من خطاياهم فطرحت عليه وطرح في النار كي يعذب بها إن لم يغفر له حتى
إذا انتهت عقوبة تلك الخطايا رد إلى الجنة بما كتب له من الخلود ولا يعطى خصماؤه
ما زاد من الأجر على ما قابل عقوبة سيئاته لأن ذلك فضل من الله تعالى يخص به من
وافى يوم القيامة مؤمنا والله تعالى أعلم .
34 - عن
أبي هريرة أنه قال: إن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال:" لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين
يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس
إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن ".
وبهذا الإسناد عن بن شهاب عن سعيد وأبي سلمة عن
أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه
وسلم مثل حديث أبي بكر ولم يذكر النهبة
رواه البخاري في الصحيح من حديث يحيى بن بكير،
ورواه
مسلم من وجه آخر عن الليث.
وإنما
أراد والله تعالى أعلم وهو مؤمن مطلق الإيمان لكنه ناقص الإيمان بما ارتكب من
الكبيرة وترك من الانزجار عنها ولا يوجب ذلك تكفيرا بالله عز وجل .
وكل موضع من كتاب أو سنة ورد فيه تشديد على من
ترك فريضة أو ارتكب كبيرة فإن المراد به نقصان الإيمان فقد قال الله عز
وجل:" إن الله لا يغفر أن يشرك به
ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" .
35 - عن
هزيل بن شرحبيل قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان
أهل الأرض لرجح بهم .
37 - عن
عبد الله بن عمرو بن هند قال: قال علي رضي الله عنه: إن الإيمان يبدأ لمظة بيضاء
في القلب فكلما ازداد الإيمان عظما ازداد ذلك البياض فإذا استكمل الإيمان أبيض
القلب كله، وإن النفاق يبدو لمظة سوداء في القلب فكلما ازداد النفاق عظما ازداد
ذلك السواد ، فإذا استكمل النفاق اسود القلب كله وايم الله لو شققتم عن قلب مؤمن
لوجدتموه أبيض ولو شققتم عن قلب منافق لوجدتموه أسود قال واللمظة هي الذوقة وهو أن
يلمظ الإنسان أو الدابة شيئا يسيرا أي يتذوقه فكذلك القلب يدخله من الإيمان شيء
يسير ثم يتسع فيه فيكثر .
39 - عن
عمرو بن قيس عن أبي إسحاق قال: قال علي رضي الله عنه : الصبر من الإيمان بمنزلة
الرأس من الجسد فإذا ذهب الصبر ذهب الإيمان.
42 - عن
عبد الله بن مسعود قال : من لم يصل فلا دين له .
وقد روينا عن بريدة بن حصيب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" العهد الذي بيننا وبينهم
الصلاة فمن تركها فقد كفر " وإنما أراد - والله تعالى أعلم - كفرا يكون
نقيض الإيمان لله تعالى بترك شعبة من شعبه ولم يرد به كفرا يكون نقيض الإيمان
بالله إذا لم يجحد فرضها ويشبه أن يكون تخصيصه الصلاة بالذكر لوجوب القتل بتركها
كوجوبه بترك الإيمان بالله تعالى .
43 - عن
الأسود بن هلال قال: قال معاذ بن جبل لأصحابه : اجلسوا بنا نؤمن أظنه قال ساعة أي
نذكر الله .
44 - عن
إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أنه قال: اجلسوا بنا نزدد إيمانا .
47 - ثنا
وكيع ثنا الأعمش عن أبي ظبيان عن علقمة قال عبد الله بن مسعود الصبر نصف الإيمان
واليقين الإيمان، وقد روي هذا من وجه آخر
غير قوي مرفوعا
51 - عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: ثلاث من
الإيمان : أن يحتلم الرجل في الليلة الباردة فيقوم فيغتسل لا يراه إلا الله ، والصوم
في اليوم الحار، وصلاة الرجل في الأرض
الفلاة لا يراه إلا الله .
53 - عن
أبي الدرداء قال الإيمان يزداد وينقص
57 - ثنا وكيع عن سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه
قال: ما نقصت أمانة عبد قط إلا نقص من إيمانه.
58 - عن عدي
بن عدي، أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه أما بعد فإن للإيمان حدودا وشرائع وفرائض
من استكملها استكمل الإيمان ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان .
قال الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي رحمه الله:
وقد روينا أيضا قولنا في الإيمان عن محمد بن الحنفية وعطاء بن أبي رباح والحسن وبن
سيرين وعبيد بن عمير ووهب بن منبه وحبيب بن أبي ثابت وغيرهم من أئمة المسلمين:
الأوزاعي ومالك وسفيان بن عيينة والفضيل بن عياض والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن
إبراهيم الحنظلي ومحمد بن إسماعيل البخاري وغيرهم رحمهم الله .
66 -
أنبا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله تعالى في مسألة ذكرها في كتاب السير( الصلاة
من الإيمان ) ، وقال في التسمية على الذبيحة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم :( ولا أكره مع تسميته
على الذبيحة أن يقول صلى الله على رسوله بل أحبه له ، لأن ذكر الله والصلاة على
رسول الله إيمان بالله وعبادة له يؤجر عليها إن شاء الله تعالى من قالها ) وروينا
عن يوسف بن عبدالأحد عن الربيع بن سليمان قال سمعت الشافعي يقول الإيمان قول وعمل
يزيد وينقص .
باب الاستثناء في الإيمان
70 - عن
علقمة قال : قال رجل عند عبد الله بن مسعود : أنا مؤمن قال :" قل: إني في
الجنة ولكنا نقول : آمنا بالله وملائكته وكتبه ورسله ".
71 - عن منصور عن إبراهيم قال: قال رجل لعلقمة: أمؤمن أنت؟ قال: أرجو إن شاء الله.
وقد
روينا هذا عن جماعة من الصحابة والتابعين والسلف الصالح رضي الله تعالى عنهم
أجمعين
وروينا عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه خطبهم
فقال: أنتم المؤمنون أنتم أهل الجنة والله إني لأطمع أن يكون عامة من تصيبون من
أهل فارس والروم في الجنة لأن أحدهم يعمل لكم العمل، فتقول أحسنت رحمك الله ، أحسنت
بارك الله فيك والله يقول :"ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من
فضله ".
72 - ثنا
الأعمش عن شقيق عن سلمة بن سبرة قال خطبنا معاذ فذكرة.(إسناده صحيح)
وفي هذا
أنه يخاطب الجماعة بذلك ولم يعين به شخصا وقد رجع في آخر الحديث إلى الاستثناء في
دخول الجنة فقال إني لأطمع .
73 - عن
سعيد بن يسار قال: بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلا يزعم أنه مؤمن فكتب إلى
أميره أن ابعثه إلي فلما قدم عليه قال : أنت الذي تزعم أنك مؤمن ، قال: نعم والله
يا أمير المؤمنين ، قال : ويحك ومم ذاك قال: أولم تكونوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصنافا مشرك ومنافق ومؤمن فمن أيهم كنت قال فمد
عمر يده إليه معرفة لما قال حتى أخذ بيده.
74 - ثنا
عثمان بن الأسود قال : قلت لعطاء بن أبي رباح الرجل يقول لا أدري أمؤمن أنا أم لا
قال سبحان الله قال الله تعالى:" الذين يؤمنون بالغيب" فهو الغيب
فمن آمن بالغيب فهو مؤمن بالله.
قال
الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي رحمه الله فهذا الذي روينا من إطلاق معاذ وما
روي مرسلا من تصويب عمر وقول عطاء في تسمية من آمن بالله وبرسوله بالمؤمن يرجع إلى
الحال.
قال
الحليمي رحمه الله تعالى لا ينبغي للمؤمن أن يمتنع من تسمية نفسه مؤمنا في
الحال لأجل ما يخشاه من سوء العاقبة نعوذ بالله منه لأن ذلك وإن وقع وحبط ما قدم
من إيمانه فليس ينقلب الموجود منه معدوما من أصله وإنما يحبط أجره ويبطل ثوابه.
وأما من
أنكر من السلف إطلاق اسم الإيمان فالموضع الذي يليق به ما قال: أن يقول الواحد : أنا مؤمن وأعيش مؤمنا وأموت
مؤمنا وألقي الله مؤمنا ولا يستثني ، ولذلك قال بن مسعود : قل : إني في الجنة لأن
من مات مؤمنا كان في الجنة ، وليس كل من كان مؤمنا ساعة من عمره أو يوما أو سنة
كان في الجنة فعلمنا أن عبد الله إنما قال هذا لمن اتكل على إيمانه فقطع بأنه مؤمن
مطلق في عامة أحواله وأوقاته فلا يعيش إلا مؤمنا ولا يموت إلا مؤمنا ولم يكل أمره
إلى الله عز وجل.
فأما
قول المؤمن أنا الآن مؤمن فليس مما ينكر وإنما يصح الاستثناء إذا كان الخبر عن
المستقبل خاصة فيكون المعني أرجو أن يمن علي بالتثبت ولا يسلبني هدايته بعد أن
آتانيها.
قال:
وللاستثناء موضع آخر يصح فيه ويحسن وهو أن يرد على كمال الإيمان لا على أصله وأسه
كما روي أن رجلا سأل قتادة أمؤمن أنت ؟ فقال: أما أنا فأومن بالله وملائكته وبكتبه
وبرسله وبالبعث بعد الموت وبالقدر خيره وشره أما الصفة التي ذكرها الله عز وجل:
" إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم " قرأ الآيات إلى قوله:" أولئك هم
المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم" فلا أدري أنا منهم أو
لا.
فقد أبان
قتادة أنه قد آمن الإيمان الذي يبعده عن الكفر ولكنه لا يدري استكمل الأوصاف التي
حكى الله تعالى بها قوما من المؤمنين فأوجب لهم بها المغفرة والدرجات وكان ذلك
مشككا منه في الاستكمال الذي يوجب له الدرجات لا في مجانبة الكفر الذي يسقط عنه
العذاب فمن وضع الاستثناء في أحد هذين الموضعين فليس من الشكاك
قال
الحافظ أبو بكر البيهقي رحمه الله وقد روينا معنى هذا عن الحسن البصري .
76 -
أخبرنا أبو منصور الفقيه أنبا أبو أحمد بن إسحاق الحافظ قال سمعت أبا العباس
الثقفي يقول : سمعت قتيبة بن سعيد يقول : هذا قول الأئمة المأخوذ في الإسلام
والسنة بقولهم فذكر الحكاية ......
قال : والإيمان يتفاضل والإيمان قول وعمل ونية
والصلاة من الإيمان والزكاة من الإيمان والحج من الإيمان وإماطة الأذى عن الطريق
من الإيمان
ونقول: الناس عندنا مؤمنون بالاسم الذي سماهم الله في الإقرار
والحدود والمواريث ولا نقول حقا ولا نقول عند الله ولا نقول كإيمان جبريل وميكائيل
فإن إيمانهما متقبل.
قال
الإمام الحافظ البيهقي رحمه الله : وروينا عن وكيع انه قال : كان سفيان الثوري
يقول: أنا مؤمن وأهل القبلة كلهم مؤمنون في النكاح والدية والمواريث ولا يقول أنا
مؤمن عند الله عز وجل والمراد بهذا والله أعلم أن الله عز وجل يعلم إلى ما يصير
أمره في المستقبل وهو لا يعلم فيكل الأمر فيما لا يعلم إلى عالمه ويخبر عما هو
عليه في الحال .
باب ألفاظ الإيمان
قال الله
عز وجل:" وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي
فطرني فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية في عقبه " الآية ، قيل: وهي قول لا إله إلا الله.
وروينا
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" أمرت أن أقاتل الناس حتى
يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم
على الله عز وجل "
77 -
أنبا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لأعطين الراية
غدا رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله عليه"
قال سهيل:
أحسبه خيبر.
قال عمر:
فما أحببت الإمارة قط حتى يومئذ فدعا عليا فبعثه
ثم قال :" آذهب فقاتل حتى يفتح الله عليك
ولا تلتفت "
قال علي رضي الله عنه : على ماذا أقاتل الناس؟ قال:" قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن
محمدا عبده ورسوله ، فإذا فعلوا ذلك فقد عصموا منكم دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عز
وجل"
أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن سهيل
قال
البيهقي رحمه الله : وقد روينا في حديث المقداد بن الأسود انه قال: يا
رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم
لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أقتله يا رسول الله بعد أن قالها ؟ فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم :" لا تقتله"
فقلت : يا رسول الله إنه قطع يدي ثم قال ذلك بعد
أقتله؟ فقال: " لا تقتله فإن
قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وإنك بمنزلته قبل أن يقول الكلمة التي قال ".
79 - عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيد الله بن عدي
بن الخيار عن المقداد بن الأسود انه قال يا رسول الله فذكره أخرجاه في الصحيح
وروينا في حديث عقبة بن مالك في قصة شبيهة بقصة المقداد غير أنه قال فقال إني مسلم
فذكر ما كان من النبي صلى الله عليه
وسلم من إعراضه عن قاتله وقوله إن الله
أبى علي من قتل مؤمنا
فصل فيمن كفر مسلما
80 - عن
نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال :"إذا كفر الرجل أخاه
فقد باء بها أحدهما "رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة
وفي رواية عبد الله بن دينار عن بن عمر إن كان كما
قال وإلا رجعت إليه .
قال الحليمي رحمه الله تعالى إذا قال ذلك مسلم
لمسلم فهذا على وجهين إن أراد أن الدين الذي يعتقده كفر كفر بذلك وإن أراد انه
كافر في الباطن ولكنه يظهر الإيمان نفاقا لم يكفر وإن لم يرد شيئا لم يكفر لأن
ظاهره أنه رماه بما لا يعلم في نفسه مثله
قال البيهقي رحمه الله: قد روينا عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه
أنه قال في حاطب بن أبي بلتعة حين خان رسول الله
صلى الله عليه وسلم بالكتابة إلى
مكة دعني أضرب عنق هذا المنافق فسماه عمر منافقا ولم يكن منافقا فقد صدقه
النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخبر عن نفسه ولم يصر به عمر كافرا لأنه
اكفره بالتأويل وكان ما ذهب إليه عمر محتمل
باب القول في إيمان المقلد والمرتاب
المقلد من تدين ما تدين لأنه دين آبائه وقرابته وأهل
بلده وليس عنده وراء ذلك حجة يأوي إليها والمرتاب من يقول إعتقدت الإسلام
وتابعت أهله احتياطا لنفسي فإن كان حقا فقد فزت وإن لم يكن من ذلك شيء لم يضرني
وواحد من هذين ليس بمسلم.
والمؤمن الذي ليس بمقلد رجلان : أحدهما
الذي يعرف الله تعالى جده بالدلائل والحجج معرفة تامة لا شك معها وعرف رسول
الله صلى الله عليه وسلم بالحجج الدالة على صدقه ثم اعترف بالله ورسوله
وقبل عن رسوله جميع ما جاء به من عنده وأسلم نفسه بالطاعة له فيما أمره به ونهاه
عنه .
والآخر من يؤمن بالله إجابة لدعوة نبيه
بعد قيام الحجة على نبوته.
81 - عن
أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه
وسلم قالت:" إن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتن أصحابه بمكة أشار عليهم أن يلحقوا بأرض
الحبشة فذكر الحديث بطوله... إلى أن قال :
فكلمه جعفر يعني النجاشي قال : كنا على دينهم - يعني دين أهل مكة - حتى بعث الله
عز وجل فينا رسولا نعرف نسبه وصدقه وعفافه فدعانا إلى أن نعبد الله وحده ولا نشرك
به شيئا ونخلع ما يعبد قومنا وغيرهم من دونه وأمرنا بالمعروف ، ونهانا عن المنكر
وأمرنا بالصلاة والصيام والصدقة وصلة الرحم وكل ما يعرف من الأخلاق الحسنة وتلا
علينا تنزيلا جاءه من الله عز وجل لا يشبهه شيء غيره ، فصدقناه وآمنا به وعرفنا أن
ما جاء به هو الحق من عند الله عز وجل قال ففارقنا عند ذلك قومنا وآذونا وفتنونا
فلما بلغ منا ما يكره ولم نقدر على الامتناع أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم بالخروج إلى بلادك اختيارا لك على من سواك
لتمنعنا منهم فقال النجاشي : هل معكم مما أنزل عليه شيء تقرأونه علي قال جعفر: نعم فقرأ كهيعص فلما قرأها بكى النجاشي حتى أخضل
لحيته وبكت أساقفته حتى اخضلوا مصاحفهم وقال النجاشي :إن هذا الكلام والكلام الذي
جاء به عيسى ليخرجان من مشكاة واحدة " .
82 - عن بن عباس قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:" بم كنت نبيا؟ قال أرأيت إن دعوت شيئا من هذه النخلة فأجابني
تؤمن بي ؟ قال نعم فدعاه فأجابه فآمن به وأسلم".
باب القول فيمن يكون مؤمنا بإيمان غيره
85 - عن
أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال :"كل إنسان
تلده أمه على الفطرة أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه فإن كانا مسلمين فمسلم"
،
" كل
إنسان تلده أمه يلكزه الشيطان في حضنيه إلا مريم وابنها "رواه مسلم في
الصحيح عن قتيبة.
وقد حكينا عن الشافعي رحمه الله تعالى أنه قال كل
مولود يولد على الفطرة
هي الفطرة التي فطر الله تعالى عليها الخلق
فجعلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يفصحوا بالقول فيختاروا أحد القولين
الإيمان أو الكفر لا حكم لهم في أنفسهم إنما الحكم لهم بآبائهم فما كان آباؤهم يوم
يولدون فهم بحاله إما مؤمن فعلى إيمانه أو كافر فعلى كفره
فذهب الشافعي رحمه الله في هذا إلى أن الله تعالى
خلق المولود لا حكم له في نفسه وإنما هو تبع لوالديه في الدين في حكم الدنيا حتى
يعرب عن نفسه بعد البلوغ وأما في الآخرة فمنهم من ألحقهم بآبائهم في حكم الآخرة
أيضا ومنهم من ألحق ذراري المسلمين بهم وزعم أن أولاد المشركين خدم أهل الجنة
ومنهم من توقف في الجميع ووكل أمرهم إلى الله عز وجل وهذا أشبه الأقاويل بالسنن
الصحيحة والله تعالى أعلم.
وإذا سبي الصغير من دار الحرب ومعه أبواه أو
أحدهما فدينه دين من معه من أبويه وإن سبي وحده فدينه دين السابي لأنه وليه الذي
أولى به منه فقام في دينه مقام أبويه كما قام في الولاية والكفالة مقامهما والله
تعالى أعلم.
باب القول فيمن يصح إيمانه أو لا يصح
قال الله تعالى:" وإذا بلغ الأطفال منكم
الحلم فليستأذنوا " فأخبر أنه إنما يثبت عليهم الفرض في إيذانهم في
الاستئذان إذا بلغوا
قال
:"إن في خلق السماوات والأرض"
إلى قوله :"لآيات لقوم يعقلون" وفي موضع آخر:" لآيات
لأولي الألباب " وخاطب بالفرائض من عقلها
86 - عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى
يحتلم وعن المعتوه حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ " .
وأما ما روي من إسلام علي وصلاته مع النبي صلى الله عليه وسلم
فقد قال الحليمي رحمه الله
تعالى : لما أمره رسول الله صلى الله عليه
وسلم بالإسلام والصلاة فهو أحد شيئين إما
أن يكون خصه بالخطاب لما صار من أهل التمييز والمعرفة دون سائر الصغار ليكون ذلك
كرامة له ومنقبة فلما توجه عليه الخطاب والدعوة صحت منه الإجابة وسائر الصغار لا
يتوجه عليهم الخطاب والدعوة فلا يصح منهم الإسلام،
أو يكون
خطاب النبي صلى الله عليه وسلم إياه بالدعاء إلى الإسلام والصلاة يومئذ على
أنه بالغ عنده لأن البلوغ بالسن ليس مما شرع في أول الإسلام بل ليس يحفظ قبل قصة
بن عمر في أحد والخندق في ذلك شيء .
باب الدعاء إلى الإسلام
87 - عن
بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن قال له رسول
الله صلى الله عليه وسلم :" إنك
لتأتي قوما أهل كتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله فإن هم أجابوك لذلك
فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أجابوك لذلك
فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم
فإن هم أجابوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم وإياك ودعوة المظلوم فإنها ليس بينها
وبين الله حجاب "رواه البخاري عن يحيى بن موسى عن وكيع ، ورواه مسلم عن
إسحاق بن إبراهيم وغيره .
ودعاء من لم تبلغه الدعوة مستحق ودعاء من بلغته
الدعوة إذا لم يحتج إلى التثبت في قهرهم مستحب
1 - الأول من شعب
الإيمان
الإيمان بالله عز وجل
88 - عن
أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم :" الإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون أفضلها لا إله إلا الله
وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان".
قال
الحليمي رحمه الله تعالى : وهذه الشهادة فرض تجمع الاعتقاد بالقلب والاعتراف
باللسان والاعتقاد والإقرار وإن كانا عملين يعملان بجارحتين مختلفتين فإن نوع
العمل واحد والمنسوب منه إلى القلب هو المنسوب إلى اللسان والمنسوب إلى اللسان هو
المنسوب إلى القلب
89 - عن
الزهري أخبرني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" أمرت أن أقاتل
الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني نفسه وماله
إلا بحقه وحسابه على الله "رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان .
90 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه :"قل لا إله إلا الله أشهد لك بها
يوم القيامة فقال: لولا أن تعيرني قريش إنما حمله عليه الجزع لأقررت بها عينك
فأنزل الله عز وجل :" إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من
يشاء " القصص 56"
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن حاتم عن يحيى بن
سعيد .
93 - عن كثير بن مرة عن معاذ بن جبل قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من كان آخر كلامه لا إله إلا الله
دخل الجنة ".
95- " من مات وهو يعلم أن لا إله إلا
الله دخل الجنة" رواه مسلم عن زهير بن حرب .
96 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من قال لا إله إلا الله نفعته يوما من دهره
أصابه قبل ذلك ما أصابه ".
فصل في معرفة الله عز وجل
ومعرفة صفاته وأسمائه
100 - عن
أبي بن كعب:" أن المشركين قالوا يا محمد أنسب لنا ربك فأنزل الله عز وجل
:"قل هو الله أحد ، الله الصمد"
قال : الصمد( الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد )لأنه ليس شيء يولد إلا
سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث وأن الله
تبارك وتعالي لا يموت ولا يورث ولم يكن له كفوا أحد لم يكن له شبيه ولا عدل وليس
كمثله شيء .
101 - عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم :" إن لله تسعة وتسعين
اسما مائة إلا واحدة إنه وتر يحب الوتر من أحصاها دخل الجنة".
هو الله
الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز
الجبار المتكبر الخالق البارىء المصور الغفار القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم
القابض الباسط الخافض الرافع المعز المذل السميع البصير الحكم العدل اللطيف الخبير
الحليم العظيم الغفور الشكور العلي الكبير الحفيظ المقيت الحسيب الجليل الكريم
الرقيب المجيب الواسع الحكيم الودود المجيد الباعث الشهيد الحق الوكيل القوي
المتين الولي الحميد المحصي المبدىء المعيد المحيي المميت الحي القيوم الماجد
الواجد الواحد الأحد الصمد القادر المقتدر المقدم المؤخر الأول الآخر الظاهر
الباطن البر التواب المنتقم العفو الرؤوف مالك الملك ذو الجلال والإكرام الوالي
المتعالي المقسط الجامع الغني المغني الرافع الضار النافع النور الهادي البديع
الباقي الوارث الرشيد الصبور الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير "
وقال غيره المانع بدل قوله الرافع وقال الوالي
المتعالي عقب قوله الباطن .
وقال البيهقي رحمه الله: وذكر الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن
إبراهيم الاسفراييني أن قوله :
" من أحصاها" يريد من علمها ، وذكر أن من هذه الأسماء ثمانية
وعشرين اسما للذات وثمانية وعشرين اسما لصفات الذات وثلاثة وأربعين اسما للفعل
بيان معاني أسماء الذات:
1-"
الله " وله معان: منها
أنه القادر على الخلق، وأنه لا يكون إلا ما يريد، وأنه الغالب الذي لا يغلب ، وأنه القاهر الذي لا
يقهر ، وأنه لا يصح التكليف إلا منه.
قال الحليمي: ومعناه الإله، وهذا أكثر الأسماء
وأجمعها للمعاني.
2- " الملك" ومعناه: أنه يعز من يشاء ويذل من يشاء ويستحيل
عليه الإذلال .
وقد قيل: إن معناه أنه المملك السالب الممكن
المانع
وقد قيل: إن معناه أنه يولي ويعزل ولا يتوجه عليه
العزل والسلب
وقد قيل: إن معناه أنه المتفرد بالعز والسلطان لا
يشاركه أحد في معناه .
3 – "القدوس" وله معان : أحدها أنه البريء من المعايب
والشركاء والأنداد والأضداد .
ومنها: أن له الكمال في كل وصف يختص به.
ومنها : أن
تطهير غيره من العيوب إليه .
ومنها: أن الأوهام لا تدركه بالتحديد والأبصار لا
تدركه بالتصوير.
4-
"السلام "وله معان :
منها أن السلامة به ومنه .
ومنها: أن من أطاعه سلم ، ومنها : أنه سليم من النقائص،
ومنها
:أنه يسلم منه من عبده على تحقيق المراد .
5- "المؤمن "وله معان: منها أن الهدى والإيمان إليه ، ومنها : أن
التصديق والتكذيب به ، ومنها: أن الحقائق تنكشف لديه ، ومنها : أن الأمر يؤخذ منه،
ومنها :أن القول قوله لا خلاف عليه ،
ومنها: استحالة الزوال عليه، ومنها: تعذر
المنازعة له.
6-
"المهيمن " وهو من
أسامي الكمال الذي لايصح عليه الزوال تدخل فيه الشهادة والحفظ والعطاء، والمنع والاختصاص به عن الغير .
7- "العزيز " وله معان منها: أنه لا يرام ، ومنها :أنه لا
يخالف في المراد ، ومنها :أنه لا يخوف بالتهديد،
ومنها :أنه لا يحط عن المنزلة،
ومنها: أنه يعذب من أراد، ومنها :أنه ملجأ الهاربين ، ومنها: أن إليه مطالب
المريدين، ومنها: أن عليه طريق
العارفين، ومنها: أن عليه ثواب العاملين
ومنها: أنه لا يوجد له مثل وأنه لا يحد بحد وأنه لا يصح عليه نقص .
8- "الجبار" وله معان: منها أنه لا يحنو عند التعذيب، ولا
يشفق عند البذل، إذا أعطى أعطى عن سعة ، وإذا منع منع عن قدرة ، ومنها: أنه لا
يكترث بالناكبين ولا يفرح بالمخلصين،
ومنها :أنه لا يتمنى ما لا يكون، ولا يتلهف على ما لم يكن، ومنها: أنه لا يناقش في الفعل ولا يطالب بالعلة
ولا يحجر عليه في مقدوره ، وأنه لايجب عليه شيء بتة وأنه يذل عند عزته الأعزاء
ويشرف عند تقريبه الأذلاء .
9- "المتكبر "وله معان: منها أنه لا مقدار لشيء عنده ،
ومنها :أنه لا يؤثر فيه اللوم ولا يصح فيه العقاب ، ومنها: أنه لا يخلق للنفع ولا
يخترع للدفع ، وأنه لا يتوجه عليه المنة بالطاعة والعبادة ولا يلزمه الثواب عن
المتابعة، وأنه لا يشرف بالاتباع ولا ينحط بالاعتداء وأنه لا يأمر لفائدة ولا ينهي
لعائدة .
10- "العلي " وله معان : منها: أنه علي عن المالك
والآمر والناهي والتهديد والرسم والمنع والإيجاب ، ومنها: أنه علي عن الحاجة إلى
الخلائق والخلق، ومنها :أنه لا يسأل عما
يفعل ولا يحاسب على ما يقبض.
11- " العظيم " وله معان: منها :أنه يستحيل عليه التحديد
والمساحة ، ومنها: نفي الكثافة والرقة،
ومنها :وجوب التذلل والخضوع عند الطاعة .
12- "الجليل " وله معان: منها :أنه يجل عن أن يجوز عليه ما دل على الحدوث
، ومنها :أنه يجب الانقياد له ، ومنها :أنه لا يجل إلا من رفعه .
13- "الكبير " وله معان :أنه لا يقع عليه المقدار
والتقدير ولا يرد عليه في التدبير ولا يخالف في الأمور.
14- " الحميد" وله معان : محمودة وله صفات المدح والكمال.
15- "المجيد" وله معان:
منها :أنه لا يساوي فيما له من أوصاف المدح، ومنها :أنه المنفرد بالجلال والكبرياء
والعز، ومنها: أن الذي يفيد من أوصاف المدح لغيره لا يكون إلا به.
16- " الحق" وله معان : منها: أن لا يمكن رده ولا يصح رفعه
ولا يوصف بالقدرة على ما يوجب ذمه ، ومنها
:أن ما لم يكن بأمره من غيره لم يحمد وصفه ، ومنها :المبين لخلقه ما أرادهم له .
17- "المبين" وله معان:
منها : أنه بين لذوي العقول، ومنها :أن
الفضل يقع به ، ومنها :أن التحقيق والتمييز إليه ، ومنها: أن الهداية به .
18- "الواحد "وله معان : منها: أنه لا يجوز عليه
التبعيض ولا يجوز عليه التشبيه ولا يصح الخروج من ملكه ولا حد لسلطانه.
19- "الماجد " وله معان: منها: الارتفاع والعلو على المبالغة، ومنها: التقريب على حسب المشيئة ومنها :الاختصاص بالولاية والتولية .
20- "الصمد" وله معان :منها :أنه لا يتجزأ في الوهم، ومنها: أن الكون والأحوال منه تطلب .
قال الحليمي: المصمود بالحوائج أي المقصود بها.
21- "الأول" وله معان :منها: أنه لم يزل، ومنها :أنه لا يكافأ
على النعمة والبلية ولا يسبق بالفعل.
قال الحليمي: هو الذي لا قبل له.
22- "الآخر" ومعناه الدائم فإنه يستحيل عليه العدم .
قال الحليمي : هو الذي لا انتهاء لوجوده.
23- "الظاهر" ومعناه أنه يصح إدراكه بالأدلة على القطع
واليقين.
قال الخطابي: هو الظاهر بحججه الباهرة، وبراهينه النيرة، وشوتهد أعلامه
الداله علي
ثبوت ربوبيته، وصحة وحدانيته، ويكون الظاهر فوق كل شيئ بقدرته. وقد يكون
الظهور بمعني العلو.
24-
"الباطن " ومعناه
أنه لا يدرك باللمس والشم والذوق وأنه يقف على الخفيات.
قال الحليمي : الذي لا يحس ، وإنما يدرك بآثاره وافعاله.
25- " المتعال" وله معان:
أحدها: أنه تعالى عن أن يطاق، والثاني: أنه تعالى عن الزوال
بالذات
والصفة ، والثالث: أنه تعالى عن الحاجة .
قال الحليمي معناه: المرتفع عن أن يجوز عليه ما يجوز علي المحدثين من
الأزواج
والأولاد، والجوارح والأعضاء، واتخاذ السرير للجلوس عليه، والاحتجاب
بالستور
عن أن تنفذ الإبصار إليه، والانتقال من مكان إلي مكان ونحو ذلك .
26- "الغني " وله معان : منها: أنه لا يتعلق بالقدرة ولا يحتاج
إلى دعامة أوعلاقة أنه لا يتوهم
حدوث شيء لا يصح منه بما له من الصفات من غير توقف على استحداث حكم.
قال الحليمي: إنه الكامل بما له وعنده، فلا يحتاج معه إلي غيره.
27- "النور" وله معان: منها
:أنه لا يخفي على أوليائه بالدليل و يصح إدراكه بالأبصار
ويظهر
لكل ذي لب بالعقل .
قال الحليمي: وهو الهادي لا يعلم
العباد إلا ما علمهم ، ولا يدركون إلا ما يسر لهم
إدراكه، فالحواس والعقل فطرته وخلقه وعطيته.
قال الخطابي: هو الذي بنوره يبصر ذو العماية، وبهدايته يرشد ذو الغواية؟
28- "ذو الجلال" ومعناه المختص بما ذكرناه من الأوصاف
وقال وفي بعض الأخبار أنه (السيد) قال الحليمي في معناه : هو
المحتاج إليه بالإطلاق.
قال الاستاذ (أبا إسحاق الإسفراييني) معناه :أنه مالك كل مخلوق وأنه منفرد
بالإيجاد .
29 – "المولى" ومعناه أنه يغير ما شاء كيف شاء .
قال الحليمي: إنه المأمول منه
النصر والمعونة لأنه هو المالك ولا مفزع للمملوك إلا
مالكه.
30 – "الأحد" ومعناه أنه لا يصح عليه الاتصال والمماسة ولا
يجوز عليه النقصان والزيادة.
قال الحليمي : وهو الذي لا شبيه له ولا نظير ، كما ان الواحد هو الذي لا
شريك له ولا
عديل
قال الخطابي : والفرق بين الواحد والأحد أن الواحد المنفرد بالذات لا
يضاهيه آخر
والأحد
هوالمنفرد بالمعني لا يشاركه فيه أحد ، ومما يفترقان به في معاني الكلام: أن
الواحد في جنس المعدود – وقد يفتتح به العدد- والأحد ينقطع معه العدد، وان
الأحد
يصلح في الكلام في موضع الجحود والواحد في موضع الإثبات ، تقول: لم يأتني
من
القوم
أحد ، وجاءني منهم واحد .
فأما الوحيد فإنما يوصف به في غالب العرف : المنفرد عن أصحابه، المنقطع
عنهم
31- " الفرد" ومعناه
أنه لا تصح له الزوجة والولد.
32- "الوتر" ومعناه أنه لا يعد في المعدودات بالمعنى وتحقيقه
أنه لا يوصف بصفة يصح وصف غيره بها إلا وله اختصاص ومباينة .
أسامي صفات الذات
فمن أسامي صفات الذات الذي عاد إلى القدرة
1-" القاهر" ومعناه الغالب
قال الحليمي معناه: أنه يدبر خلقه بما يريد، فيقع في ذلك ما يشق ويثقل،
ويغم ويحزن،
ويكون
منه سلب الحياة أو بعض الجوارح فلا يستطيع أحد رد تدبيره والخروج من
تقديره.
2-
"القهار" ومعناه الذي لا
يقصد ولا يغلب.
3- " القوي" ومعناه المتمكن من كل مراد .
4- "المقتدر " ومعناه الذي لا يرده شيء عن المراد .
قال الحليمي: المقتدر المظهر قدرته بفعل ما يقدر عليه ، وقد كان ذلك من
الله تعالي فيما
أمضاه،
وإن كان يقدر علي أشياء كثيرة لم يفعلها ، ولو شاء لفعلها، فاستحق بذلك أن يسمي
مقتدرا.
5- "القادر" ومعناه إثبات القدرة .
قال الحليمي: إنه لا يعجزه شيئ بل يستتب له ما يريد علي ما يريد
وقد يكون ( القادر) بمعني المقدر
للأشياء.
6- "ذو القوة المتين" ومعناه نفي النهاية في القدرة وتعميم المقدورات.
قال الحليمي في معني المتين : هو الذي لا تتناقص قوته فيهن ويفتر
قال وروي في بعض الآثار الغلاب ومعناه يُكرٍه
علي ما يريد ولا يُكره على ما يراد
قال تعالي:( والله غالب علي أمره) قال الحليمي: هو البالغ مراده من
خلقه أحبوا أو كرهوا.
ومن أسامي صفات الذات ما هو للعلم ومعناه فمنها
7- "العليم" ومعناه تعميم المعلومات .
8- "الخبير" ويختص بأن يعلم ما يكون قبل أن يكون.
9- "الحكيم" ويختص بأن يعلم دقائق الأوصاف.
10- "الشهيد" ويختص بأن يعلم الغائب والحاضر ومعناه أنه لا
يغيب عنه شيء .
11- "الحافظ" ويختص بأنه لا ينسى ما علم .
قال
الحليمي معناه: الصائن عبده عن أسباب الهلكة في أمور دينه ودنياه.
12- "المحصي" ويختص بأنه لا يشغله الكثرة عن العلم وذلك مثل
ضوء النور واشتداد الريح وتساقط الأوراق فيعلم عند ذلك عدد أجزاء الحركات في كل
ورقة وكيف لا يعلم وهو الذي خلقها وقد قال "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير
"الملك 14
ومن أسامي صفات الذات ما يعود إلى الإرادة
13- " الرحمن " وهو المريد لرزق كل حي في دار البلوى والامتحان.
14- " الرحيم " وذلك المريد لإنعام أهل الجنة .
قال الحليمي: هو المثيب علي العمل، قال الخطابي : الرحيم خاص للمؤمنين قال الله
تعالي : ( وكان بالمؤمنين
رحيما).
قال الراغب الأصفهاني في مفرداته: ولا يطلق
الرجمن إلا علي الله تعالي من حيث أن
معناه لا يصح إلا له إذ هو الذي وسع كل شئ رحمة. والرحيم يستعمل في غيره
وهو
الذي كثرت رحمته.
15- " الغفار " وهو المريد لإزالة العقوبة بعد الاستحقاق
.
ذكر الحليمي في معناه : المبالغ في الستر، فلا يشهر الذنب لا في الدنيا ولا
في الآخرة
قال الخطابي: الغفار هو الذي يعفر ذنوب عباده مرة بعد أخري . كلما تكررت
التوبة من
الذنب من العبد تكررت المغفرة .
16- " الودود "وهو المريد للإحسان إلى أهل الولاية.
17- " العفو " وهو المريد لتسهيل الأمور على أهل
المعرفة.
قال الحليمي في معناه: إنه الواضع عن عباده تبعات خطاياهم وآثامهم فلا
يستوفيها
منهم،
قال الخطابي: العفو الصفح عن الذنب ، وترك مجازاة المسيئ.
18- " الرؤوف " وهو المريد للتخفيف عن العبادة .
قال الحليمي: المتساهل علي
عباده لأنه لم يحملهم ما لا يطيقون.
19- "الصبور" وهو المريد لتأخير العقوبة.
قال الحليمي: ومعناه الذي لا يعاجل بالعقوبة
قال الخطابي: هو الذي لا يعاجل العصاةبالانتقام منهم. بل يؤخرهم إلي أجل
مسمي ،
ويمهلهم بوقت معلوم فمعني الصبور في صفة الله قريب من معني الحليم إلا أن
الفرق بين
الأمرين أنهم لا يأمنون العقوبة في
صفة الصبور كما يسلمون منها في صفة الحليم والله
أعلم.
20- "الحليم " وهو المريد لإسقاط العقوبة على المعصية.
قال الحليمي: إنه الذي لا يحبس إنعامه وإفضاله عن عباده لأجل ذنوبهم ،
ولكنه يرزق
العاصي، كما يرزق المطيع،
قال الخطابي: هو و الصفح والأناة الذي لا يستفزه غضب ، ولا يستخفه جهل جاهل
،
ولا عصيان عاصي ، فالحليم الصفوح مع القدرة، المتأني الذي لا يعجل
بالعقوبة.
21- "الكريم " وهو المريد لتكثير الخيرات عند المحتاج.
قال الخطابي: من كرم الله سبحانه وتعالي أنه يبتدئ بالنعمة من غير استحقاق
، ويتبرع
بالإحسان من غير استثابة، ويغفر الذنوب ، ويعفو عن المسئ.
22- "البر" وهو المريد لإعزاز أهل الولاية .
قال الحليمي: ومعناه الرفيق بعباده يريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر
قال الخطابي: البر هو العطوف علي عباده، المحسن إليهم عم بره جميع
خلقه،
فلم يبخل عليهم برزقه، وهو البر بأولياؤه ، إذ خصهم بولايته واصطفاهم
لعبادته، وهو
البر بالمحسن في مضاعفة الثواب له، والبر
بالمسئ في الصفح والتجاوز عنه.
ومن أسامي صفات الذات ما يرجع إلى السمع
23- وهو" السميع "
قال الخطابي: السميع بمعني السامع إلا أنه أبلغ
في الصفة ، وهو الذي يسمع السر والنجوي، سواء عنده الجهر والخفوت، والنطق والسكوت.
قال: وقد يكون السماع بمعني الإجابة والقبول كقول النبي صلي الله عليه وسلم
:" اللهم إني أعوذ بك من دعاء لا يسمع" أي من دعاء لا يستجابومن هذا قول
المصلي سمع الله لمن حمده ومعناه : قبل الله حمد من حمده
ومنها: ما يرجع إلى البصر
24- وهو " البصير"
ومنها: ما يرجع إلى الحياة
25- وهو" الحي "
ومنها:ما يرجع إلى البقاء
26- وهو"
الباقي " وفي
معناه .
قال الخطابي : هو الذي لا تعترض عليه عوارض الزوال وهو الذي بقاؤه غير
متناه
ولا محدود، وليست صفة بقائه ودوامه كبقاء الجنة والنار ودوامهما، وذلك أن
بقاؤه
أزلي أبدي .
وبقاء الجنة والنار أبدي غير أزلي. ومعني الأزلي: ما لم يزل ، ومعني الأبد
: ما
لايزال.
فالجنة والنار مخلوقتان كائننتان بعد أن لم تكونا .
27- "الوارث " الذي يبقى بعد فناء خلقه
ومنها ما يرجع إلى الكلام
28- وهو " الشكور"
قال الحليمي: هو الذي يدوم شكر، ويعم كل مطيع وكل صغير من الطاعة أو كبير
و(الشاكر) : المادح لمن يطيعه والمثني عليه، والمثيب له بطاعته فضلا من
نعمته.
قال الخطابي: الشكور هو الذي يشكر اليسير من الطاعة فيثيب عليه الكثير من
الثواب،
ويعطي الجزيل من النعمة فيرضي باليسير من الشكر.
ومنها ما يرجع إلى العلم والسمع والبصر
29- وهو" الرقيب "
ومعناه: هو الذي لا يغفل عما خلق فيلحقه نقص ، أو
يدخل عليه خلل من قبل غفلته عنه، قال الزجاج: الرقيب: الحافظ الذي لا يغيب عنه شئ.
أسامي صفات الفعل
1- منها : "الخالق" :ويختص
باختراع الشيء ،ومنها :
2- "البارىء" ويختص بإختراعه
على الحسن ،ومنها :
3- "المصور" ويختص بأنواع
التركيب ،ومنها:
4- " الوهاب " ويختص
بكثرة العطية واستحالة ورود ما يحجزه عنه ، ومنها :
قال الحليمي: أنه
المتفضل بالعطاي، المنعم بها لا عن استحقاق عليه.
قال الخطابي: ومعني الهبة : التمليك بغير عوض .
5- "الرزاق " ويختص
بعطية ما يقوت ويدفع التلف، ومنها :
قال الخطابي: الرزاق
هو المتكفل بالرزق ، والقائم علي كل نفس بما يقيمها من قوتها.
قال
الحليمي: المفيض علي عباده ما لم يجعل لأبدانهم قواما إلا به، والمنعم عليهم
بإيصال
حاجتهم من ذلك إليهم لئلا ينغص عليهم لذة الحياة بتأخيره عنهم .
6- "الفتاح" ويختص بتيسير
ما عسر ، ومنها:
الذي يفتح أبواب الرزق والرحمة لعباده، ويفتح المنغلق
عليهم من أمورهم وأسبابهم، ويفتح قلوبهم وعيون بصائرهم ليبصروا الحق، ويكون الفاتح
أيضا بمعني الناصر.
7- " القابض "ويختص
بالسلب ،ومنها :
قال العلماء: لا
ينبغي أن يدعي الله عز وجل باسم القابض حتي يقال معه الباسط.
وقال الحليمي: يطوي بره ومعروفه عمن يريد ويضيق ويقتر، أو يحرم فيفقر.
8- "الباسط" ويختص بالتوسعة في المنح ، ومنها :
الناشر فضله علي
عباده يرزق ويوسع، ويجود ويفضل، ويمكن ويخول، ويعطي أكثر
مما
يحتاج إليه.
9- "الخافض "ويختص
بإذلال الجاحدين ، ومنها:
لا ينبغي أن يفرد
الخافض عن الرافع في الدعاء.
الخافض هو الواضع من الأقدار.
10- " الرافع "ويختص بإعطاء المنازل، ومنها:
المعلي للأقدار
11-
"المعز" ويختص بتحسين
الأحوال، ومنها:
هو الميسر أسباب النعمة
12-" المذل" ويختص بالحط ، ومنها :
المعرض للهوان والضعة ولا ينبغي أن يدعي الله جل ثناؤه بالمذل إلا مع
المعز.
13- "الحكم" ويختص بفعل ما يريد ،ومنها :
قال الحليمي: وهو الذي إليه الحكم. وأصل الحكم منع الفساد، وشرائع الله
تعالي كلها
استصلاح للعباد.
وقال الخطابي: وقبل للحاكم حاكم لمنعه الناس عن التظالم ، وردعه إياهم ،
يقال: حكمت
الرجل عن الفساد: إذا منعته منه، وكذلك أحكمت – بالألف- ومن هذا قيل : حكمة
اللجم
وذلك
لمنعها الدابة من التمرد والذهاب في غير
جهة القصد.
14- "العدل" ويختص بأن لا يقبح منه ما يفعل، ومنها:
قال الخطابي: هو الذي لا يميل به الهوي فيجور في الحكم.
15- " اللطيف" ويختص بدقائق الأفعال ، ومنها :
قال الخطابي: هو الذي يريد لعباده الخير واليسر ، ويقيض لهم أسباب الصلاح
والبر
وعن ابن الأعرابي: قال: اللطيف الذي يوصل إليك أربك في رفق.
16- " الحفيظ " ويختص بأن لا يشغله دفع عن دفع، ومنها:
قال الحليمي: الموثوق منه بترك التضييع.
وهو الذي يحفظ عباده من المهالك والمعاطب، ويقيهم مصارع الشر قال الله
تعالي: " له
معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله " أي بأمره ، ويحفظ
علي الخلق
أعمالهم، ويحصي عليهم أقوالهم، ويعلم نياتهم، وماتكن صدورهم فلا تغيب عنه
غائبة
ولا تخفي عليه خافية . ويحفظ أولياءه فيعصمهم عن مواقعة الذنوب، ويحرسهم من
مكايد الشيطان ليسلموا من شره وفتنته.
17- " المقيت " ويختص بأن لا يشغله فعل بليه عن فعل بليه، ومنها:
قال الحليمي: وعندنا أنه الممد، وأنه من القوت الذي هو مدد البرية، ومعناه
أنه دبر
الحيوانات بأن جبلها علي أن يحلل
منها علي ممر الأوقات شيئاً بعد شئ، ويعوض مما
يتحلل غيره، فهو يمدها في كل وقت بما جعله قواما لها إلي أن يريد إبطال شئ
منها،
فيحبس عنه ما جعله مادة لبقائه فيهلك.
وقيل: هو معطي القوت .
18- " الحسيب " ويختص بأن لا يشغله شأن عن شأن، ومنها :
19 – " المجيب " ويختص بالبذل عند المسألة ، ومنها:
ومعناه الذي ينيل سائله ما
يريد ولا يقدر علي ذلك غيره.
20-
" الواسع" يختص بأن لا
يتعذر عليه عطية، ومنها :
قال الحليمي: معناه الكثير مقدوراته ومعلوماته، والمنبسط فضله ورحمته .
قال الخطابي: الواسع الغني الذي
وسع غناه مفاقر عباده، ووسع رزقه جميع خلقه.
21- "الباعث "ويختص بالحشر ،ومنها:
22- "الوكيل" ويختص بكفالة
الخلق ، ومنها :
الكافي ، وقيل هو الكفيل
بالرزق والقيام علي الخلق بما يصلحهم.
23 – "المبدىء" ويختص بابتداء التفضل ، ومنها:
24- " المعيد " ويختص بالإعادة ،ومنها :
25- "المحيي " ويختص بخلق
الحياة ،ومنها :
26- "المميت" ويختص بخلق الموت، ومنها :
27- "القيوم " ويختص بإدامة الخلق على الأوصاف، ومنها :
قال الحليمي: إنه القائم علي كل شئ من خلقه يدبره بما يريد جل وعلا .
وقال الخطابي: القيوم القائم الدائم بلا زوال؟
28- "الواجد " ويختص بوجود ما يريد، ومنها :
قال الحليمي: معناه الذي لا يضل عنه شئ ، ولا يفوته شئ.
29- "المقدم " ويختص بتقديم ما يريد، ومنها:
قال
الحليمي: المقدم هو المعطي لعوالي الرتب.
30- " المؤخر" ويختص بتأخير ما يريد، ومنها:
قال
الحليمي: المؤخر هو هو الدافع عن عوالي
الرتب
وقال الخطابي: هو المنزل للأشياء منازلها .
31- " الولي " ويختص بحفظ أهل الولاية ، ومنها :
قال الحليمي: هو الوالي ومعناه مالك التدبير .
وقال الخطابي: والولي أيضا : الناصر، ينصر عباده المؤمنين.
32- "التواب "ويختص بخلق توبة التائبين ،ومنها :
قال الخطابي: التواب: هو الذي يتوب علي عباده فيقبل توبتهم ، كلما تكررت
التوبة تكرر
القبول.
33- "المنتقم " ويختص بعقاب الناكثين، ومنها:
قال الحليمي: هو المبلغ بالعقاب قدر الاستحقاق.
34 – "المقسط " ويختص بفعل العدل، ومنها:
35- " الجامع " ويختص بجمع الخصوم والانصاف، ومنها:
قال الحليمي: ومعناه : الضام لأشتات الدارسين من الأموات ، وذلك يوم
القيامة.
وقال الخطابي: هو الذي يجمع الخلائق ليوم لا ريب فيه بعد مفارقة الأرواح
والأبدان.
36- " المغني " ويختص
بإزالة النقائص والحاجات، ومنها:
قال الخطابي: هو الذي جبر مفاقر الخلق وساق إليهم أرزاقهم فأغناهم عما
سواه.
37- " النافع " ويختص بخلق اللذات ، ومنها:
38- " الهادي" ويختص بفعل الطاعات، ومنها:
قال الحليمي: هو الدال علي سبيل النجاة ، والمبين لها لئلا يزيغ العبد
ويضل، فيقع فيما
يرديه ويهلكه.
وقال الخطابي: هو الذي من بهداه علي من أراد من عباده فخصه بهدايته وأكرمه
بنور
توحيده ، وهو الذي هدي سائر الخلق من الحيوان إلي مصالحها وألهمها كيف
تطلب
الرزق ، وكيف تتقي المضار
والمهالك.
39- " المُضل " ويختص بخلق المعاصي يعني يخلقها، ومنها:
40- " البديع " ويختص باستحالة المشاركة له في
الخلق،ومنها:
قال الحليمي: إنه المبدع، وهو محدث ما لم يكن مثله قط.
41- " الرشيد " ويختص بإصابة المقصود، ومنها :
قال الحليمي: وهوالمرشد و ومعناه
الدال علي المصالح والداع إليها
وقال الخطابي: هو الذي أرشد الخلق إلي
مصالحهم، ويكون بمعني الحكيم ذي الرشد
لاستقامة تدبيره، وإصابته في
أفعاله .
42- "مالك الملك " ويختص بالتبديل
قال الخطابي: معناه أن الملك بيده يؤتيه من يشاء
قال ويمكن تأويل بعض هذه العبارات على أسامي
الذات
قال
واعلم أن أسماء الله تعالى على ثلاثة أقسام:
قسم منها للذات، وقسم لصفات الذات ،وقسم لصفات
الفعل
فالقسم الأول :الاسم والمسمى واحد وهو مثل قديم وشيء وإله
ومالك
ومعنى قوله الاسم والمسمى أنه لا يثبت بالاسم
زيادة صفة للمسمى بل هو إثبات للمسمى
الثاني: الاسم صفة
قائمة بالمسمى لا يقال إنها هي المسمى ولا يقال إنها غير المسمى وهو مثل العالم
والقادر لأن الاسم هو العلم والقدرة .
القسم الثالث: وهو من صفات الفعل فالاسم فيه غير المسمى وهو
مثل الخالق والرازق لأن الخلق والرزق غيره
103 -
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا الوليد حسان بن محمد الفقيه يقول
سمعت أبا عثمان سعيد بن إسماعيل وسئل عن قوله تعالى:" تبارك" فقال ارتفع
وعلا
فصل في الإشارة إلى أطراف الأدلة
في معرفة
الله عز وجل وفي حدث
العالم
العالم عبارة عن كل شيء غير الله هو جملة الأجسام
والأعراض وجميع ذلك موجود عن عدم بايجاد الله عز وجل واختراعه إياه قال الله عز
وجل :" وهو الذي يبدأ الخلق ثم
يعيده "
وسئل نبينا
صلى الله عليه وسلم عن بدء هذا
الأمر فقال:" كان الله ولم يكن شيء غيره ثم ذكر الخلق "
104 - ثنا سعيد بن مسروق عن أبي الضحى :"وإلهكم
إله واحد" لما نزلت هذه الآية عجب المشركون وقالوا ان محمدا يقول وإلهكم
إله واحد فليأتنا بآية إن كان من الصادقين فأنزل الله عز وجل :"إن في خلق
السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار" الآية يقول إن في هذه الآيات
لآيات لقوم يعقلون.
105 - حدثنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني محمد بن
يوسف الدقيقي قال وجدت في كتابي للشافعي رحمه الله
فيا عجبا كيف يعصي الاله أم كيف يجحده جاحد
ولله في كل تحريكة وتسكينة أبدا شاهد
في كل
شيء له آية تدل على أنه واحد
ويقال إن هذه الأبيات لأبي العتاهية
106 - عن
سعيد بن جبير عن بن عباس في قوله تعالى:" ولقد خلقناكم ثم صورناكم"
قال: خلقوا في أصلاب الرجال ثم صوروا في أرحام النساء .
107 - عن
خالد بن معدان قال قال أبو ذر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" قد أفلح من أخلص
الله قلبه للإيمان وجعل قلبه سليما ولسانه صادقا ونفسه مطمئنة وخليقته مستقيمة
وجعل أذنه مستمعة وعينه ناظرة فأما الأذن فقمع وأما العين فمقرة لما يوعى القلب
وقد أفلح من جعل الله قلبه واعيا ". قال الهيثمي: إسناده حسن
117 -
الجعد عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال : تفكر ساعة خير من قيام ليلة.
118 - عن
سالم بن أبي الجعد قيل لأم الدرداء ما كان أفضل أعمال أبي الدرداء قالت التفكر .
121 - عن
علي بن أبي طلحة عن بن عباس رضي الله عنه في قوله تعالي :"هل تعلم له سميا
" سورة مريم 65 هل تعلم للرب عز وجل
مثلا أو شبها .
122- عن سماك عن عكرمة عن بن عباس رضي الله عنهما
في قوله تعالي :"هل تعلم له سميا " مريم 65 قال ليس أحد يسمى الرحمن غيره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق