الاثنين، 18 ديسمبر 2017

مقاصد الشريعة الإسلامية 17

مقاصد الشريعة الإسلامية 17
 

مقاصد التشريع الخاصة بالمعاملات بين الناس


4
مقاصد التصرفات المالية

       ما يظن بشريعة جاءت لحفظ نظام الأمة وتقوية شوكتها وعزتها
إلا أن يكون لثروة الأمة فى نظرها المكان السامى من الاعتبار والاهتمام .

       أدلة كثيرة تفيدنا كثرتها يقينا بأن للمال فى نظر الشريعة حظا لا يستهان به .

       ما عد زكاة الأموال ثالثة لقواعد الإسلام وجعلها شعار المسلمين وجعل انتفائها شعار المشركين فى نحو
 قوله تعالى : (الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة) ونحو قوله : (وويل للمشركين * الذين لا يؤتون الزكاة)  .
 إلا تنبيه على ما للمال من القيام بمصالح الأمة اكتسابا وإنفاقا .

       قد أجمع الصحابة فى عهد عثمان بن عفان على مخالفة أبى ذر فى دعوته الناس إلى الانكفاف عن جمع المال ،
 وإنبائه إياهم بأن ما جمعوه يكون وبالا عليهم فى الآخرة إذ كان يجهر بذلك فى دمشق ،
ويقول : بشر الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم ،
 ويقرأ قوله تعالى : (والذين يكنزون الذهب والفضة) .
فقال له معاوية بن أبى سفيان أمير الشام : ذلك نازل فى أهل الكتاب لا فينا وما أدى زكاته فليس بكنز ،
فيأبى أبو ذر أن ينكف عن مقالته حتى شكاه معاوية إلى عثمان ،
 فكتب إليه عثمان أن يرجع إلى المدينة ثم تكاثر الناس عليه فاختار العزلة فى الربذة .

 هذا وقد تقرر عند علمائنا أن حفظ الأموال من قواعد كليات الشريعة الراجعة إلى قسم الضرورى .

        المال الذى يدال بين الأمة ينظر إليه على وجه الجملة وعلى وجه التفصيل .

 فهو على وجه الجملة حق للأمة عائد عليها بالغنى عن الغير .
فمن شأن الشريعة أن تضبط نظام إدارته بأسلوب يحفظه موزعا بين الأمة بقدر المستطاع .
وتعين على نمائه فى نفسه أو بأعواضه بقطع النظر عن كون المنتفع به مباشرة أفرادا خاصة 
أو طوائف أو جماعات صغرى أو كبرى .

 إن مال الأمة هو ثروتها ، والثروة هى ما ينتفع به الناس آحادا أو جماعات فى جلب نافع أو دفع ضار
فى مختلف الأحوال والأزمان والدواعى انتفاع مباشرة أو بوساطة .

 فقولنا : فى مختلف الأحوال والأزمنة والدواعى ، إشارة إلى أن الكسب لا يعد ثروة إلا إذ صلح للانتفاع مدد طويلة ؛
 ليخرج الانتفاع بالأزهار والفواكه ؛ فإنها لا تعتبر ثروة ولكن التجارة فيها تعد من لواحق الثروة .

 وقولنا : مباشرة أو وساطة ؛ لأن الانتفاع يكون باستعمال عين المال فى حاجه صاحبه 
ويكون بمبادلته لأخذ عوضه المحتاج إليه من يد آخر .
         و تتقوم هذه الصفة للمال باجتماع خمسة أمور :
         ـ أن يكون ممكنا ادخاره .
         ـ أن يكون مرغوبا فى تحصيله .
         ـ أن يكون قابلا للتداول .
         ـ أن يكون محدود المقدار .
         ـ أن يكون مكتسبا .

ليست هناك تعليقات: