الأربعاء، 1 نوفمبر 2017
مقاصد الشريعة الإسلامية 12
مقاصد الشريعة الإسلامية 12
مقاصد التشريع العامة
مقاصد التشريع العامة
13- الحرية
مدى حرية التصرف عند الشريعة
جاء لفظ الحرية فى كلام العرب مطلقا على
معنيين أحدهما ناشئ عن الأخر .
المعنى الأول : ضد العبودية
( هى أن
يكون المتصرف غير قادر على التصرف أصالة إلا بإذن سيده )
المعنى الثانى : ناشئ عن الأول بطريقة
المجاز فى الاستعمال ،
وهو تمكن الشخص من التصرف فى نفسه وشؤونه كما
يشاء دون معارض .
ويقابل هذا المعنى الضرب على اليد أو اعتقال
التصرف ، وهو أن يجعل الشخص الذى يسوء تصرفه فى المال
لعجز أو الحاجة بمنزلة العبد
فى وضعه تحت نير إرادة غيره فى تصرفه بحيث يسلب منه وصف إباء الضيم
ويصير راضيا
بالهون .
كان الرقيق من أكبر الجماعات التى أقيم
عليها النظام العائلى
و الاقتصادى لدى الأمم حين طرقتهم دعوة الإسلام .
فلو جاء
الإسلام بقلب ذلك النظام رأسا على عقب لانفرط عقد نظام المدنية انفراطا تعسر معه
عودة انتظامه .
فهذا موجب إحجام الشريعة عن إبطال الرق
الموجود .
أما إحجامها عن إبطال تجدد سبب الاسترقاق الذى هو الأسر فى الحروب .
فلأن الأمم
التى سبقت ظهور الاسلام قد تمتعت باسترقاق من وقع فى أسرها وخضع إلى قوتها ،
وكان
من أكبر مقاصد سياسة الإسلام إيقاف غلواء تلك الأمم و الانتصاف للضعفاء من
الأقوياء ،
وذلك ببسط جناح سلطة الإسلام على العالم وبانتشار أتباعه فى الأقطار .
فلو أن
الأمم التى استقرت لها سيادة العالم من قبل أمنت عواقب الحروب الإسلامية
وأخطر تلك
العواقب فى نفوس الأمم السائدة هو الأسر والاستعباد والسبى لما ترددت الأمم من
العرب
وغيرهم فى التصميم على رفض إجابة الدعوة الإسلامية اتكالا على الكثرة والقوة
وأمنا من وصمة الأسر والاستعباد .
نظر الإسلام إلى طريق الجمع بين مقصديه :
نشر الحرية وحفظ نظام العالم بأن سلط عوامل الحرية على عوامل العبودية مقاومة لها
بتقليلها وعلاجا للباقى منها .
وذلك بإبطال
أسباب كثيرة من أسباب الاسترقاق وقصره على سبب الأسر خاصة .
فأبطل الاسترقاق
الاختيارى ، وهو بيع المرء نفسه أو بيع كبير العائلة بعض أبنائها .
وقد كان ذلك
شائعا فى الشرائع .
وأبطل
الاسترقاق لأجل الجناية بأن يحكم على الجانى ببقائه عبدا للمجنى عليه .
وقد حكى
القرآن عن حالة مصر :
( قالوا جزاؤه من وجد فى رحله فهو جزاؤه ) يوسف : 75 ،
ثم
قال : ( كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه فى دين الملك ) يوسف :76 .
وأبطل الاسترقاق فى الدين الذى كان شرعا
للرومان ، وكان أيضا من شريعة سولون فى اليونان من قبل .
وأبطل الاسترقاق فى الفتن والحروب الداخلية
الواقعة بين المسلمين .
وأبطل استرقاق السائبة كما استرقت السيارة يوسف
إذ وجدوه .
ثم إن الاسلام التفت الى علاج الرق الموجود
والذى يوجد بروافع ترفع ضرر الرق ،
وذلك بتقليلة بتكثير أسباب رفعه . وبتخفيف آثار
حالته ، وذلك بتعديل تصرف المالكين فى عبيدهم الذى كان غالبه معنتا .
فمن الأول : وهو تكثير أسباب
رفعه
جعل بعض مصارف الزكاة فى شراء العبيد وعتقهم بنص قوله تعالى : ( وفى
الرقاب ) .
والترغيب فى عتق العبيد .
ومن الثانى : النهى عن التشديد
على العبيد فى الخدمة ،
ففى الحديث : ( لا يكلفه من العمل ما يغلبه فإن
كلفه فليعنه ) .
ونهى عن
ضربهم الضرب الخارج عن الحد اللازم فإذا مثل الرجل بعبده عتق عليه
وفى الحديث النهى عن : ( أن يقول الرجل : عبدى
وأمتى ، وليقل : فتاى وفتاتى ) .
والنهى عن أن يقول العبد لمالكه : (سيدى وربى ،
وليقل : مولاى ) .
فمن استقراء هذه التصرفات ونحوها حصل لنا
العلم بأن الشريعة قاصدة بث الحرية بالمعنى الاول .
حرية الاعتقادات
أسسها الإسلام بإبطال المعتقدات الضالة
التى أكره دعاة الضلالة أتباعهم
ومريديهم على اعتقادها بدون فهم ولا هدى ولا كتاب منير ،
وبالدعاء إلى إقامة البراهين على العقيدة الحق ،
ثم بالأمر بحسن مجادلة المخالفين وردهم إلى الحق بالحكمة
والموعظة وأحسن الجدل ،
ثم بنفى الإكراه فى الدين .
ولولا أن من أصول الشريعة حرية الاعتقاد ما كان
عقاب الزنديق الذى يسر الكفر ويظهر الإيمان
غير مقبولة فيه التوبة إذ لا عذر له
فيه .
أما حرية
الأقوال
فهى التصريح بالرأى والاعتقاد فى منطقة الإذن الشرعى ، وقد أمر
الله ببعضها فى قوله تعالى :
( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعر
وف
وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) .
مقاصد الشريعة الإسلامية 11
مقاصد الشريعة الإسلامية 11
مقاصد التشريع العامة
12- مراتب الوازع
مقاصد التشريع العامة
12- مراتب الوازع
مراتب الوازع جبلية ودينية وسلطانية
معظم الوصايا الشرعية منوط تنفيذها بالوازع
الدينى ،
وهو وازع الإيمان الصحيح المتفرع إلى الرجاء و الخوف .
متى ضعف الوازع الدينى فى زمن أو قوم أو فى
أحوال يظن أن الدافع إلى مخالفة الشرع فى مثلهاعلى أكثر النفوس من الوازع الدينى
هنالك يصار إلى الوازع السلطانى .
على هذا الاعتبار يصح كلما حصل التردد فى
أمانة من وكلت الشريعة حقا إلى أمانته أن نكل تنفيذ ذلك الحق إلى السلطان .
أحدث عمر بن الخطاب ولاية الحسبة وجعلها غير
ولاية القضاء ؛ لأن من الحقوق ما قصدت الشريعة حفظه ،
وليس فى تفريطه تضرر شخص
معين حتى يقوم لدى القاضى أو يكون المتضرر من تفريطه ضعيفا عن القيام بحقه .
الوازع الدينى ملحوظ فى جميع أحوال
الاعتماد على نوعى الوازع ؛
فإن الوازع السلطانى تنفيذ للوازع الدينى والوازع
الجبلى تمهيد للوازع الدينى .
فالمهم فى نظر الشريعة هو الوازع الدينى اختياريا كان أم
جبريا .
ولذلك يجب
على ولاة الأمور حراسة الوازع الدينى من الإهمال ،
فإن خيف إهماله أو سوء استعماله
وجب عليهم تنفيذه بالوازع السلطانى .
مقاصد الشريعة الإسلامية 10
مقاصد الشريعة الإسلامية 10
مقاصد التشريع العامة
مقاصد التشريع العامة
11- الرخصة
تغير الفعل من صعوبة إلي سهولة لعذر عرض لفاعله وضرورة تقتضي ذلك
مثال : أكل المضطر للميتة
ومن الضرورات ضرورات عامة مطردة كانت سبب تشريع عام في أنواع من التشريعات مستثناة من أصول كان شأنها المنع
مثل: السلم والمغارسة والمساقاة
والقسم الثالث الضرورة العامة المؤقتة .
وذلك أن يعرض
الاضطرار للأمة أو طائفة عظيمة منها تستدعى إباحة الفعل الممنوع لتحقيق مقصد شرعى
مثل سلامة الأمة .
منها الكراء المؤبد الذى جرت به فتوى علماء
الأندلس ابن السراج وابن منظور فى أواخر القرن التاسع
فى أرض الوقف حين زهد الناس
فى كرائها للزرع لما تحتاجه أرض الزرع من قوة الخدمة ووفرة المصاريف ،
وزهدوا فى
كرائها للغرس والبناء ؛ لقصر المدة التى تكترى أرض الوقف لمثلها .
لإباية البانى أو الغارس أن يبنى أو يغرس ثم
يقلع ما أحدثه فى الأرض .
فأفتى ابن السراج وابن منظور بكرائها على التأييد ورأيا
أن التأبيد لا غرر فيه ؛ لأنها باقية غير زائلة .
ثم تبعها
على ذلك أهل مصر فى القرن العاشر بفتوى ناصر الدين اللقانى فى إحكار الأوقاف .
عز الدين بن عبد السلام :
( لو عم الحرام الأرض بحيث لا
يوجد حلال جاز أن يستعمل من ذلك ما تدعو إليه الحاجات .
ولا يقف تحليل ذلك على
الضرورات ؛ لأنه لو وقف عليها لأدى إلى ضعف العباد
واستيلاء العدو على بلاد
الإسلام ،ولانقطع الناس عن الحرف والصنائع التى تقوم بالمصالح .
المصلحة العامة كالضرورة الخاصة .
مقاصد الشريعة الإسلامية 9
مقاصد الشريعة الإسلامية 9
مقاصد التشريع العامة
من مقاصد الشريعة أن تكون نافذة فى الأمة ،
مقاصد التشريع العامة
10- نفوذ الشريعة
من مقاصد الشريعة أن تكون نافذة فى الأمة ،
إذ لا تحصل المنفعة المقصودة منها كاملة بدون نفوذها .
فطاعة الأمة الشريعة غرض عظيم .
امتثال الأمة للشريعة أمر اعتقادى تنساق
إليه نفوس المسلمين عن طواعية واختيار ؛ لأنها ترضى بذلك ربها ،
وتستجلب به رحمته
إياها وفوزها فى الدنيا والآخرة . قد قال الله تعالى :
(قد جاءكم من الله نور
وكتاب مبين ) .
الاحكام الشرعية المتلقاة من الرسول ، عليه
الصلاة والسلام ، كلها وحى من الله تعالى .
واستتب للشريعة أن تسلك لتحصيل ذلك
مسلكين سلكتهما جميعا .
المسلك الأول : مسلك الحزم فى إقامة
الشريعة .
المسلك الثانى : مسلك التيسير والرحمة
بقدر لا يفضى إلى انخرام مقاصد الشريعة .
فأما المسلك الأول ، فقد مهدته الشريعة بالترهيب
والموعظة ،كقول الله تعالى :
( تلك حدود الله فلا تعتدوها
ومن يتعد حدود الله فاولئك هم الظالمون ) .
فى الحديث الصحيح :
( من عمل عملا ليس عليه
أمرنا فهو رد ) .
وفى قضية بريرة أن رسول الله (صل الله عليه
وسلم) خطب فقال :
( ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست فى كتاب الله ، من اشترط شرطا
ليس فى كتاب الله فهو باطل ،
ك
تاب الله أحق وشرط الله أوثق ) .
مقاصد الشريعة الإسلامية 8
مقاصد الشريعة الإسلامية 8
مقاصد التشريع العامة
مقاصد التشريع العامة
9- الضبط والتحديد
من طرق الانضباط والتحديد فى الشريعة ست وسائل :
الوسيلة الأولى :
الانضباط بتمييز المواهى والمعانى تمييزا لا
يقبل الاشتباه بحيث تكون لكل ماهية خواصها و آثارها عليها ،
مثل طرق القرابة
المبنية فى أسباب الميراث ، وفى التحريم من حرم نكاحه .
الوسيلة الثانية :
مجرد تحقق مسمى الاسم ، كنوط الحد فى الخمر بشرب
جرعة من الخمر .
الوسيلة الثالثة :
التقدير ،
كنصب الزكوات فى الحبوب والنقدين ، وعدد الزوجات ونهاية الطلاق .
الوسيلة الرابعة :
التوقيت ، مثل : مرور الحول فى زكاة الأموال ،
ومرور أربعة أشهر فى الإيلاء ، والحول فى سقوط الشفعة .
الوسيلة الخامسة :
الصفات المعينة للمواهى المعقود عليها كتعيين
العمل فى الإجارة وكالمهر والولى فى ماهية النكاح ليتميز عن السفاح .
الوسيلة السادسة :
الإحاطة والتحديد ، كما فى إحياء الموات ، وكمنع
الاحتطاب من الحرم عدا الإذخر ،
وحدود الحرز فى تحقق معنى السرقة تفرقة بينها وبين
الخلسة .
مقاصد الشريعة الإسلامية 7
مقاصد الشريعة الإسلامية 7
مقاصد التشريع العامة
مقاصد التشريع العامة
8- سد الذرائع
سد الذريعة منع
ما يجوز لئلا يتطرق به إلى ما لا يجوز .
الذرائع جمع ذريعة وهى فى الأصل دابة تشد
فى موضع ليأوى إليها البعير الشارد ؛
لأنه كان يألفها قبل شروده فإذا رآها اقترب
منها فأمسكوه .
قسم شهاب الدين القرافى ذريعة الفساد الى
ثلاثة اقسام :
ـ مجمع على عدم سده : مثل زراعة
العنب خشية ما يعتصر منه من الخمر، ومثل التجاور فى البيوت خشية الزنا .
ـ مجمع على سده : كحفر الآبار فى طريق
المارة دون سياج .
ـ مختلف فيه : مثل بيوع الآجال .
قد درجنا على أن اصطلاحهم فى سد الذرائع
أنه لقب خاص بذرائع الفساد
فلا يفوتنا التنبيه على أن الشريعة قد عمدت إلى ذرائع
المصالح ففتحتها بأن جعلت لها حكم الوجوب ،
وإن كانت صورتها مقتضية المنع أو
الإباحة وهذه المسألة هى الملقبة فى أصول الفقه بأن :
ما لا يتم الواجب إلا به
هو واجب ، وهى الملقبة فى الفقه بالاحتياط .
ألا ترى أن
الجهاد فى صورته مفسدة إتلاف النفوس والأموال ،
وهو آيل إلى حماية البيضة وحفظ
سلامة الأمة وبقائها فى أمن ، فكان من أعظم الواجبات ،
إذ لو تركوه لأعقبهم تركه
تلفا أعظم بكثير مما يتلفهم الجهاد .