تاريخ الفقه الإسلامي 6
الدور الخامس
عصر الجمود والتقليد
يقول الحجوي " واصفاً نهاية
عصرالأئمة المجتهدين وبداية عصر التقليد: " غلب التقليد في العلماء ، ورضوا
به خطة لهم ، ولا يزال في هذا العصر يزيد التقليد ، وينقص الاجتهاد إلي المائة
الرابعة، إذ أصبح كثير من علمائها راضين بخطة التقليد ، عالة علي فقه أبي حبيفة
ومالك والشافعي وابن حنبل وأضرابهم
وانساقوا إلي اتخاذ أصول تلك المذاهب
دوائر حصرت كل طائفة نفسها بداخلها لا تعدوها ، وأصبحت أقوال هؤلاء الأئمة بمنزلة
نصوص الكتاب والسنة لا يعدونها ، وبذلك نشأت سدود بين الأمة وبين نصوص الشريعة
ضخمت شيئاً فشيئاً إلي أن تنوسيت السنة ، ووقع البعد من الكتاب بازدياد تأخر اللغة
، وأصبحت الشريعة هي نصوص الفقهاء وأقوالهم لا أقوال النبي صلي الله عليه وسلم ،
وصار الذي له القوة علي فهم كلام الإمام ، والتفريع عليه مجتهداً مقيداً ، أو
مجتهد المذهب ، وتنوسي الاجتهاد المطلق ، حتي قال النووي في شرح المهذب بانقطاعه
من رأس المائة الرابعة ، وهو كلام غير مسلم. " الفكر السامي
وكلما تقادم الزمان ازداد التقليد
وابتعد المسلمون عن نور العلم ، وقد ترك كثير من مقلدي المذاهب النظر في كتب
الإمام الذي يقتدون به ، وقصروا النظر علي كتب متأخري المذهب
التقليد لم يقع فجأة
تدرج التقليد مع الزمن ، وبدأ بالتعصب لإمام معين ومتابعته
في كل أقواله
ولما انهارت الدولة الاسلامية عام
656هـ عندما إجتاح التتار عاصمة الخلافة الإسلامية ترك الفقهاء كل ألوان الاجتهاد
، ولم يبق عند بعضهم إلا شيئ من التمييز بين الأقوال وبيان قويها من ضعيفها ،
وشغلوا أنفسهم بتأليف الكتب ، واختصار ما خلفه لهم الفقهاء السابقون ، وتفننوا في
هذا الاختصار حتي صار هذا الاختصار ألغازاً يحتاج تحليلها والوقوف علي معانيها إلي
جهد كبير ، ووقت طويل ، لا يخرج طلبة العلم بعده إلا بالقشور
السنة النبوية في عصر التقليد: ألفت كتب في هذا
العصر منها مصنفات مستوعبة للسنة ، ومنها مؤلفات خرج أصحابها فيها كتب الفقه المتداولة
المصنفات المستوعبة للأحاديث :
انتهت عهود الرواية والتدوين الأساسي
في جوامع ومصنفات وسنن ومسانيد في العصر السابق . واشتغل العلماء في هذا العصر
بتجميع السنة علي صعيد واحد في مصنفات مستوعبة
ومنها :
1- جامع الأصول لابن الأثير (544-606هـ)
2- مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي
3- المطالب العالية لابن حجر السقلاني(773-852هـ)
4- جمع الجوامع للسيوطي (849-911هـ)
5- الجامع الصغير للسيوطي.
كتب التخريج:
اتجهت عناية جماعة من علماء الحديث
إلي تخريج وتحقيق الأحاديث التي وردت في المصنفات الفقهية المشهورة
ومن أشهر الكتب التي خرجت وحققت
أحاديثها كتاب الهداية في فقه الأحناف
خرجه الحافظ الزيلعي وسماه " نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية"
وخرج الحافظ ابن حجر أحاديث كتاب شرح الوجيز
لأبي القاسم الرافعي الشافعي وسما ه " تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي
الكبير "
التدوين الفقهي في عصر الجمود
في هذا العصر دونت مجموعة من الكتب
الفقهية وهي من أعظم المدونات الفقهية التي تعني بذكر أقوال السلف وعلماء الأمصار
وأقوال أصحاب المذاهب وهي تعني بأقوالهم كما تعني بأدلتهم ، وتبين الصحيح والضعيف
من الأدلة ، وتبين الراجح من الأقوال ، وتنصف في الترجيح ، وأشهر هذه المدونات:
1- المحلي لابن حزم الأندلسي(384-465هـ)
2- المغني لابن قدامة المقدسي(541-620هـ)
3- المجموع للنووي الدمشقي (631-676هـ)
4- كتب ابن تيمية وخاصة فتاويه
فائدة هذا النوع من المصنفات:
1- أنها كتب في الفقه المقارن ، وفقه الإسلام العام.
2- يناقش هذا النوع من المؤلفات الآراء دون تعصب ، ويرجحون ما يرون
قوة دليله.
3- هذه الكتب تسوق الأحكام بأدلتها في كثير من الأحيان
4- أن المتلقي لأحكام دينه من فقه أي مذهب من المذاهب المدونة يخرج
باطلاعه علي أدلتها في هذه الكتب من ربقة الجمود علي التقليد المحض المذموم.
5- مسلك هؤلاء ينشر الود والسماحة بين المسلمين علي اختلاف مذاهبهم ،
ويستأصل شأفة العصبية والعداوة من نفوسهم ، وإن جاوز ابن حزم الطريق في هذا الجانب
.
6- ذكرهم لأدلة الآراء الفقهية يؤكد استقلال الفقه الإسلامي ، ويبطل
ادعاء أنه مستمد من القانون الروماني.
7- ذكرهم مسائل الإجماع والخلاف يعين الدعاة إلي الله بمعرفة ما اختلف
فيه ، فلا يتصدون لانكاره ، علي أحد .
القواعد الفقهية
تنبه المسلمون منذ بداية الأمر إلي أن
كثيراً من آيات القرآن آيات جامعة ، تحمل المعاني الكثيرة في الالفاظ القليلة
وقد أُوتي رسول الله صلي الله عليه
وسلم جوامع الكلم
ومن هذه الأحاديث في الأحكام تعد
أصولا وقواعد جامعة مثل حديث " إنما الأعمال بالنيات " فيري الشافعي أنه
يدخل في 70 بابا من الفقه
وقد أخذ الفقهاء بعض هذه الأحاديث
بلفظها وجعلوها قواعد فقهية ، كحديث
" لا ضرر ولاضرار " وأحياناً يصوغون هذه الأحاديث صياغة قريبة أو
بعيدة ، وتصبح قاعدة فقهية ، كالقاعدة العظيمة" الأمور بمقاصدها" فإنها
مأخوذة من حديث " إنما الأعمال بالنيات "
ومن أمثلة هذه القواعد :
1- اليقين لايزال بالشك
2- الأصل براءة الذمة
3- الأصل في الأشياء الاباحة حتي يدل دليل علي التحريم
4- المشقة تجلب التيسير
5- الضرورات تبيح المحظورات
6- الأصل في الكلام الحقيقة
7- لا اجتهاد مع نص
8- درء المفاسد أولي من جلب المصالح
9- الغنم بالغرم
فائدة العلم بهذه القواعد :
تعد هذه القواعد هي الأصول التي بنيت
عليها الأحكام الشرعية ، ومن يتمرس بها يطلع علي كثير من أسرار الأحكام الشرعية
يقول القرافي " وهذه القواعد مهمة في الفقه ، عظيمة
النفع ، وبقدر الإحاطة بها يعظم قدر الفقيه ويشرف "
بل قيل الفقه معرفة الأشباه والنظائر.
إنحراف بعض الفقهاء في هذا المجال
أصبح نظر كل فقيه قاصراً علي فروع
الأحكام التي في مذهبه فذهب يستقرئ هذه الاحكام ويصوغ منها قواعد عامة ويتكلف في ذلك تكلفا شديداً
كتب القواعد :
الاحناف هم أكثر من عنوا بالتأليف في
قواعد الفقه
ومن أشهر كتب القواعد هي:
1- تأسيس النظر للدبوسي (ت 430هـ)(حنفي)
2- الأشباه والنظائر لابن النجيم (ت 970هـ) (حنفي)
3- تخريج الفروع علي الأصول للزنجاني (ت656هـ)(شافعي)
4- الأشباه والنظائر للسيوطي(ت911هـ) شافعي
5- قواعد الأحكام في مصالح الأنام للعز بن عبد السلام (ت660هـ) مالكي
6- الفروق للقرافي (ت684هـ) شافعي
7- القواعد الكبري والصغري للطوفي (ت710هـ) حنبلي
8- قواعد ابن رجب الحنبلي (ت795هـ)
الفرق بين القواعد الفقهية والقواعد
الأصولية:
قواعد الأصول تضع المناهج ، وتبين
المسالك التي يلتزم بها الفقيه لا ستنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، أم
ا القواعد الفقهية فهي من قبيل المبادئ العامة في الفقه الإسلامي التي تتضمن
أحكاماً شرعية عامة تنطبق علي الوقائع والحوادث التي تدخل تحت موضوعها .
كتب الفتاوي:
وهي عبارة عن مجموع فتاوي عالم
ومن خير كتب الافتاء فتاوي شيخ
الاسلام ابن تيمية (ت728هـ)
أنواع المنتسبين إلي الفقه في هذا
العصر
الفقهاء الذين نصبوا أنفسهم للفتوي في
هذا العصر أربعة أنواع وهي:
1- النوع الأول : العلماء
بالكتاب والسنة وأقوال السلف الصالح من الصحابة والتابعين والأئمة ، وهؤلاء هم
الذين يعنون بالدليل ويرجحون بين الأقوال ، وهم المجتهدون (فلم يخل هذا العصر من هذا الصنف) ولا يتقيدون
بمذهب
ومنهم العز بن عبد السلام
ومنهم شيخ الاسلام ابن تيمية
وممن ظهروا في القرون المتأخرة
العلامة محمد بن إسماعيل الشهير بالصنعاني صاحب سبل السلام ( ت 1182هـ)
ومنهم محمد بن علي الشوكاني صاحب نيل
الأوطار ( ت1250هـ)
والشوكاني والصنعاني كلاهما من اليمن
وإمام الحرمين الجويني
2- النوع الثاني : مجتهد مقيد في مذهب من ائتم به :
وهؤلاء مجتهدون في معرفة إمام مذهبهم
ومآخذه وأصوله ، عارفون بها ، متمكنون من التخريج عليها ، وقياس مالم ينص من
ائتموا به علي منصوصه
وقد ادعي هذه الرتبة من الحنابلة
القاضي أبو يعلي ، ومن الشافعية خلق كثير ، وقد اختلف الحنفية في أبي يوسف وزفر
ابن الهذيا ، والشافعية في المزني وابن سريج ، وابن المنذر، ومحمد بن نصر المروزي
والمالكية في أشهب وابن عبد الحكم وابن
القاسم وابن وهب
والحنابلة في أبي حامد والقاضي : هل
هؤلاء مستقلين بالاجتهاد أ ومتقيدين بمذاهب أئمتهم ؟ علي قولين
ورتبة هؤلاء دون رتبة الأئمة في
استقلال الاجتهاد.
3- النوع الثالث : من اجتهد في مذهب من انتسب إليه مقرر له بالدليل
متقن لفتاويه ، عالم بها ، لكن لا
يتعدي أقواله وفتاويه ولا يخالفها، وإذا وجد نص إمامه لم يعدل عنه إلي غيره البته،
وهذا شأن أكثر المصنفين في مذاهب أئمتهم ، وهو حال أكثر علماء الطوائف
4- النوع الرابع : طائفة تفقهت في مذاهب من انتسبت إليه ، وحفظت
فتاويه وفروعه ، وأقرت علي نفسها بالتقليد المحض من جميع الوجوه ،فإذا ذكروا
الكتاب والسنة يوماً ما في مسألة فعلي وجه التبرك والفضيلة لا علي وجه الاحتجاج
والعمل ، وهؤلاء إذا وجدوا حديث صحيح مخالف اً لقول من انتسبوا إليه أخذوا بقوله
وتركوا الحديث قائلين : الإمام أعلم بذلك منا ، ونحن قد قلدناه فلا نتعداه ولا
نتخطاه ، بل هو أعلم بما ذهب إليه منا
أسباب الجمود الفكري والتعصب المذهبي
1- الغلو في تعظيم الأئمة
2- طريقة التدوين والتأليف:
أ -
كثرة التأليف في الفقه :
لك أن تتعجب كيف كان رسول الله صلي
الله عليه وسلم ينهي عن تدوين سنته ، وأنظر كذلك في سيرة أبو بكر وعمر كيف كانا
ينهيان الصحابة من الاكثار من رواية السنة ، وكذا كان أئمة السلف كاأحمد بن حنبل
رض الله عنه فقد كان ينهي عن تدوين كلامه
وما ظهر وانتشر في عصر التقليد من
كثرة التدوين والتصنيف والشروح والحواشي
والمختصرات وكان كل ذلك علي حساب الاشتغال بالكتاب والسنة ، وقد عنون ابن خلدون
رحمه الله في مقدمته " فصل في أن كثرة التأليف في العلوم عائقة عن التحصيل ".
ب- المختصرات الفقهية :
يمكننا أننوجز المفاسد الناتجة عن هذه
المختصرات في :
1- إغراق المؤلفين في الاختصار أدي إلي الإخلال بالبلاغة ، وصعوبة
الفهم ، ولذلك احتاجوا إلي الشروح ، والشروح احتاجت إلي الحواشي.
2- إفساد التعليم ، لأنهم يقصدون إلي المونات التي هي غايات في العلم
ويلزمون الطلبة المبتدئين بدراستها .
3- إشغال طالب العلم والعالم بحل رموز العبارة وبيان معانيها لشدة
إختصارها وفي هذا ضياع للوقت في أمر ليس
له فائدة ، وكان الواجب الرجوع إلي الكتب الواضحة العبارة التي تبين عن نفسها
بنفسها ، وبذلك يزول الإلغاز ، وتتضح المعاني.
4- هذه الطريقة فيها إفساد للملكة العلمية ، ولذلك فإن الملكة العلمية
تنعدم أو تنشأ قاصرة .
لقد كا نمختصر خليل أقرب إلي الألغاز
منه إلي الكتب العلمية
لقد أصبحت هذه المختصرات المعقدة
قيوداً وآصاراً أحاطت بالعقول في عصر التقليد كما يقول الحجوي" أحاطت بعقولنا
قيود فوق قيود ، وآصار فوق آصار"
فالقيود الأولي: التقيد بالمذاهب ،
وما جعلوا لها من القواعد ، ونسبوا لمؤسسيها من الأصول
والقيود الثانية : أطواق التأليف
المختصرة المعقدة التي لا تفهم إلا بواسطة الشروح
ج – عدم اتباع المنهج العلمي في
التوثيق:
فقد وقعوا في خطئين هما :
أولاً: اختلافهم كثيراً فيما ينقلونه من
نصوص الإمام ، وفيما يصححونه منها ، وكل أصحاب طريقة ينقلون عن إمامهم خلاف ما
ينقله هؤلاء ، مع أن المرجع في هذا كله إمام واحد ( كخراسانية وعراقية في مذهب
الشافعي) ومن هنا أصبح معرفة المعتمد في
المذهب في غاية الصعوبة ، وحصل فيه اضطراب شديد.
ثانياً: كثرة الاستدلال بالأحاديث الضعيفة
والموضوعة علي ما يذهبون إليه نصراً لقولهم
ويذكر الشوكاني أن الغزالي والجويني
إذا تكلموا في الحديث جاؤوا بما يضحك منه سامعه، وذلك لكثرة استشهادهم بالضعيف
والموضوع ، والزمخشري والرازي مع كونهم يؤلفون في الحديث فإنه لا علم لهم به ،
واستشهادهم بالضعيف كثير.
وقد وقد حاول المحدثون سد هذه الثغرة
في المؤلفات الفقهية ، فاتجهوا إلي تخريج المؤلفات الفقهية المشهورة المتداولة ،
فخرج الحافظ الزيلعي كتاب الهداية في فقه الأحناف ، وخرج ابن حجر العسقلاني كتاب
الرافعي الكبير في فقه الشافعية ، وفي هذا العصر خرج الألباني كتاب منار السبيل في
فقه الحنابلة.
3- ضعف الدولة الإسلامية :
فقد عقد ابن خلدون في مقدمته فصلا
لبيان " أن العلوم إنما تكثر حيث يكثر العمران وتعظم الحضارة " والسبب
في ذلك " أن تعليم العلم من جملة الصنائع
، والصنائع إنما تكثر في الأمصار ، وعلي نسبة عمرانها في الكثرة والقلة والحضارة
والترف تكون نسبة الصنائع في الجودة والكثرة ، لأنه أمر زائد علي المعاش ، فمتي
فضلت أعمال العمران عن معاشهم انصرفت إلي ما وراء المعاش من التصرف في خاصية
الإنسان وهي العلوم والصنائع "
4- تمكين السلاطين لاتباع المذهب الذي اعتنقوه:
وقصروا مناصب القضاء والافتاء عليه ،
وقد صرف هذا همم الناس إلي اتباع المذاهب
وتقليدها وترك الاشتغال بعلوم الكتاب والسنة.
وبسبب انتصار كل حاكم من الحكام لمذهب
معين من المذاهب انقرض كثير من المذاهب كمذهب سفيان الثوري ، وسفيان بن عيينة ،
وعبد الله بن المبارك ، وأبو عمرو الأوزاعي ، وعبد الرحمن بن أبي ليلي ، والليث بن
سعد ، وداود بن علي ، وأبو ثور ، وابن جرير الطبري وغيرهم.
وقد كان مذهب أبي حنيفة في المشرق ،
ومذهب مالك في المغرب أوسع المذاهب انتشاراً ، لأنه أتيحت لكل من المذهبين دولة
تتبناه وتنشره ،
فالدولة العباسية تبنت مذهب أبي حنيفة
، ومكنت له ، فقد ولي الخليفة الرشيد أبا يوسف رئاسة القضاء ، وقد كان بدوره يولي
القضاء لأتباع مذهب إمامه
وعمل الأمويون في الأندلس علي نشر
المذهب المالكي،
والأيوبيون علي نشر المذهب الشافعي،
والسعوديون علي نشر المذهب الحنبلي.
5- دعوي بعض العلماء أن كل مجتهد مصيب
وقد عقد ابن عبد البر في كتابه جامع
بيان العلم بابا عنوانه " باب ذكر الدليل في أقاويل السلف علي أن الاختلاف
فيه خطأ وصواب يلزم طلب الحجة عنده "وذكر فيه رد الصحابة بعضهم علي بعض عند
اختلافهم
وذكر قول مالك " ما الحق إلا
واحد ،قولان مختلفن لا يكونان صواباً جميعاً، ما الحق والصواب إلا واحد "
ثم قال أبو عمر رحمه الله "
الاختلاف ليس بحجة عند أحد علمته من فقهاء الأمة إلا من لا بصر له ، ولا معرفة
عنده ، ولا حجة في قوله "
قد يريد بعض العلماء بقوله كل مجتهد
مصيب ، أي مرفوع عنه الاثم ، قال ابن تيمية " فإذا أريد بالخطأ الإثم ، فليس
المجتهد بمخطئ ، بل كل مجتهد مصيب مطيع لله ، فاعل ما ؟أمره الله به"
المجتهدون معذورون مأجورون وإن
أخطأؤوا:
وسواء أكان اجتهادهم في الأصول أو
الفروع ، والذين قالوا بإثم المجتهدين في الأصول إذا أخطؤوا دون الفروع هم
المعتزلة كما يقول ابن تيمية
الآثار المترتبة علي الجمود الفكري
والتقليد المذهبي:
أولاً: ترك الاشتغال بعلوم الاجتهاد:
ثانياً : محاربة الذين يشتغلون بعلوم
الاجتهاد
أعلن المقلدون حرباً حامية الوطيس علي الذين
يحاولون الخروج من ربقة التقليد والاشتغال بعلوم الاجتهاد فقد نال ابن تيمية من
المقلدين في عصره كثير أذي وسجن بسبب ذلك وتوفي سجيناً وكذلك ابن القيم ،
والشوكاني صابه من المقلدين بلاء
وجمال الدين القاسمي أُتهم (اوائل
القرن الثالث عشر الهجري) بتهمة الاجتهاد وألفت محكمة خاصة دعي للمثول أمامها
وفتشت كتبه وصودرت فترة من الزمان.
ثالثاً : شيوع المناظرات والجدل:
وكانت تعقد لا لبيان الحق والتوصل إلي مراد
الله من كلامه ، وإنما انتصاراً للمذذهب، ورداً لأقوال الخصوم من أصحاب المذذاهب
الأخري
رابعاً: الاختلاف والعداوة والبغضاء
خامساً: غمط فضل أصحاب العلم والفضل
سادساً: انتشار الخراب والفتن بسبب
التقليد والتعصب
سابعاُ: تضييق أتباع المذاهب علي
أنفسهم
ثامناً : الاشتغال بالفرضيات والمسائل
المستحيلة الوقوع أو التي لا يبني عليها عمل
تاسعاً: كثرة الجهل وقلة العلم.