حال الصحابة في غياب الأصلين
ماذا كان يفعل الصحابة في حالة حدوث حادثة ليس معهم فيها دليل أو لا يعرفون لها دليل من كتاب الله أو سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم
لدينا هنا ثلاث قصص بثلاث وقائع تبين المراد
القصة الاولي قصة الصحابي الذي إستخدم الفاتحة كرقية للرجل الملدوغ والقصة مشهورة
فعندما رجع الصحابة وأخبروا رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال له ما أخبرك أنها رقية أي الفاتحة
فهنا إجتهد الصحابي في الاستشفاء بكتاب الله دون توقيف خاص بأن فاتحة الكتاب رقية
ربما استدل بعموم قوله تعالي " وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة "
لم تحدثنا الرواية عن دليله ولكن حدثتنا عن اجتهاده وتصويب الرسول صلي الله عليه وسلم له
القصة الثانية
هي قصة الصحابي الذي أجنب ولم يجد الماء فتمرغ بالتراب
وعندما أخبر الرسول صلي الله عليه وسلم بما فعل قال له إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا وعلمه التيمم
فهنا صوب الرسول صلي الله عليه وسلم حكمه علي التراب أنه بديل ولكن صحح له كيفية استخدام التراب كبديل عند تعذر الماء أو فقده
القصة الثالثة
عندما أجنب صحابي وكان به جرح فسأل هل له ان يترك الاغتسال او غسل الجرح فأفتاه أحد بأنه لا يجوز بل يجب عليه الغسل فاغتسل فمات
فلما علم رسول الله صلي الله عليه قال قتلوه هلا سألوا إذ لم يعرفوا إنما شفاء العي السؤال
وقال إنما كان يكفيه ان يمسح علي جرحه
ملاحظات حول الثلاث وقائع
المتأمل في القصص الثلاث يلحظ أن الصحابة كانت تري أنه يجب عليها الاجتهاد فيما لا نص فيه ، إذ يجب عليها العمل ،ولا نص مبين للعمل فوجب الاجتهاد
والاجتهاد هنا هو إعمال البديهة والعقل في الواقعة في ضوء ما عرفوه من الشرع الحنيف
وهذا واضح في القصة الاولي والثانية
لكن الرسول لام الذين افتوا بغير علم في القصة الثالثة أي اجتهدوا وأخطأوا
والقصة الثالثة في رأيي تؤيد اعتماد الصحابة علي وجوب الاجتهاد في الاحكام مالم يوجد نص
إذ في القصة الثالثة علي التحقيق هم لم يجتهدوا إنما منعوا الاجتهاد عملا بالنص الذي يوجب الغسل
والرجل صاحب الجرح كان يعرف وجوب الاغتسال إنما كان يبحث عن رخصة بسبب مرضه
هذا موطن إجتهاد هنا أفتاه أصحابه بالمنع من الرخصة
وكان الاجدر بهم أن يمتنعوا عن الحكم كلية
لا أن يجزموا بمنع الرخصة
وهذا أشبه حالا بمن قالوا بمنع الاجتهاد في عصور الجمود ، وقالوا بمنع وجود مجتهدين ، ومازلنا نعاني إلي الآن من آثار ذلك
سبحان الله الفرق جلي بين القصة الثانية والثالثة
في الثانية الرجل أجنب ولم يجد ماء فتمرغ بالتراب
وهذا أصعب في الاجتهاد
ممن لديه الماء ولديه عذر في استخدامه كالمرض الشديد كما في القصة الثالثة
ولكن لما كان صاحب القصة الثانية آخذا بالجد والعزم وفق في إجتهاده وإن كان الرسول بين له الكيفية
هنا سؤال
هل هذا خاص بعصر التشريع وحياة الرسول لأنهم إن أخطأوا فسينزل وحي ببيان خطأهم أو سيخبرهم الرسول بصواب أو خطأ إجتهادهم
في الواقع الظاهر أنه لافرق
بل الاجتهاد في عصر التشريع هو بمثابة تدريب لهم علي الاجتهاد
وسنبين ذلك بوضوح فيما يلي