الاثنين، 24 يناير 2011

التعالم وأثره علي الفكر والكتاب 2

التعالم وأثره علي الفكر والكتاب 7


ظواهر التعالم :


6- الانتحال : وقد بلغ سوء الحال إلي انتحال كتب ورسائل برمتها ومنها تنتيف الكتب بمعني أخذ بحث في موضوع من كتاب، وإفراده بالطبع، ويرسم علي طرته تأليف فلان دون الإشارة علي الغلاف بأنه مستل من كتاب كذا ( انظر في هذه المسألة بالتفصيل فقه النوازل لبكر ابو زيد ومعجم المؤلفات المنحولة له أيضا رحمه الله تعالي )


7- نفخ الكتاب بالترف العلمي والتطويل : الذي ليس فيه من طائل، بل هو كالضرب في حديد بارد، وهذا بعد ثورة الإنتاج الطباعي تحت شعار التحقيق ، بحيث يكون الأصل لو وضع في ظرف لوسعه، ثم يأتي محضر النصوص باسم التحقيق ويزيد في الكتاب فيترجم للأعلام والمشاهير من صحابة وتابعين وعلماء ويعرفون للأماكن المشهورة كمة والمدينة ، مما هو تحصيل حاصل لا يستفيد منه الناظر في موضوع الكتاب بل إن سوالبه أكثر :


منها : بذل جهد من الوقت والعناء لا فائدة من وراءه


ومنها : قطع همم القراء عن جرد الكتاب.


ومنها : تأخير ظهوره مطبوعا، وإثقال طلاب العلم بثمن دون مردود علمي.


8- دعوي العلم والتحقيق : ضريبة الثراء المشبوه في أقل أحواله والجاه الموهوم في جل أحواله ، فيسوق المريض به داء الغرور ، إلي دعوي العلم والتحقيق، وبذل جهود في خدمة التراث، وإحياء مآثر الأسلاف ؟


فهذا يبذل من ماله، وذاك يبذل من جاهه، لمن لزمه الإعدام مع علمه، ليحقق له كتابا أو يحضر له مؤلفا ويرسم علي طرته بلا حياء تحقيق فلان أو تحقيق ودراسة فلان والله يعلم إنه لكاذب. ومن وراء هذين الصنفين صنف ثالث، مفلس من المال والجاه والعلم ( خزينته أصفار، وخزانته بلا أسفار) وهزائم لا تعرف العزائم يسعي من أثقلته، لبناء مجد موهوم ، فيسرق كتاب هذا ، ويشتري جهد ذاك ويخرج للناس عشرات المؤلفات وهو مفلس منكود، ومفتضح منبوذ






9- الصعقة الغضبية ، وهي تلك الخلة من بعض ، من أخذته شره الشباب، وسطوته في : تعالم ، ورياء، وعجب، وكبرياء، وإعلان لضعف ميراثه من هدي النبوة في أدب الحديث، والمجالسة، وإنزال النناس منازلهم.


وبيانه: أن بعض من هذه حاله ، من مبتدئ في الطلب، أو من عفي علي معلوماته الزمن، تجده يلتقط المسألة ، والمسألتين، ويحبر النظر فيها فيتنمر بها في المجالس ، وفي مواجهة من لا يعشرهم، ليظهر فضل علم لديه، ويمتحن الأشياخ علي يديه.. في مقاصد هزيلة .


وكم في الحضور من يمقته ويقليه، ويبغضه ويشنيه وقد جرب علي هذا الصنف أنه لا ينشر له القبول في الأرض، ثقيل الظل في الطول والعرض، مجالسته حمي الربع، ورؤيته جذع في العين، وحديثه سمج وبمثله رزق الصمت المحبة . أعان الله أرضا أقلته، ورحم الله تربة وارته


فاحذر أن تكون هذا : لمبلس، المفلس.
...............................................
التعالم وأثره علي الفكر والكتاب 8

ظواهر التعالم :


10- شغف المبتدئين بالتأليف: والبداية مزلة، وهذا عين تشيخ الصحفية، فتراه يخوض غمار التأليف فيما وصل إليه الأكابر، بعد قطع السنين، في مثافنة الأشياخ، ومسك الدفاتر ، ثم يأتي هذا المجذوب الطري ، ويثافن مؤلفاتهم ...


والمطابع تفرز كل يوم لنا رزما وقراطيس.


إن لم يكن هذا هو الاحتراق في الغرور، فما أدري له سببا سواه، فنعوذ بالله من هذه الفتنة الصماء .


وأنصح نفسي وإخواني بالجد في الطلب، وتحرير المسائل، وضبط الأصول، وجرد المطولات، وكثرة التلقي، والدأب في التحصيل وأن لا يشغل المرء نفسه بالتأليف في مثاني الطلب قبل التأهل له، فإن التأليف في هذه المرحلة يقطع سبيل العلم والتعلم، ويعرض المرء فيه نفسه قبل نضوجها.


والتأليف المقبول لابد أن يكون بقلم من اتسعت مداركه، وطال جده وطلبه، والصنعة بصانعها الحاذق، ومعلمها البارع .

11- التجنس اللغوي: ومنه الانحلال اللغوي، من كرائم لغة العرب إلي لوثة العجمة، حتي إن الخاطر ليرد علي الخاطر، فيقول: هل هذا المتعالم متقلب في أرحام حنظلية، أم من أصلاب فارسية، وهل هو نبطي حقيقة، عربي تجوزا.


وهذا القطيع : هو لغنيمة الباردة للشعوبية الأغتام يمتطونه في دعواتهم لتهجين اللسان في الدعوة إلي :


(أ‌) الشعر الحر
(ب‌) إحياء اللهجات العامية
(ت‌) تغيير الرسم القرآني
(ث‌) تغيير الأرقام العربية
(ج‌) إشاعة المولد في وسائل الإعلام
(ح‌) تنزيل لغة الجرائد في مدونات أهل الإسلام
(خ‌) تشييد الحواجز عن كتب المواد للسان العرب

فعلي أهل العلم والإيمان : المحافظة علي هذا اللسان، بالدعوة إليه وكف الدخيل عنه والابتعاد عن دعوات الشعوبية الأغتام وهذه الوجهة لن يتعاصي فهمها علي القراء متي كانوا كذلك – وهم الذين يساق إليهم الحديث- ، وأما من كانت وسائل الإعلام سماعا وقراءة، سميره وهجيراه، فاستعاض بالمقهي عن المعهد، وبالجريدة عن الكتاب وبالمناقشات الرياضية عن المذكرات العلمية، فأني له ذلك ؟
............................................
التعالم وأثره علي الفكر والكتاب 9

ظواهر التعالم :

12- إثبات الشخصية في الرسائل: وهذه من أسوأ ظواهر التعالم ولهذا تري الراسائل محشورة سطورها بهذه العبارات السمجة: ترجحينا، اختيارنا، رأينا ، ونحن نرفض هذا القول، ونحن نري، ونحن لا نؤيد هذا الرأي، وهذا الحديث صحيح، وذاك الحديث ضعيف .. وهككذا في بلاء متناسل .


والمناقش يأتي وقد اتردي الجبة أوالعباءة السوداء وهذا تقليد كنسي في مناقشة الرسائل، يجب علي أهل العلم والإيمان مخالفتهم فيه

13- التزيد في الكلام: وهذا من تشبع المرء بما لم يعط، والتزيد آفة تجر إلي الوضع، وهو آخية الكذب، بل هو عينه وقد أحسن من قال :


لي حيلة فيمن ينم وليس في الكذاب حيلة
                             من كان يخلق ما يقول فحيلتي فيه قليلة

14- ومن المتعالمين الغنادر : جمع غندر وهو المشاغب، المتطاول بلسانه، الوارث لما لا يورث، من التسلط علي العباد بداء الفحش والبذاء المحروم من ميراث الأنبياء


والمتطاول كبت الله باطله ، يسل لسانه علي العباد فيتقيه المؤمنون، ويترفعون عن منازلته ، فتكون العاقبة لهم فيرتفع شأنهم عليه، ومن تعجيل العقوبة له : تخلفه عن أقرانه في القيمة الأدبية رغم تحرقه، وشدة تطلعه .


ولطرفة بن العبد :


وإن لسان المرء مالم يكن له حصاة علي عوراته لدليل


وفيهم وفي إخوان لهم يقول ابن القيم رحمه الله تعالي :


( ومن له خبرة بما بعث الله به رسوله صلي الله عليه وسلم وبما كان عليه هو وأصحابه رأي أن أكثر من يُشار إليهم بالدين هم أقل الناس دينا، والله المستعان، وأي دين وأي خير فيمن يري محارم الله تنتهك وحدوده تُضاع ودينه يُترك وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم يُرغب عنها وهو بارد القلب ساكت اللسان؟ شيطان أخرس! كما ان المتكلم بالباطل شيطان ناطق ، وهل بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياساتهم فلا مبالاة بما جري علي الدين؟ وخيارهم المتحزن المتلمظ، ولو نُوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله بذل وتبذل وجد واجتهد، واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسب وُسعه ...)هذه جملة من ظواهر التعالم في عدد من من علوم الشريعة ينبه بها علي غيرها مما لم يذكر
......................................
التعالم وأثره علي الفكر والكتاب 10

حماية طالب العلم من هذه الأدواء :

1- إخلاص النية لله تعالي :


لا يُوصف العمل بالقبول شرعا إلا إذا توفر ركناه: ( الإخلاص والمتابعة )


فالإخلاص : أن يكون لله تعالي ، لا نصيب لغير الله فيه متمحضا من شوب الإرادة لغيره.


والمتابعة: ويقال الصواب : أن يكون مما شرعه الله علي لسان رسوله محمد صلي الله عليه وسلم.


فشوب النية : يُورث الرياء والشرك .


وشوب المتابعة: يُورث المعصية والبدعة


وقد حث السلف على تصحيح النية في الطلب والبعد عن ابتغاء الشهرة، وعرض الدنيا ، ونيل المناصب، والحصول علي الوظائف ...


فهذه إرادات تُحطم قوته وتطفئ نوره


ومن أقوالهم :
ما صدق الله عبد أحب الشهرة
ينبغي للعالم أن يتكلم بنية، وحسن قصد، فإن أعجبه كلامه فليصمت، وإن أعجبه الصمت فلينطق، ولا يفتر عن محاسبة نفسه، فإنها تحب الظهور والثناء .

وقال أحدهم : أُصبت ببصري ، وأظن أني عُوقبت بكثرة كلامي أيام الرحلة

واليوم يكثرون الكلام مع نقص العلم ، وسوء القصد، ثم إن الله يفضحهم، ويلوح جهلهم وهواهم، واضطرابهم فيما علموه فنسأل الله التوفيق والإخلاص

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : فمن خلصت نيته في الحق ولو علي نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس ومن تزين بما ليس فيه شانه الله..
...........................................
التعالم وأثره علي الفكر والكتاب 11


حماية طالب العلم من هذه الأدواء :


2- في أن العالم لا يُتبع بزلته ولايُؤخذ بهفوته


ففي حديث البخاري لما بركت بالنبي صلي الله عليه وسلم القصواء فقال الناس خلأت القصواء فقال النبي صلي الله عليه وسلم :" ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل "


قال الحافظ ابن حجر : فيه جواز الحكم علي الشئ بما عرف من عادته، وإن جاز أن يطرأ عليه غيره ، فإذا وقع من شخص هفوة لا يعهد منه مثلها، لا ينسب إليها، ويُرد علي من نسبه إليها، ومعذرة من نسبه إليها ممن لا يعرف صورة حاله، لأن خلأ القصواء لولا خارق العادة لكان ما ظنه الصحابة صحيحاً، ولم يعاتبهم النبي صلي الله عليه وسلم علي ذلك لعذرهم في ظنهم.

فقد أعذر النبي صلي الله عليه وسلم غير المكلف من الدواب باستصحاب الأصل، ومن قياس الأولي إذا رأينا عالماً عاملاً، ثم وقعت منه هنة أو هفوة، فهو أولي بالإعذار، وعدم نسبته إليها والتشنيع عليه بها استصحابا للأصل، وغمر ما بدر منه في بحر علمه وفضله، وإلا كان المعنف قاطعاً للطريق ردءً للنفس اللوامة، وسبباً في حرمان العالم من علمه، وقد نُهينا أن يكون أحدنا عوناً للشيطان علي أخيه.

قال الصنعاني رحمه الله تعالي : وليس أحد من أفراد العلماء إلا وله نادرة ينبغي أن تغمر في جنب فضله وتجتنب.

وقد تتابعت كلمة العلماء في الاعتذار عن الأئمة فيما بدر منهم، وإن ما يبدوا من العالم من هنات لا تكون مانعة للاستفادة من علمه وفضله


قال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالي : ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه ، وعلم تحريه للحق، واتسع علمه، وظهر ذكاؤه، وعرف صلاحه وورعه واتباعه يغفر له زلله، ولا نضلله ونطرحه وننسي محاسنه، نعم: ولا نقتدي به في بدعته وخطئه ونرجو له التوبة من ذلك .

وقال الذهبي في ترجمة باني مدينة الزهراء بالأندلس : وإذا كان الرأس عالي الهمة في الجهاد، احتملت له هنات، وحسابه علي الله، أما إذا أمات الجهاد، وظلم العباد، وللخزائن أباد، فإن ربك لبالمرصاد .
..............................
التعالم وأثره علي الفكر والكتاب 12


حماية طالب العلم من هذه الأدواء :


3- في الزجر عن حمل الشواذ وغثاثه الرخص:


قال الطحاوي رحمه الله تعالي : ( ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة)


وقد صاح بهذا الضرب جلة العلماء، وأبانوا أن من منازل العبودية الأخذ بالعزائم والرخص الشرعية أما المفتعلة فهي عن الشرع بمعزل عن عزائمه ورخصه.


قال ابن القيم رحمه الله تعالي : ( ثم ذلك الخلاف قد يكون قولا ضعيفا، فيتولد من ذلك القول الضعيف الذي هو من خطأ بعض المجتهدين ، وهذا الظن الفاسد الذي هو خطأ بعض الجاهلين: تبديل الدين. وطاعة الشيطان، ومعصية رب العالمين، فإّذا انضافت الأقوال الباطلة إلي الظنون الكاذبة، وأعانتها الأهواء الغالبة فلا تسأل عن تبديل الدين بعد ذلك، والخروج عن جملة الشرائع بالكلية)


وقال الذهبي رحمه الله تعالي : في دخولات إسماعيل القاضي علي المعتضد العباسي :


( ودخلت مرة فدفع إلي كتابا، فنظرت فيه فإذا قد جمع له فيه الرخص من زلل العلماء، فقلت : مصنف هذا زنديق، فقال: ألم تصح هذه الأحاديث؟ قلت : بلي ولكن من أباح المسكر لم يبح المتعة، ومن أباح المتعة لم يبح الغناء، وما من عالم إلا وله زلة ، ومن أخذ بكلل زلل العلماء ذهب دينه. فأمر بالكتاب فأحرق )

وتجد الأقوال مجوعة في هذا الموضوع في رسالة : (زجر السفهاء عن تتبع رخص الفقهاء) وفي كتاب : ( السعادة العظمي) مبحث مهم


فالحذر ياعبد الله : أن تبني مجدك وحياتك علي العز الكاذب، بنشر الشذوذ والترخص الفاسد مبررا للواقع الآثم سعيا وراء الحظ الزائل، فقد نزل أناس عن كراسي العزة وزالوا، وكأنهم ما كانوا وبقيت وقائعهم علي اختلاف طبقاتهم قصصا تتلي للاعتبار
...................................
التعالم وأثره علي الفكر والكتاب 13


حماية طالب العلم من هذه الأدواء :


4- في التوقي من الغلط علي الأئمة في أقوالهم ومذاهبهم:


وقد حصل لي تتبع أشياء قد جمعتها في رسالة باسم : ( كشف الأجلة عن الغلك علي الأئمة)


هذا في الفقهيات وغيرها، وأما في السنن فقد بينته ولله الحمد في الأصول العامة من :


( التأصيل لأصول التخريج وقواعد الجرح والتعديل)


ومن أمثلة هذه الأغاليط:


• شهرة النسبة إلي الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالي من القول : بجواز تولي المرأة القضاء في غير الحدود.


وهذا غلط عليه في مذهبه، وصحة قوله: أن الإمام إذا ولي المرأة القضاء، أثم، ونفذ قضاؤها إلا في الحدود.


فأصل التولية عنده المنع.


• شهرة النسبة إلي مذهب الإمام مالك رحمه الله تعالي القول بالإرسال في الصلاة. وهذا غلط عليه في فهم عبارة المدونة وخلاف منصوصه المصرح به في الموطأ: القبض. وقد كشف عن هذا جمع من المالكية، وغيرهم في مؤلفات مفردة، تقارب ثلاثين كتابا، سوي الأبحاث التابعة والشروح والمطولات.


• واشتهر في مذهب الشافعي رحمه الله تعالي : القول بالتلفظ بالنية للصلوات. وهذا غلط عليه في فهم قوله :((الصلاة ليست كغيرها من العبادات فلا تدخل إلا بذكر) ففهم منه أتباع مذهبه ( التلفظ بالنية) والمراد بالذكر في قوله هو تكبيرة الإحرام


• ومن الغلط الذي تتابع عليه الأكابر : نسبة القول بفناء النار إلي الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالي وقد صرح في بعض المواضع بدوامها، وفي بعضها حكي وأحال الترجيح إلي من كان السمع بجانبه، وهو القول بدوامها؟


• ومنه من وجه آخر أن النحاة أوردوا قولهم ( لا تأكل السمك وتشرب اللبن) لبيان حكم إعرابي، فانتقلت هذه الجملة إلي حقيقة معناها، كأنه حديث صحيح، أو رسم طبيب، فكم تحامي الجمع بينهما من أجيال ..


وقد رأيناهما يقدمان علي موائد المترفين، والمهتمين في هذه الحياة برعاية أبدانهم، ومن الأطباء من ينصح بالجمع بينهما والله أعلم.


• ومن موجبات الغلط علي الأئمة رحمهم الله تعالي أن نري العالم يقرر المسألة، وينظر لها بعدد في مسائل يذكرها للتعضيد فهذه الفروع المذكورة استطرادا لا يمثل التعضيد بها، الرأي البات له فيها، ولهذا قالوا : سياق العالم للشئ في غير مساقه، لا يعتبر رأيا له.


• ومن موجبات الغلط علي الأئمة رحمهم الله تعالي عدم التفريق بين كلامهم في مجال التقرير ومجال النقض ، فالكلام في النقض يحتاج إلي توسع للرد علي الشبه، أما في مجال التقرير والبيان فالسلف قصروا ذلك علي موارد النصوص الثابتة.
..........................................
التعالم وأثره علي الفكر والكتاب 14


حماية طالب العلم من هذه الأدواء :


5- فصل الخصام بين داعي الدليل وداعي التقليد:


كم وقعت المماظة، والمخصامة بين هذين الداعيين فليعلم أن التجريح بغير حق لا يجوز، ورفض الدليل محرم لا يسوغ، والوسط الحق: الأخذ بالدليل مع وافر الحرمة والتقدير لأئمة العلم والدين في القديم والحديث

فقول داعي التقليد : إن الإمام مع مقلده كالنبي مع أمته هذا عين التعصب والهوي.


وقول داعي الدليل : إن الدليل للمسلم المسلم هدي النبي صلي الله عليه وسلم لأمته هذا عين الحق والهدي .


فيرفض من الأول غض النظر عن الدليل


ولا يرد في الثاني مسلك الوقيعة في أئمة العلم والدين


فيتخرج المذهب الحق، والقول الصدق، والطريق السوي، والمشرع الروي : الأخذ بالدليل مع إجلال أئمة العلم والدين ولا عصمةلإمام سوي سيد البشر صلي الله عليه وسلم وحيث يوجد الدليل ، يكون هو مذهب ذلكم الإمام كما صرح به كل واحد من الأربعة المشهورين


وبهذا يظهر فساد قول أبي الحسن الكرخي من الحنفية :


( كل آية تخالف ما عليه أصحابنا فهي مؤولة أو منسوخة وكل حديث كذلك فهو مؤول أو منسوخ)


وبطلان قول من أبصر أنوار الدليل فلم تنفتح لها بصيرته لتعصبه المذهبي فقال : (لم أخالفه حيا فلا أخالفه ميتا)

والمنصف يلتزم قول الإمام مالك رحمه الله تعالي:
( ما منا إلا من رد أو رد عليه إلا صاحب هذا القبر) وأشار إلي قبر النبي صلي الله عليه وسلم

وقد استكبرت ما سوده العلامة محمد الطاهر بن عاشور في كتابه ( مقاصد الشريعة الإسلامية) في معرض نعيه علي القصرين في عدم الالتفات إلي ما يحف بأحوال التشريع فقال : ( وفي هذا المقام ظهر تقصير الظاهرية والمحدثين المقتصرين في التفقه علي الآثار . وظهر بطلان ما روي عن الشافعي من أنه قال( إذا صح الحديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم فهو مذهبي ) إذ مثل هذا لا يصدر عن عالم مجتهد، وشواهد أقوال الشافعي في مذهبه تقضي بأن هذا الكلام مكذوب أو محرف عليه ..) انتهي


وقد فات الشيخ رحمه الله تعالي أن تلك المقولة الميمونة ( إذا صح الحديث فهو مذهبي) قد ثبتت بلفظها أو بمعناها بألفاظ متعددة عن الأئمة الأربعة المشهورين


فسبحان من صرف فهم هذا الأستاذ مع جلالته إلي هذا الوجه من التأويل المتعسف المنكود؟
.......................................................
التعالم وأثره علي الفكر والكتاب 14


حماية طالب العلم من هذه الأدواء :


6- في جُرم القول علي الله بلا علم :


إن التعالم هو عتبة الدخول علي القول علي الله تعالي بلا علم، بل : إن التعالم، والشذوذ، والترخص، والتعصب كلها منافذ تؤدي إلي جرم القول علي الله تعالي بلا علم


قال الله تعالي في سورة الأعراف -33


" قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ "


فهذه المحرمات الأربع تحريمها لذاتها تحريما أبديا في جميع الشرائع والملل، ومراتب الشدة فيها في الآية الكريمة علي سبيل التعلي فقال الله سبحانه:

" قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ" هذا أولها.


ثم ذكر سبحانه ماهو أعظم فقال سبحانه : " وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ"


ثم ذكر سبحانه ما هو أعظم فقال سبحانه : " وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا"


ثم ذكر سبحانه ما هو أعظم فقال : " وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ"


إذ القول علي الله تعالي بلا علم هو أصل الشرك والكفر والبدع المضلة والفتن الجائرة


وهذا مبسوط في إعلام الموقعين لابن القيم ج1 38 -39، 43-44، ج2 165-168، 260 ، ج4 173- 174

وفي إغاثة اللهفان لابن القيم ج1 ص 158


ومدارج السالكين لابن القيم ج1 372- 374


والداء والدواء ص 209- 210
وانظر منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص 17

انتهي الكتاب

( إيهاب) رحم الله المؤلف بكر بن عبد الله أبو زيد ما أروع كتبه وددت أن الكتاب لا ينتهي ولي ملاحظات أحب أن أذكرها هنا قبل أن أغادر إلي كتاب آخر وهي :


1- لا يكفي قراءة كلام بكر أبو زيد بل يجب دراسته


2- ينبغي لطالب العلم استقراء منهج بكر أبو زيد والتعلم منه في غير ما ذكر من مسائل


3- إحالات بكر أبو زيد كلها مهمة فلقد كان عالم موسوعي لا أظن أن لدينا الآن مثله


4- لا تغتر بقلة الورقات وقلة الكلمات التي تحدث فيها الشيخ عن أي مسألة فهذا خلاصة الكلام وهذا هو الرحيق المختوم والرجل علي طريقة السلف لا يتكلم إلا فيما يفيد ويتكلم علي قدر الحاجة


5- أدب الشيخ أحد أسرار نبوغه ومن مظاهر أدبه رحمه الله تعالي أنه لم يمر بعالم إلا وترحم عليه وهذا أدب مع العلماء رحمهم الله تعالي جميعا ، ثم إنه لم يكن يكتفي بقوله رحمه الله بل كان مواظبا علي قوله رحمه الله تعالي وهذا أدب مع الله تعالي اللهم أرحم وارفع درجة عبدك بكر أبو زيد كما فقهته في دينك وأدبته بأدبك


6- الحديث عن الفوائد التي يمكن لمرء أن يجنيها من كلام العلامة بكر أبو زيد يطول ولعل الله ييسره في موطن آخر
وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين

التعالم وأثره علي الفكر والكتاب

التعالم وأثره علي الفكر والكتاب


اسم الكتاب : التعالم وأثره علي الفكر والكتاب
اسم المؤلف: العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد
الطبعة الأولي 1408 هـ
عدد الصفحات : 115 صفحة

رابط المجموعة العلمية للتحميل

http://www.4shared.com/document/uJ9z4F02/_______________.html

ومنها كتاب التعالم وغيره للشيخ رحمه الله
......................
التعالم وأثره علي الفكر والكتاب 2

فكم رأينا نزالا في حلائب العلم ، من رائم للبروز قبل أن ينضج ، فراش قبل أن يبري، وتزبزب قبل أن يتحصرم، وقد قيل ( البداية مزلة ) وقيل من البلية تشيخ الصحفية ويؤثر عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قوله ( العلم نقطة كثرها الجاهلون) ،

شكي حالهم ابن القيم رحمه الله تعالي فقال :


هذا وإني بعد ممتحن بأر      بعة وكلهم ذوو أضغان
فظ، غليظ، جاهل، متمعلم    ضخم العمامة، واسع الأردان
متفيهق، متضلع بالجهل، ذو  ضلع، وذو جلح من العرفان
مزجي البضاعة في العلوم    وإنه زاج من الإيهام، والهذيان
يشكو إلي الله الحقوق تظلما    من جهله كشكاية الأبدان
من جاهل متطبب يفني الوري    ويحيل ذاك علي قضا الرحمن

وقال الحسن البصري رحمه الله :( اللهم نشكوا إليك هذا الغثاء)
وقال ابن حزم رحمه الله تعالي : ( لا آفة علي العلوم وأهلها ، أضر من الدخلاء فيها، وهم من غير أهلها ، فإنهم يجهلون ، ويظنون أنهم يعلمون، ويفسدون، ويقدرون أنهم يصلحون)

وقال أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله تعالي :


( قلما تقع المخالفة لعمل المتقدمين ، إلا ممن أدخل نفسه في أهل الاجتهاد، غلطاً، أو مغالطة)

والمتعالم فج الدعوي ، قال الحكيم الترمذي في صفة عموم الخلق : ( ضعف ظاهر ، ودعوي عريضة )

كل من يدعي بما ليس فيه فضحته شواهد الامتحان


ولذا قال قتادة رحمه الله تعالي :


( من حدث قبل حينه، افتضح في حينه)
والمتعالم محل إعجاب من العامة، فتري العامي إذا سمع المتعالم يجيش بتعالمه الكذاب، المحروم من الصدق وقوفا عند حدود الشرع يضرب بيمينه علي شماله تعجبا من علمه وطربا . بينما العالمون يضربون بأيمانهم علي شمائلهم ، حزنا وأسفا ، لانفتاح قفل القتنة، والتغرير بعدة المستقبل بله العوام
..............
التعالم وأثره علي الفكر والكتاب 3
مفتي الخنفشار


في كتب المحاضرات ، أن رجلا كان يفتي كل سائل ، دون توقف ، فلحظ أقرانه ذلك منه، فأجمعوا أمرهم لامتحانه، بنحت كلمة ليس لها أصل هي ( الخنفشار) فسألوه عنها، فأجاب علي البديهة : بأنه نبت طيب الرائحة ينبت بأطراف اليمن، إذا أكلته الإبل عقد لبنها ....


وقال دواد الأنطاكي كذا وكذا ..


وقال النبي صلي الله عليه وسلم ، فاستوقفوه، وقالوا : كذبت علي هؤلاء ، فلا تكذب علي النبي صلي الله عليه وسلم، وتحقق لديهم أن ذلك المسكين : جراب كذب

ومن الخنفشاريين خبير النعنع ، ففي ملح التاريخ كما ذكر السخاوي : أن جهنيا كان من ندماء المهلبي ، وكان يأتي بالطامات فجري مرة حديث في النعنع، فقال : في البلد الفلاني نعنع يطول حتي يصير شجرا ، ويعمل من خشبه سلالم فثار منه أبو الفرج الأصبهاني صاحب الأغاني فقال : نعم : عجائب الدنيا كثيرة ولا ينكر هذا والقدرة صالحة ، وأنا عندي ماهو أغرب من هذا : أن زوج الحمام يبيض بيضتين فآخذهما وأضع تحتهما سنجة مئة ، وسنجة خمسين – السنجة كفة الميزان- فإذا فرغ زمن الحضانة انفقست السنجتان عن طست وإبريق، فضحك أهل المجلس ، وفطن الجهني لما قصد الفرج من (الطنز) وانقبض عن كثير من حكاياته .

ومنهم الجوباري: أحمد بن عبد الله الجوباري ، إذ بلغ من كذبه وتغفيله: أنه لما ذكر له اختلاف المحدثين في سماع الحسن البصري رحمه الله تعالي ، من أبي هريرة رضي الله عنه، ساق بإسناده قوله : أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : سمع الحسن من أ[ي هريرة!
....
وما هذا إلا لتسنم العلم أغمار ركبوا له الصعب والذلول ، وظنوا أن العلم ينال بالراحة ولما يملؤا منه الراحة، فتهافتوا علي مناصب العلم في الفتيا، والتأليف، والنشر، والتحقيق، وصاروا كتماثيل مدسوسة بأيديهم هراواي يضربون في عقول الأمة حيناً وفي تراثها أحيانا ، مكدرين – وحسابهم علي الله – صفو الأمة في دينها وفي علمها. وهل العلم والدين إلا توأمان لا ينسلخان إلأا في حساب من انسلخ منهما .

ومن حديث أبي أمية الجمحي رضى الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : (من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر) رواه البخاري
...


ويمكن إجمال الأسباب إلي :


1- قعود المتأهلين عن البلاغ، ونزول ساحة المعاصرة
2- ضعف الإمداد السلين ( التكوين)
3- ضعف الالتفات إلي تلمس العلل وعلاجها
4- استشراء داء ( حب الشهرة) لغياب قوة : " الإيمان"
5- انفصام عروة الاتصال بين الطالب ، وكتبب السلف إذ أن التلقي صار بالمذكرات ، والمؤلفات الحديثة
6- قلب ( لغة العلم) في المصطلحات بما لا يتواطأ مع ( لغة العلم) لكتب السلف
فهذه غصص مولدة للأوجاع المذكورة .
.........................
التعالم وأثره علي الفكر والكتاب 4

يروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه هتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل
وقال بعضهم : العلم دعوي والعالم مدعي ، والعمل شاهد، فمن أتي بشهود دعواه صحت للمسلمين فتواه

ظواهر التعالم :
1- التعالم في الفتيا : والفتوي جمرة تضطرم ، فاسمع ماشئت من فتاوي مضجعة، محلولة العقال، مبنية علي التجري لا التحري، تعنت الخلق، وتشجي الحلق، لا تقوم علي قدمي الحق، بل ولا علي قدمي باطل وحق، حتي هزأ بهم كبار الأجراء ، وقالوا : ( فُتيا بفرخة)

ومنه : ما تراه في أحوال بعض المنتسبين إلي العلم تراه قد غرز قدميه في بقعة التعالم ، لا يري من يعشره ، مسرورا بما يساء به اللبيب، يأنف من التجاسر علي صرف المستفتي بلا جواب ، فيتجاسر علي القول علي الله بلا علم


قال بعض العلماء : قل من حرص علي الفتيا ، وسابق إليها ، وثابر عليها إلا قل توفيقه، واضطرب في أمره


وإن كان كارها لذلك غير مختار له ما وجد مندوحة عنه، وقدر أن يحيل بالأمر فيه إلي غيره: كانت المعونة له من الله أكثر، والصلاح في فتاويه وجوابه أغلب.


قال بشر الحافي : من أحب أن يُسأل فليس بأهل أن يسأل

قال ربيعة شيخ مالك :( ولبعض من يفتي ههنا أحق بالحبس من السراق)
..
وهذا الضرب إنما يستفتون بالشكل لا بالفضل، وبالمناصب لا بالأهلية، قد غرهم عكوف من لا علم عنده عليهم، ومسارعة أجهل منهم إليهم، تعج منهم الحقوق إلي الله عجيجا، وتضج منهم الأحكام إلي من أنزلها ضجيجا

تنبيه مهم :


في بعض وقائع تاريخية تفيد وقف الفُتيا علي من أُذن له دون غيره، وقصرها علي أقوام دون آخرين .


منها : ما رواه ابن سيرين أن عمر رضي الله عنه قال لابن مسعود رضي الله عنه :( نُبئت أنك تفتي الناس، ولست بأمير فول حارها من تولي قارها ) قال الذهبي رحمه الله تعالي بعده :


( يدل علي أن مذهب عمر أن يمنع الإمام من أفتي بلا إذن)


وفي ترجمة الإمام مالك رحمه الله تعالي ذكر الخطيب بسنده عن حماد بن زيد رحمه الله تعالي أنه سمع مناديا في المدينة أن لا يفتي في مسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم سوى مالك ..


وعليه : فيجب علي من بسط الله يده ، أن يقيم سوق الحجر في الفتيا علي المتعالمين، فإن الحجر لاستصلاح الأديان أولي من الحجر لاستصلاح الأبدان والأموال، وإن الوالي إن لم يجعل علي الفُتيا كبلا فيسسمع له طبلا وأن لا يمكن من بذل العلم إلا المتأهل له .
...........................
التعالم وأثره علي الفكر والكتاب 5

ظواهر التعالم :


2- القضاء : التعالم في القضاء بلية لا لعاً لها ، وفتنة وقي الله شرها، إذ القضاء سر الدولة ، وعنوان قوتها من ضعفها، لنفوذه علي حرمات العباد لاسيما في ضروريات حياتهم


3- تعالم التافهين الفاشلين في التحصيل بلة التحقيق بتفسير كتاب الله تعالي ، إذ أمرتهم السنون ولما يبرزوا، فسلكوا ذلك المنحي الخطير ليظهروا . وقد ابتلي المسلمون من قبل ومن بعد بجهود منكرة من طراز آخر ، وأسوء مثال في المعاصرة ما يراه البصير في كتابي ( صفوة التفاسير) و (مختصر تفسير ابن كثير) كلاهما لخلفي محترق ؟.


4- ومنه تعالم بعض المنتسبين لخدمة السنة المشرفة وأنواعه متعددة :


فمنها : اتساع الدعوي فخبطوا في الرواية خبط عشواء في : التصحيح والتضعيف ومستكره الفهم والتأويل، وسرعة الحكم بلا استقراء والنفي بلا إحاطة ، إلي غير ذلك في فلاة مضلة، من وجوه العبس، وضروب المناكدة والهوس


ومن سماجتهم : البدار إلي التأليف في أوائل الطلب ثم هو يرسم علي طرته: تصنيف أبي فلان .. سامحه الله وغفر له ولوالديه ولمشايخه، وأعرف منهم من لم يدرس علي شيخ ، ولكن هذا من شدة التيه ، والتمشيخ


ومن أنواع زغلهم في التحقيق: وهو مبحث نفيس قل من لحظه من المتأخرين، فوقعوا في التوهيم وهم الواهمون .


ذلك أن كتب السنة المشرفة في بعض نسخها اختلاف ، لاختلاف رواتها، فقد يكون الخلاف في باب بأكمله أو في حديث أو في لفظ منه ، وهكذا .


كما في روايات الموطأ وروايات البخاري وقد حرر - روايات البخاري - الخلاف أيما تحرير شيخ هذه الصناعة، وإمام الجماعة، الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري


ومثاله أيضا، أن النسائي رحمه الله تعالي ، له السنن الكبري ثم مختصرها لتلميذه ابن السني علي الصحيح باسم المجتبي أو المجتني وقد اشتهرت باسم سنن النسائي الصغري ، والحافظان : المنذري ، ثم المزي ، إذا قاالا في حديث أخرجه النسائي، فإنما يقصدان به الكبري دون الصغري، ثم يأتي متعالم فيقول في حديث : ليس في سنن النسائى يقصد الصغري فيوهم المنذري وغيره وهو الواهم الغالط.


ومنها : أن الحديث قد يكون في زوية من صحيح البخاري، أو صحيح مسلم، أو غيرهما، رحم الله الجميع فينتزعه عالم في كتابه فيأتي متفاصح بالتحقيق فيرجع إلي مظنته من صحيح البخاري مثلا فلا يجده فيتدارك علي المؤلف بالتوهيم .
..........................
التعالم وأثره علي الفكر والكتاب 6

ظواهر التعالم :


5- في الفقهيات : علم أحكام أفعال العباد و هو باب ولج معه صنوف من البشر : فقيه مترخص، وآخر آخذ بالشاذ والقول المهجور، وثالث لا يدري اصطلاح الفقيه في عبارته، ورابع فقاهته بالتشهي،


وهذا تبيان لبعضها:


(أ‌) دعوي تغير الفتوي بتغيير الزمان وهذه قاعدة صورية لا حقيقية، إذ أن جميع من يذكرها من الفقهاء الماتنين، والشارحين، يقيدونها بخصوص تغير الأعراف إذ الأحكام علي مجموعتين : أحكام ذات نص فلا ينسحب عليها هذا التأصيل . وأحكام اجتهادية تتغير بتغير الأعراف، وهذا مما تتغير به الفتوي بتغير الزمان والأحوال .


والعصرانيون دخلوا من هذا التقعيد الصوري إلي أوسع الأبواب فأخضعوا النصوص ذات الدلالة القطعية كآيات الحدود في : السرقة، والزنا، ونحوهما، بإيقاف إقامة الحدود، لتغير الزمان، وهكذا مما نهايته انسلاخ من الشرع تحت سُرادق موهوم.


(ب‌) دعوي فتح باب الاجتهاد : وهي كلمة حق يراد بها باطل ، وهذه من أعظم مداخل الاستعمار ، للاقتراب بالإسلام من أفانين المدنية الحاضرة.


(ت‌) التلفيق المذهبى: بالشذوذ والترخص، بمعني التقاط رخص المذاهب، والأقوال المهجورة، لتلاقيها مع النظرة التبريرية لواقع المسلمين اليوم.


(ث‌) الدعوة إلي تقنين الشريعة ، ووقف تحكيمها بدعوي عدم تقنينها، وهي دعوة تعللية للماطلة في تحكيمها مكشوفة الغاية : الرفض الأ[دي لتحكيم الشريعة من حال مدعي عدم التقنين


(ج‌) التأويل لنصوص الأحكام وهو في البطلان كظاهرة التأويل لنصوص الأسماء والصفات، ومفاده : لي أعناق النصوص عن معانيها ، وتحميلها ما لا تحتمله، وحملها علي الوجوه الباردة، والآراء المتعسفة المنكودة، بما لا تطيقه لغة العرب في سنن كلامها ومناحي لسانها .


(ح‌) مقارنة الإسلام بغيره من القوانين الكافرة، والأديان الباطلة ، وهذه فتنة ترقت إلي رؤوس أساتذة الجامعات وتسربت منهم إلي طلابها ، لإظهار فضل الشريعة زعموا! فانظر إلي مئات الرسائل الجامعية ، والكتب الحرة بمقارناتها التي يظهر في العديد منها : ضعف موقف الكاتب – لقصوره – من بيان ظهور حكم الإسلام في مسألة ما علي الدين كله . وهذه من أعظم الأبواب التي يدخل منها الداخل علي الإسلام والمسلمين مع ما فيه من ترقيق الديانة ، وكسر حاجز النفرة من الكفر والكافرين ، والبغضاء لهم وليس من هذا الرد علي شبهة أو بدعة انتشرت واشتهرت فإن هذا واجب .


(خ‌) التردد بين إثبات القياس ونفيه ، والاتكاء في نفيه علي مذهب الظاهرية، وانتصار ابن حزم له، وهو مذهب الرافضة .


(د‌) ومن أبلده مسلك ( حشوية الفروع) وهم الذين يخرجون الفروع علي الفروع المختلف فيها ، لا علي القواعد والأصول

تحذير بكر أبو زبد لطلبة العلم

تحذير العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد لطلبة العلم

فالحذر يا عبد الله : أن تبني مجدك وحياتك علي العز الكاذب، بنشر الشذوذ والترخص الفاسد مبررا للواقع الآثم سعيا وراء الحظ الزائل، فقد نزل أناس عن كراسي العزة وزالوا، وكأنهم ما كانوا وبقيت وقائعهم علي اختلاف طبقاتهم قصصا تتلي للاعتبار

من كتابه الماتع التعالم

الأحد، 23 يناير 2011

نصيحة بكر أبو زيد لطلبة العلم

نصيحة بكر أبو زيد لطلبة العلم
وأنصح نفسي وإخواني بالجد في الطلب، وتحرير المسائل، وضبط الأصول، وجرد المطولات، وكثرة التلقي، والدأب في التحصيل وأن لا يشغل المرء نفسه بالتأليف في مثاني الطلب قبل التأهل له، فإن التأليف في هذه المرحلة يقطع سبيل العلم والتعلم، ويعرض المرء فيه نفسه قبل نضوجها.
والتأليف المقبول لابد أن يكون بقلم من اتسعت مداركه، وطال جده وطلبه، والصنعة بصانعها الحاذق، ومعلمها البارع .

السبت، 22 يناير 2011

عدة التوثيق

عدة التوثيق وهي :



1- إثبات فروق النسخ، وما عليها من حواشي وهي المسماة ( الإبرازات)


2- استكمال الخرم : نتيجة انتقال النظر أو ما يسمي عبور النظر، ولنحوه من الأسباب- يقع من مؤلف أو ناسخ.


3- ضبط مشكل الكلمات و إيضاح غامضها ومشكلها .


4- تخريج نصوص الأصل بذكر مصادرها ، لا بإعادة نقلها من تلك المصادر التي قد تبلغ صفحات فإنه يلزم الدور بالتحقيق لهذه ، وما هذا الصنيع إلا من زغل العلم وتقليد الأوراق وآثام التجديد وقواصم التعلم! وفاعلها لا يعدو أن يكون ( محضر نصوص) فحسب .

 من كتاب التعالم للعلامة بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله تعالي